الأقباط متحدون - حوار مع الكاتب و المترجم المصرى يوسف نبيل
  • ١٨:٤٠
  • الجمعة , ٨ ديسمبر ٢٠١٧
English version

حوار مع الكاتب و المترجم المصرى يوسف نبيل

سامح سليمان

حوارات وتحقيقات

١١: ٠٨ ص +02:00 EET

الجمعة ٨ ديسمبر ٢٠١٧

الكاتب و المترجم المصرى يوسف نبيل
الكاتب و المترجم المصرى يوسف نبيل

 قام باجراء الحوار و إعداد الأسئلة : سامح سليمان

سامح سليمان : نرحب بك أستاذ يوسف و نرجوا تعريف القارئ بشخصكم الكريم .
 
يوسف نبيل خريج كلية الألسن جامعة عين شمس قسم اللغة الروسية 
 
صدر لى عدة ترجمات منها : صبي مع المسيح عند شجرة عيد الميلاد: دستويفسكي ، عن العصيان ومقالات أخرى: إريش فروم،امرأة صغيرة وقصص
 
أخرى: كافكا عن دار روافد السند المزيف: ليف تولستوي. سلسة الجوائز – الهيئة المصرية العامة للكتاب ، في الدين والعقل والفلسفة: ليف تولستوي. آفاق .
 
و تحت الطبع : قاموس فولتيير الفلسفي المختصر – فولتير – مؤسسة هنداوي.
 
العادلون – سوء التفاهم – ألبير كامو. كامو للنشر
 
الحرس الأبيض – ميخائيل بولجاكوف – دار الخان.
 
هل فعلها؟ وقصص أخرى – ستيفان زفايج – مسكيلياني.
 
كما حصلت على العديد من الجوائز وهى : 1 _ جائزة ساقية الصاوي في القصة القصيرة عن قصة: ظمأ: 2008
 
2 _ جائزة إحسان عبد القدوس فى الرواية عن رواية موسم الذوبان - 2011
 
_ جائزة هيئة قصور الثقافة لأفضل رواية تنشر فى سلاسل النشر الإقليمى على مستوى الجمهورية عن رواية موسم الذوبان – 2012.
 
_ جائزة ساقية الصاوي في الرواية عن رواية: وقتًا للبكاء: 2013 .
 
س : ما رأيك في الحالة الثقافية لمصر فى الفترة الحالية : أعلام _ سينما _ الأدب بأنواعه ؟
ليس لدينا إعلام... أقصد الكلمة بمعناها المباشر والحرفي، فيمكنك أن تطلق ما تشاء على ما ندعوه إعلاما، لكنه من حيث معنى المصطلح ودوره فما لدينا ليس له علاقة إطلاقًا بأي إعلام، وبالنسبة للسينما فقد تم إفسادها عمدًا عن طريق اجراءات منظمة واضحة لا لبس فيها. يمكنك بسهولة أن تتحدث مع أي من مخرجي ما ندعوها "السينما المستقلة" وهو مصطلح ليس دقيقًا، إلا أنك على أية حال ستدرك الاجراءات التي تم صنعها من أجل أن تجعل صناعة فيلم أمرًا مستحيلا سوى من كبار الشركات التي تديرها في النهاية رؤوس أموال لا تدرك أصلا معنى كلمة فن. حتى أكبر المخرجين واجهوا مشاكل ضخمة في العقود الأخيرة في صنع فيلم  واحد جيد،.الأدب ربما حاله أفضل قليلا من الإعلام والسينما... بل أفضل كثيرًا، فلدينا أسماء موهوبة وبقية من كبار الأسماء، يكتبون ويقدمون منتجًا في النهاية يمكن أن نقدره، ولكن مشكلة الأدب الحقيقية من وجهة نظري تكمن في القرَّاء والحالة الثقافية العامة، حيث أن قلة القرَاء مع ارتفاع الأسعار الرهيب يجعل دور النشر تواجه مأزقًا حقيقيًا، بالإضافة لمشاكل تنظيمية أخرى بالصناعة، لكن في النهاية لديك منتج حقيقي حتى لو كان ضئيلا جدًا، وهذا يختلف عن السينما التي يمكن أن تمر عدة أعوام دون فيلم متوسط واحد.
 
س : أيهما أكثر قدره على التعبير و التواصل مع القارئ الرواية أم القصة القصيرة ، و هل أنتهى زمن القصة القصيرة ؟
كل جنس فني بشكل عام قادر على التواصل مع جمهوره، وأعتقد أنه ليس هناك من يقرأ الروايات ويمتنع إطلاقًا عن قراءة القصص القصيرة أو العكس، ولا أعرف من هو صاحب هذه الفكرة الغريبة التي تدعي أن الرواية وحدها هي المسيطرة على الساحة الأدبية. لدينا مجموعة كبيرة ومتميزة من كتاب القصة القصيرة ولهم قراءهم ومتابعيهم، أما قدرة العمل الفني على التفاعل مع المتلقي فهي ليست مرتبطة بنوعه بقدر ما هي مرتبطة بجودته وجودة المتلقي سويًا.
 
س : ما هى أهم الأعمال التي قد ساهمت فى تكوين رؤيتك الفكرية و الأدبية ؟
في كل فترة عمرية من حياتي ظهرت أسماء قلبت  حياتي رأسًا على عقب. قررت أن أكتب جنس الرواية تحديدًا بسبب دستويفسكي وانبهاري به في فترة المراهقة. لغاندي وتولستوي تأثير كبير أيضًا عليَّ، وكذلك إريش فروم.
 
س : هل تحققت لديك رؤية واضحة حول مشروعك الفكري ؟
إلى حدا ما لكنها ليس رؤية جامدة، بل تتطور باستمرار. مشروعي الفكري بأكمله كما أظن يتمحور حول فكرة التغيير (الذاتي والمجتمعي بأكمله) وهو الموضوع الرئيسي في رواياتي تقريبًا، وإلى حد ما في اختيارات الكتب التي أترجمها.
 
س : فى رأيك ما أسباب المغالاة عند المتدينين و الملحدين ، و ما رأيك فى مثقفينا ؟
أسباب المغالاة لدى الطرفين تعود إلى أمر واحد في رأيي، وهي أنه ليس لدينا لا متدينين ولا ملحدين حقيقيين إلا فيما ندر. بعكس ما هو شائع نحن منطقة لا تهتم بالدين على الإطلاق، ولم نحسم أمره إطلاقًا، وغالبية الحركات الدينية في الشرق العربي مزيفة، تتخذ مظهر الدين لكنها لا توليه أي اهتمام على الإطلاق ، هل يمكن لعاقل واحد يعرف طبيعة المصريين أن يعتقد أن الدين يلعب أي دور حقيقي ومؤثر في حياتهم اليومية؟ أعتقد أنها نكتة سمجة... نحن لا نلتفت إلى هذه القضية على الإطلاق وكل علاقتنا مع الدين والمؤسسات الدينية نفعية بشكل مباشر وتعود إلى أسباب نفسية في المقام الأول، لكن لا يوجد في الشرق من يمكنه أن يضحي مثلا بما هو نفيس وغالي من أجل موقف ديني ،  كثير من المناسبات الدينية في مصر تتحول إلى شكل شعبوي اجتماعي لا يخص الدين على الإطلاق، فلا يمكنك أن تفهم إطلاقًا ما العلاقة بين صوم رمضان وبين الاستهلاك الجنوني للأطعمة في هذا الشهر، وبين الفوانيس وبين حلاوة المولد وولادة النبي... كلها مظاهر شعبية نجح المصريون عن طريقها في تجريد المناسبة الدينية من جوهرها كاملا وتحويلها إلى مناسبة للاستهلاك الاجتماعي بغرض إشاعة بعض الفرحة. لاحظ ايضًا أن أن كثير من المثقفين يعتبرون هذا مظهرًا من مظاهر السماحة الدينية. تجد في الريف مثلا مسلمين يلجأون إلى بعض الرهبان من أجل شفاء مرضاهم مثلا، فهل يمكن لمسلم يتخذ دينه على محمل الجد وهو يعرف أن هذا الراهب يؤمن بألوهية المسيح، أن يذهب إليه طلبًا لشفاء مريض؟ لا يمكنك أيضًا فهم علاقة الصوم المسيحي بتناول أطعمة معينة والإقلاع عن البعض الآخر، وفي أصوام معينة يتناولون السمك وأخرى لا يتناولونه، وكثير من التفاصيل الحمقاء التي لا تفهم منها سوى أن ظاهر الأمر يتناقض كاملا مع جوهره.
 
كذلك الأمر مع الملحدين... لا يمكنك أن تفهم الفارق الحقيقي بينهم وبين المتدينين في مصر... يعيشون بالطريقة نفسها بلا أي اختلاف تقريبًا.
 
عندما لا يكون لديك موقف حقيقي من قضية ما تظل طوال الوقت تغالي في ردود أفعالك تجاه هذه القضية.. أو تحاول أن تبرز العكس، فمثلا تجد الخائف ينظر إليك ويقول لك: أنا مش خايف.. أنا مش خايف، أو تجد الكاذب يكرر بشكل غير طبيعي: صدقوني... والله... ويزيد في القسم بشكل ملفت للنظر. إن أردت دليلا واضحًا على عدم اهتمام المصريين الحقيقي بقضية الدين أنظر إلى كم الأكاذيب التي يكذبونها يوميًا. كثيرًا جدًا اثناء تواجدي في المواصلات أسمع أحدهم يقول لآخر في الهاتف أنه وصل إلى المنطقة الفلانية وهي تبعد عنه بأكثر من ساعة مثلا، ويقول هذا بصوت عال ولا يشعر بأي خجل.
 
طالما لم نحسم إشكالية الدين فلن تقوم لنا قائمة... فهو بهذه الطريقة حمل ثقيل على أكتافنا ونحن لا نعرف كيف نتماهي معه أو نتخلص منه 
 
س : هل الترجمة خيانة للنص ؟ و هل أنت مع أم ضد الترجمة عن لغة وسيطة ؟
بالطبع ليست الترجمة كذلك. الترجمة فعل إبداعي غير متخارج عن إبداع المؤلف الأصلي... إنها عملية قاسية من التماهي بين المترجم والكاتب الأصلي بهدف إخراج هذا العمل في لغته الجديدة، أما الذين يتحدثون عن عدم إمكانية هذا على الإطلاق، فهم لا يؤمنون بأي طريقة للتفاهم الإنساني، بل إنهم يقولون أن اللغة الأصلية نفسها غير قادرة على التعبير عما يجول أي شخص، وهي رؤية عبثية وحمقاء في الوقت ذاته ولا تستحق حتى الالتفات إليها، ومن يتحدثون عنها يحاولون شرحها لنا دون الالتفات إلى مناقضة هذا الفعل نفسه لما يقولونه.
 
ولكن لا يجب أن نتغاضى عن مشاكل الترجمة، فأي نص مترجم لابد وأن يكون قد أفقد النص الأصليى بعضًا من روحه.. هذا أمر حتمي، لكني أعتقد أن لهذا أسباب أخرى بالإضافة لقدرة المترجم.. أقصد نوعية العمل المترجم... الشعر مثلا أصعب كثيرًا من النثر بسبب خصوصيته اللغوية الحادة، وثمة بعض النصوص التي تتعلق بثقافة اجتماعية في وطن الكاتب بشكل يُصَّعب من ترجمة العمل بشكل مبالغ فيه، ولكن أغلب الأعمال العظيمة يمكنها أن تتماس مع بشر مختلفين من كل بقاع العالم
 
أما بالنسبة للغة الوسيطة فلست ضدها من حيث المبدأ. يكفي أن ألفت نظرك إلى أنه إن لم نقرأ ترجمات عن لغة وسيطة فلم نكن قد عرفنا الأدب الروسي مثلا حتى الآن، فأغلب ترجماته عن الفرنسية والانجليزية... ثمة أعمال عظيمة عرفناها عن طريق ترجمات وسيطة مبهرة، وثمة ترجمات عن اللغة الأصلية لا يرقى مستواها إلى بعض الترجمات الوسيطة. ولكن ما هو منطقي أنه إن كانت لديك  الإمكانية في ترجمة العمل عن لغته الأصلية من مترجم محترف، فقطعًا سيكون هذا أفضل من ترجمته عن لغة وسيطة، وإن كانت لديك هذه الإمكانية في الأساس فلما أصلا ستلجأ إلى لغة وسيطة؟ أنت تلجأ إلى لغة وسيطة بسبب عدم توفر مقدرة على ترجمة العمل من لغته الأصلية لأسباب مختلفة، لذا فطالما ليست لديك الفرصة  فلا يجوز أن تمنع العمل عن القاريء بسبب أن ترجمته عن لغة وسيطة.  لاحظ أيضًا أن الأمر يعتمد جدًا على مدى دقة الترجمة الوسيطة. إن ترجمت نصًا روسيًا مثلا عن ترجمة إنجليزية، فما مدى دقة هذه الترجمة الإنجليزية؟ سنحت لي الفرصة لمقارنة نصوص روسية ببعض ترجماتها الإنجليزية، وبعضها كاد ان يتطابق مع النص الأصلي تقريبًا، بحيث إنك إن ترجمتها عن الإنجليزية لن تفقد الكثير، ولكن قطعًا إن ترجمتها عن لغته الأصلية ستفقد أقل فأقل، وتختلف الدرجة في ارتباطها بنصوص اجتماعية أكثر فأكثر... كلما كان النص مرتبطًا بثقافة معينة وعادات ومصطلحات وأحداث معينة فيحبذ هنا الترجمة عن الأصل. بشكل عام الترجمة عن الأصل قطعًا أفضل، لكني لا أعارض اللغة الوسيطة.