بقلم: سحر غريب
رغم أن العنوان قد يكون صادمًا بعض الشيء حيث عوّدتنا ثقافتنا الموروثة أن الآخرين دائمًا مخطئون وأن الحياة لا تحتمل أكثر من رأي صحيح واحد، إلا أننا حقًا شعبًا يعيش تحت خط الفقر وفقرنا ليس فقرًا في الأموال لا سمح الله ولكنه فقر مدقع في الفكر والعقلانية والمفهومية، فالحكومة الفاسدة ما هي إلا نتاج لشعب فاسد أو شعب صامت عن الحق، شعب من الشياطين الخرساء والعمياء.
فنحن دائمًا نُلقي بعبء مشاكلنا على الحكومة، الحكومة عملت... الحكومة سوّت... الحكومة ماتت وكأن المحكومون ما هم إلا مجموعة مصمتة من الكراسي الصماء التي لا تصد ولا ترد ولم نسأل أنفسنا ولو بصورة عابرة هل هؤلاء الحكام مستوردون من الخارج ليحكمونا أليسوا منّا وعلينا؟
مَن الذي أختارهم ليحددوا مصيرنا؟ ومَن الذي أمتنع عن المشاركة بصوته في انتخابات كانت كفيلة بتغيير دستوري أو تغيير رئاسي؟؟ ولكننا فضلنا الامتناع ثم مصمصة الشفاه على حال البلد المتردي حتى الانتخابات التي تحدد مصيرنا ما هي إلا انتخابات معروفة النتيجة مسبقًا، انتخابات صورية لا أكثر ولا أقل نثبت بها للعالم أننا دولة تحترم صناديق الاقتراع وتنتهج الديمقراطية رغم أن الديمقراطية من الرفاهيات الغير مُعترف بيها على أرض مصر مهد الحضارة.
لو عدنا معًا إلى الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي ظهرت بعد سنين من سياسة الحاكم الأوحد الممنوع البت في أمره أو التخيير بينه وبين غيره وبعد سنين من انتهاجنا للمقولة التي تفيد بأن اللي نعرفه أحسن من اللي مانعرفهوش والتي رسختها أكثر وأكثر أحداث الانتخابات الأخيرة، فالذي حدث هو أن الانتخابات لم تكن إلا مسرحية هزلية قام ببطولتها مجموعة من المُعاقين سياسيًا فتم اختيار أبطالها بصورة متقنة لإظهار أن الحاكم الحالي هو الرجل الوحيد القادر على قيادة شعبنا، وكأن مصر قد عقمت إلا من لابس الطربوش الذي تنحصر خطته الرئاسية في إعادة المجد الغابر للطربوش والذي ردد بأن اسم الرئيس الحالي سيكون هو الاسم الوحيد الذي سيكتبه على ورقة الانتخابات، أو الرجل الآخر رئيس حزب الوفد الذي رفع شعار انتخبوني وحاسبوني والذي أثبتت الأيام أنه لا يصلح بأي حال من الأحوال لرفع مثل هذا الشعار.
فرغم أن هذا الشعار الجديد من نوعه هو ما جذب إليه الأنظار وقتها إلا أنه عندما أختلف مع أعضاء حزبه ثار عليهم وقامت الدنيا ولم تقعد في الحزب ودخل الحزب ساحات المحاكم، ثم رئيس حزب الغد الذي جاء ليحارب الفساد والمفسدين ليثبت القضاء أنه مزور وفاسد في حزبه.
هل تلك العاهات هي أفضل ما انتجته مصر الولادة؟! أين المصلحون، هل عقمت مصر إلا عن هؤلاء، أم هل كان شرطًا من شروط دخول الانتخابات أن المحترمون الصالحون يمتنعون؟!
إن تلك الانتخابات وما حدث بعد ذلك من أحداث مؤسفة ترسخ داخلنا الشعور بالخوف من القادم، فقد صوّرت لنا الانتخابات أن الرئيس الحالي هو فلتة لن تتكرر مع الزمان، فهل ستخرج علينا الانتخابات الرئاسية القادمة بتمثيلية أخرى ركيكة أم سيأتي رجلاً مناضلاً ليقتحم المجال ويثبت للمصريين أن الأمل حيّا يُرزق. |