ماعت تحذر : العالم على مشارف أكبر تهديد للقيم الحقوقية ومصائر الشعوب
١٥:
١٢
م +02:00 EET
الأحد ١٠ ديسمبر ٢٠١٧
الإرهاب والحروب الأهلية والاحتلال وضعف المنظومة الأممية تفرض ضرورة المراجعة .
10-12-2017
يحتفل العالم اليوم العاشر من ديسمبر 2017 بذكرى إقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مثل هذا اليوم قبل 69 عاما ، وهو الإعلان الذي مثل أول وثيقة أممية تحظي بقبول دولي عام وترسخ لمجموعه من الحقوق والحريات ، وتضع أساسا للعديد من الالتزامات التعاقدية التي تضمنتها فيما بعد الاتفاقيات والعهود اتفاقيات وبروتوكولات حقوق الإنسان التي توالت تباعا .
يحتفل العالم بهذه الذكري بعد أيام قليلة من قيام الولايات المتحدة الأمريكية بوصفها القوة العظمى في العالم باتخاذ قرارا يخالف كل القيم والأعراف الحقوقية ، ويضرب حق تقرير المصير في مقتل ، وينزع عن السياسة الدولية أي قيمة حقوقية وهو قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ، ورغم أن غالبية دول العالم الحر رفضت هذا القرار واعتبرته عدوانا على الشرعية الدولية ، إلا إنه يبقي قرارا دالا على طبيعة تعامل القوى الكبرى مع قضايا حقوق الإنسان ، ومؤشرا خطيرا لمدى قدرة المنظومة الأممية على فرض الالتزام بأحكامها وقراراتها .
كما يأتي الاحتفال هذا العام في ظل تصاعد غير مسبوق لموجة العنف والإرهاب والتطرف الذي يغزو العالم بشكل عام ، ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص ، حيث دأبت دول بعينها في المنطقة على استخدام الجماعات الإرهابية لإيذاء جيرانها وتحقيق طموحاتها الإقليمية ، ومن ثم وفرت الغطاء السياسي والدعم التمويلي واللوجيستي والمنابر الإعلامية للجماعات الإرهابية لتعيث في الأرض فسادا وتعطل مجموعه الحقوق والحريات الأساسية وفي القلب منها الحق في الحياة والحق في التنمية .
إن العالم يجد نفسه بعد 69 عاما من إقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، في وضع لا يختلف كثيرا عن الظروف التي أنتجت هذا الإعلان ، فكما كان العالم خارجا لتوه من حرب عالمية طاحنة سقط ضحيتها ملايين الأبرياء ، فإنه الآن يقف في وسط حروب أهلية طاحنة في سوريا واليمن وليبيا والصومال وجنوب السودان ومناطق أخرى بالعالم ، وكما كانت خطابات الكراهية والتعصب سائدة من قبل ، فإنها تعود للظهور بقوة مرة أخرى ، وكما كان الاستعمار ينهب مقدرات الدول ويقصي أبنائها ويشردهم ، فإن الاحتلال الإسرائيلي يفعل نفس الشيء وبشكل أكثر فظاعة في الشعب الفلسطيني .
وسط كل ذلك تقف المنظومة الحقوقية الدولية عاجزة وأسيرة لتجاذبات إقليمية وسياسية ، وغير قادرة على اتخاذ إجراءات رادعة أو خطوات ملموسة في سبيل وضع حد لهذا المناخ الذي ينذر بكوارث وخيمة على مستقبل الإنسانية ككل ، وفاشلة في وقف منتهكي حقوق الإنسان والعابثين بمصائر الشعوب وداعمي الإرهاب والعنف والكراهية عند حدهم .
إن مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تري أن الاحتفال بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يجب أن يكون فرصة للمراجعة والاعتراف بالأخطاء ومواجهة الأمر الواقع ، وتبني رؤية إصلاحية حقيقة للنظام الحقوقي الدولي ، وهي رؤية يجب أن تقوم على أحكام هذا الإعلان والقيم التي أرساها قبل 69 عاما ، والنظر في كيفية إنقاذ العالم من خطر انتهاكات حقوق الإنسان والشعوب .
وتؤكد ماعت على أن العالم احتاج لسنوات طويلة من التشرذم والاختلاف والحروب ولملايين الضحايا الأبرياء ليتوصل إلى اتفاق حول بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، وليس من المطلوب أبدا أن يسقط ضحايا جدد حتى تبادر المنظومة التي أنتجت الإعلان بالمراجعة وإعادة الاعتبار والاحترام لقيم حقوق الإنسان .