الأقباط متحدون | الخبير والناشط في ملف دول حوض النيل نادر نور الدين: منع مياه النيل عن مصر يعني إبادة جماعية لشعب تعداده 85 مليون
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٣:٠٦ | الاثنين ٢٥ ابريل ٢٠١١ | ١٧ برمودة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٧٤ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الخبير والناشط في ملف دول حوض النيل نادر نور الدين: منع مياه النيل عن مصر يعني إبادة جماعية لشعب تعداده 85 مليون

أشرف السعيد-إيلاف | الاثنين ٢٥ ابريل ٢٠١١ - ٠١: ١٠ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 يؤكد الخبير في شؤون المياه الإقليمية والناشط في ملف دول حوض النيل د.نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بكلية الزراعة بجامعة القاهرة، أن سد الألفية الإثيوبي أكبر من السد العالي في حجمه وسيحجز في بداية تشغيله 17 مليار متر مكعب، وستزيد إلى 37 مليار متر مكعب سنويا، وأعلن أن أثيوبيا تقترح إنشاء 14سدًا منها 4 سدود ستقام على النيل الأزرق، ووصف الموقف المصري الرسمي من خطة سدود أثيوبيا بأنه يتسم بقلة الاهتمام واللامبالاة مما شجعها على مواصلة خططها.

 
وشدد على أن بلاده ستدفع ثمن السدود التي ستنشئها أثيوبيا، وكشف عن أن الهدف الرئيسي من خطة سدود أثيوبيا هي أن تكون دولة كبرى منتجة ومصدرة للكهرباء للقارة الأفريقية، وأكد نور الدين أن غياب النظام المصري السابق ثلاثين عامًا عن أفريقيا أدى لتغلغل إسرائيل في القارة، وخاصة دول حوض النيل، ودعا الحكومة الجديدة برئاسة د.عصام شرف إلى تعزيز إتفاقيات التعاون مع كينيا وتنزانيا وأوغندا وربط الاقتصاد المصري باقتصاديات هذه الدول، مبينا إن قناة جونجلي بجنوب السودان ستوفر للسودان ومصر في بدء عملها 7 مليار متر مكعب، وستصل إلى 17 مليار متر مكعب فيما بعد.
 
وأرجع سبب الفجوة الغذائية في مصر إلى عدم كفاية المياه لزراعة مساحة 3 مليون فدان، وأشار نور الدين إلى أن حجم الاستثمارات المصرية في أثيوبيا تبلغ 12 مليون جنيه مصري، ومستغربا من أن أثيوبيا كلما زادت حجم الإستثمارات المصرية لديها تتمادى في التعنت ضد مصر، وشدد على أن استعراض قوة مصر في حال إجراء مناورات بحرية وجوية مشتركة مع أريتريا والسودان ليس إعلانا للحرب ضد أحد، كما كشف عن أن الرئيس السادات كان قد أعلنها من قبل أن الذي يمكن أن يجر مصر لحرب أخرى بعد حرب 1973هي المياه، موضحا أن خبراء الري في مصر أشاروا على السادات عدم توصيل مياه عذبة إلى داخل سيناء لتفويت الفرصة على إسرائيل في التزود بها مستقبلا.
 
وأعلن د. نور الدين أن مصر ستحتاج رسميا وواقعيا في عام 2050 إلى ضعف مواردها المائية الحالية، وهو مايقدر بـ 110 مليار متر مكعب من المياه، كاشفا عن أن إسرائيل تسرق المياه العربية من أنهار اليطاني والحصباني والعاصي بلبنان، ونهر الأردن والمياه الجوفية بسيناء، مطالبا بفتح تحقيق ومحاكمة كل مسؤول تسبب في إهدار المال العام في مشروع توشكى خلال السنوات السبع الماضية لأن ما تم إنفاقه حتى الآن بلغ 12 مليار جنيه، وليس 9 مليار كما يتردد.
 
وفجر د.نادر نور الدين مفاجأة من العيار الثقيل وهي أن وزير الري الجديد د.حسين العطفي سيسلم ملف مفاوضات دول حوض النيل إلى وزير الري الأسبق د.محمود أبوزيد، كما إتهم نور الدين أبو زيد بأن ماقام به سابقا من جهد في هذا الملف كان ضد صالح مصر، ودعا وزير الري الحالي د.حسين العطفي الى تحمل مسؤولياته ووزارته تجاه ملف مفاوضات دول حوض النيل وألا يلقي بمسؤولية هذا الملف الهام على الآخرين.
 
وقد تطرق الحوار الذي جرى بمكتبه بجامعة القاهرة إلى عدة قضايا وإشكاليات تطرح على الساحة في الوقت الراهن وأبرزها قضية دول حوض النيل والأمن المائي المصري والآثار والنتائج للإتفاقية التي وقعتها 6 دول من حوض النيل حتى الآن على مصر والسودان، وإليكم نص الحوار: 

** ما هي شهادتكم على مشهد الأمن المائي في مصر حاليا؟
 
- يتصدر المشهد أن المشاكل تتنامى مع دول حوض النيل، لأن أثيوبيا تتخذ جانب متشددا بعض الشيء، فضلا عن أن خطة السدود التي تقترحها بإنشاء نحو 14سدا منهم 4 سدود على النيل الأزرق، وقد تم وضع حجر أساس أول سد منهم في بداية شهر أبريل/نيسان، ويطلقون عليه "سد الألفية أو "السد الحدودي"، وهو كان الاسم المقترح في البداية لكونه يقع على الحدود السودانية - الأثيوبية وكأنه منوط به تقليل مياه النيل الواصلة إلى السودان.
 
وبالتالي إلى مصر بعد ذلك، والتقديرات الأولية لهذا النهر تشير إلى أنه سيبدأ في حجز نحو 17 مليار متر مكعب من المياه ستزيد فيما بعد مع الإرتفاعات المتوقعة لاستكماله والتي ستستغرق فترة زمنية تقدر مابين 7-10سنوات، لأنه من المتوقع أن يكون أكبر سداً في أفريقيا بمعنى أنه سيكون أكبر من السد العالي في مصر، وقد يصل ارتفاعه إلى نحو 900 متر مربع، وبالتالي فإن حجم المياه التي سيوفرها من الممكن زيادتها إلى 37 مليار متر مكعب وذلك وفق التوقعات، ولكن المشكلة أنه يوجد سد أثيوبي آخر خلف هذا السد على مخرج بحيرة تانا في بداية النيل الأزرق ويطلقون عليه "بلييز"peles.
 
كما يوجد سدين في المنتصف مابين بحيرة "تانا" وسد الألفية على النيل الأزرق بالإضافة إلى أن السد الذي تم الانتهاء من إنشائه في شهر ديسمبر الماضي، وهو سد "تاجيزي" وهو أحد روافد نهر عطبرة، ويرسم الحدود ما بين أريتريا وأثيوبيا ثم يتجه بعد ذلك إلى السودان ثم يصب في شمال مدينة الخرطوم بحوالي 320 كيلومتر وهو ما يعني أن التقاء النيل الأزرق مع النيل الأبيض القادم من دول منابع الاستوائية عند مدينة الخرطوم لذلك أطلق عليها "العاصمة المثلثة "نتيجة تلاقي النيلين في هذا المكان أحدهما من الشرق والآخر من الجنوب، ثم سد عطبرة يأتي من أثيوبيا، ويصب أعلى مدينة الخرطوم، وقد أنشئ على أحد روافده سد "تاجيزي"، وهو يحجز خلفه نحو 9 مليار متر مكعب من المياه.
 
لذلك يمكننا القول بأن حصة مصر والسودان نقصت بالفعل بمقدار 9 مليار متر مكعب، حيث كانت تأتي إلينا عن طريق نهر عطبرة، وهذه الخطوة الأولى لأثيوبيا، والحقيقة أنهم كانوا متخوفين جداً من الرد الفعل المصري، وأن مصر ستحتج أو تأخذ موقف متشدد لذلك وجهوا نداءات كثيرة إلى مصر بالسماح لهم ببناء سد "الألفية" لتوليد الكهرباء وغيره، ولكن الحقيقة كان الموقف المصري يشوبه قلة الاهتمام واللامبالاة فلم نتخذ أي إجراء أو نعرب عن استيائنا إزاء ذلك مما شجع أثيوبيا إلى طرح السدود الأربعة المقترحة على النيل الأزرق، والتي ستبدأ بسد الألفية ولابد أن يكون لنا قرار بهذا الشأن لأنه بالتأكيد سيؤثر على الموارد المائية السودانية -المصرية، وقد تكون السودان أقل تأثيرا من مصر لأن المياه تصل إلى السودان أولا ثم إلى مصر، والسدود الأربعة التي تقيمها السودان سواء سد الروصيرص أو غيره ستقوم هذه السدود بحجز حصة السودان أولاً من مياه النيل، وهي 18,5 مليار متر مكعب.
 
وبالتالي فإن الدولة التي ستتأثر بشكل كبير هي مصر فضلا عن أن السودان لديها بالجنوب منطقة أمطار غزيرة لذلك فإن بعض خبراء المياه يعتبرون أن السودان ليست دولة مصب، بل دولة مصب ومنبع ومرور للمياه، لأن حجم الأمتار في جنوبها تصل إلى 500 مليمتر، بالمقارنة بمصر التي تصل إلى 15 مليمتر، وأيضا في شرق السودان حيث حدودها مع أثيوبيا منطقة غزارة في الأمطار في حدود 500 مليمتر، إذن السودان لديها موارد أخرى من الأمطار يصل حجمها الإجمالي مع حصتها في مياه النيل إلى 66 مليار متر مكعب، وهي بذلك غنية مائيًا، ولكن الذي سيتأثر هي مصر حيث ستدفع ثمن هذه السدود التي ستنشئ في أثيوبيا.
 
"إهمال النظام السابق لأفريقيا واتجاهه للشمال
 
**ما هي الأسباب التي أدت إلى تفاقم أزمة مصر مع دول حوض النيل؟
 
- من أهم الأسباب أن النظام كله بالكامل خلال الثلاثين عام الماضية أهمل أفريقيا، وحدث ما حدث، حيث قرر النظام السابق أن يتجه شمالا وغربا وأن يهمل الجنوب، فنجد أن مصر وقعت إتفافية الكويز مع أميركا للتعاون مع إسرائيل للتصدير إلى الخارج ثم اتفاقية الأورومتوسطية في بداية الألفية الجديدة من عام2000-2004 للتعاون مع دول البحر المتوسط وأوروبا، وفي هذه الأثناء كتبت عام 2004 وقلت مقالا بعنوان "الشراكة مع دول حوض النيل"، وكان تفكير النظام السابق هو أن العالم اقتصاد وفلوس فقط، وهذا ما أدى إلى قيام ثورة 25 يناير، لأن هناك شيء أسمه "استقرار مجتمعي" وأيضا "البعد الاجتماعي" وأهمل النظام السابق البعد الأفريقي والتعاون مع أفريقيا.
 
وكان نتيجته أن إسرائيل ملأت الفراغ المصري في أفريقيا وتخطتها إلى جانب 15 دولة أخرى من مختلف أنحاء العالم، ولا نعيب على الدول الأفريقية أنها فتحت أبوابها لإسرائيل وأميركا والصين وهولندا وسويسرا وفرنسا وكوريا الجنوبية وغيرها، وأن نتيجة الغياب المصري عن قارة أفريقيا سمحت بتغلغل صيني وكوري وإسرائيلي حتى بريطانيا وفرنسا وبلجيكا حتى دول القطب الشمالي مثل السويد والنرويج لها استثمارات في أفريقيا، وأنشأت النرويج معهد حوض النيل لتدريب مهندسي وفنيي هذه الدول على المياه، أما نحن في مصر، وهي إحدى دول حوض النيل وتعيش على خيراته أهملنا هذا الملف على مدار ثلاثين عاما خاصة العشر سنوات الأخيرة، وفي فترة من الفترات قامت مصر بحفر نحو  180 بئر مياه جوفية في تنزانيا وأوغندا مجانا كمنحة من مصر لاستخدامها كمياه للشرب لعدم مقدرة الدولتين على إنشاء محطات تنقية للمياه.

تعزيز إتفاقيات التعاون والاقتصاد مع كينيا وتنزانيا وأوغندا
 
**ما هي البدائل المقترحة للخروج من نفق هذه الأزمة المرتقبة لمصر في المياه؟
 
- أولا أن أثيوبيا لا تستطيع بناء أي سدود على نهر النيل لأنها لابد من حصولها على موافقة الخمس دول الأخرى الموقعة على الاتفاقية، وهي دول منابع إستوائية، وكل ما يصلنا من دول منابع النيل الست ما يقدر بنحو 12 مليار متر مكعب من المياه، ولكن الكارثة هو أن ما يصلنا من أثيوبيا 72 مليار متر مكعب من المياه، وهي أغلبية حصتنا والسودان البالغة 84,5 مليار متر مكعب، إذن موافقة دول منابع النيل الخمس لأثيوبيا لا بد منها، وهذا هو دور مصر لتعويض مافاتنا والذي يحدث من جانب الحكومة الجديدة على الساحة حاليا، هو تحرك متأخر، لذلك مطلوب تعزيز إتفاقيات التعاون مع كينيا وتنزانيا وأوغندا، لأنه عندما يأتي تصويت أثيوبيا على بناء سدودها كل المطلوب من هذه الدول رفض التصويت، وهذا يأتي عن طريق تعزيز التعاون مع هذه الدول الخمس.

توفر من 7-17مليار متر مكعب ولكن

** قبل ربع قرن تقريبا كان يوجد مشروع قناة جونجلي بجنوب السودان، لكن المشروع توقف بسبب الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب في السودان. هل يمكن استئناف العمل بها بعد انفصال الجنوب السوداني وإعلانه دولة وليدة وكبديل عملي لمصر تحسبا للمستقبل؟
 
- هذه القناة كانت ستوفر للسودان ومصر في بداية عملها 7مليار متر مكعب من المياه كمرحلة أولى وتصل إلى 17مليار كمرحلة ثانية وثالثة سنويا، ومشكلة قناة جونجلي أن منطقة جنوب السودان عندما يدخل نيل ألبرت إلى الجنوب فهي منطقة معدومة الانحدار فيقوم بفرش مياه النيل على مساحات شاسعة، وتكون مساحة كبيرة من المستنقعات التي تسبب أضرارا كبيرة جدا لجنوب السودان تتمثل في إصابة قاطني هذه المنطقة بأمراض الملاريا الخبيثة والناموس وديدان المياه العذبة، ولا يوجد طفل صغير أو رجل أو إمرأة إلا وتوجد هذه الديدان داخل قدمه وتسبب لون أزرق وتستقر بها، والمشكلة في الجنوب.
 
ولأن المفاوض المصري لا يرافقه في فريق العمل خبراء في الزراعة، فلا يستطيع إقناع أهل الجنوب الذين قاموا بردم "قناة جونجلي" أثناء الحرب الأهلية مع الشمال وكسروا كل معدات الحفر بعد أن تم حفر نسبة 80%منها، وتقطن هذه المنطقة قبائل تتمثل ثروتها في الثروة الحيوانية ورؤوس المواشي التي تتغذى على الحشائش الطبيعية حول المستنقعات الناتجة عن أن نهر النيل يفرش في هذه المنطقة ما حجمه 30 مليار متر مكعب من المياه، وهنا مكمن المشكلة حيث يتصور أهالي المنطقة أن مصر لو أقامت قناة جونجلي واستقطبت هذه المياه فلن تستطيع مواشيهم التغذي على السافانا والأعشاب الطبيعية لأنها ستتوقف.
 
وهذا نتيجة عدم وجود خبراء في الزراعة يوضح لهم أن كمية المياه الواصلة لهذه المنطقة نحو 30 مليار متر مكعب، وسيتم استقطاب نحو7 مليار متر مكعب فقط لكي نمنع عنكم الإصابة بأمراض الملاريا، وديدان المياه وسيظل نحو 23 مليار متر مكعب كما هي، وأكثر من ذلك إنه يمكن إنشاء ترعة للري بها وبهدف إنشاء مزارع مستديمة مثل البرسيم المسقاوي أو الحجازي كغذاء دائم للماشية، كما لم يستطيع خبراء الري إقناع أهل الجنوب أن إنشاء قناة جونجلي لن تؤثر على الري ولا الثروة الحيوانية ونضمن لهم حدوث تنامي بنفس المعدل في ثروتهم الحيوانية، ولم يحدث هذا الإقناع.
 
وقناة جونجلي أملنا في جنوب السودان بشرط أن يكون ضمن فريق العمل خبراء زراعة لإقناع أهل الجنوب بأنها لن تؤثر على مراعيهم، وأنه يتم إقامة شبكة من الترع، وأيضا محطات تنقية لمياه الشرب، كون متوسط العمر في جنوب السودان حاليا 42عاما بسبب تناولهم مياه ملوثة من المستنقعات، وذلك لرفع مستوى العمر، ونقنعهم أيضا بالمراعي على الري في المراحل اللاحقة، بالإضافة إلى إستقطاب الجنوب السوداني.
 
استعراض قوة مصر ليس إعلانا للحرب
 
** في حوار أجريته مع المرشح الرئاسي محمد علي بلال أكد أن حل مشكلة المياه مع أثيوبيا يكمن في الحلول الإستراتيجية. ما تعليقكم؟
 
-أتفق مع اللواء بلال فيما قاله، وهو أن المفاوضات ومباحثات السلام دون قوة تدعمها وتقويها لن تؤتي بأي نتيجة بمعنى أن الرئيس الراحل السادات منذ 35عاماً، وبعد توقيع إتفاقية كامب دايفيد في عام 1977 فطلبوا منه أن يعلن أن حرب أكتوبر1973هي آخر الحروب فأعلنها بذكاء وكان أثنائها يتولى الحكم في أثيوبيا نظام منجستو حيث أعلن العداء ضد مصر، فأرسل له السادات رسالة مفادها أن حرب 73 هي آخر الحروب، ولكن الذي يمكن أن يجر مصر إلى حرب في الفترة القادمة ستكون حربًا من أجل المياه، فوصلت الرسالة إلى أثيوبيا، ولم تفكر في بناء أي سد طوال فترة حكم السادات.
 
وبعدها أكد د.بطرس بطرس غالي -وزير الدولة للشؤون الخارجية آنذاك- أن المياه هي الحرب القادمة في الشرق الأوسط، ووصلت الرسالة أيضا إلى أثيوبيا حتى أن بعض المسؤولين في نظام منجستو قالوا لو تريدون إرسال بدل المياه دما سنرسل لكم، ولذلك مع المباحثات لا بد من حلول إستراتيجية بمعنى ماذا يمنع مصر من القيام بعمل مناورات بحرية مشتركة مع أريتريا، ونحن دولة سلام ولا نسعى لحرب مع أي طرف واستعراض قوتنا ليس إعلانا للحرب، ولكن لكي نقول إننا دولة قوية، ولماذا لا تكون لنا مناورات مشتركة لقواتنا الجوية مع السودان؟ خاصة في المنطقة الشرقية لابد من أن تكون لنا مناورات مشتركة مثل الولايات المتحدة الأميركية التي تجري مناورات مشتركة مع مصر ودول الخليج وإسرائيل وغيرها للإعلان عن قوتها، وإذا كانت المرحلة الماضية خلال النظام السابق هانت علينا مصر فهانت على الآخرين، ففي المرحلة المقبلة لابد أن نعلن أن مصر دولة قوية وأن من لم يؤتي بالسلم سيؤتي بغيره ولكن من الضروري أن تكون لمصر مناورات عسكرية مع السودان وأريتريا تحسبا لمجهول، وليس من أجل العدوان ضد أحد، وهناك إقليم أوجادين، وهو أرض صومالية ومحتلة من أثيوبيا ويمكن دعم شعب أوجادين والمقاومة فيها وغيره.

ذكاء السادات وتفويت الفرصة على إسرائيل

**بعد توقيع معاهدة كامب دايفيد طلب رئيس وزراء إسرائيل -آنذاك- مناحم بيغين أثناء زيارته للرئيس الراحل السادات في مدينة الإسماعيلية تزويد إسرائيل بالمياه المهدرة من فواقد مياه النيل، وعاد السادات لخبراء الري وقوبل طلب بيغين بالرفض. والسؤال هل الضغوط الإسرائيلية التي تقوم بها على دول حوض النيل لتقليل حصة مصر من مياه النيل لترضخ مصر وتقوم بعمل وصلة من ترعة السلام بسيناء إليها. ما تعليقكم؟
 
-أهنئك على هذا السؤال.. هناك بعض خبراء وزارة الري في مصر يميلون إلى هذا التفكير، ويؤمنون بأن إمداد إسرائيل بمياه النيل يمكن أن يحل كل مشاكلنا مع دول حوض النيل وهذا فكر، ولكن في قراءة سريعة للمياه في إسرائيل، نجد أن العجز لديها لا يزيد عن واحد مليار متر مكعب فقط، وعدد سكان إسرائيل بما فيهم عرب48 الحاصلين على الجنسية الإسرائيلية كلهم 6 مليون نسمة واحتياج الفرد فيهم ألف متر مكعب سنويا، إذن احتياجات إسرائيل من المياه 6 مليار متر مكعب سنويا، ومواردها المائية الداخلية حاليا من الأنهار والأمطار 5 مليار متر مكعب، وبالتالي تحتاج مابين من نصف إلى واحد مليار متر مكعب فقط، وعندما أنشئت ترعة السلام بسيناء، وكان الرئيس السادات قد أطلق عليها تيمنا بالأراضي المقدسة في مكة المكرمة "ترعة زمزم"، ولأن كل سيناء أراضي مقدسة وكلم الله سيدنا موسى عليه السلام فيها كما عبر بها غيره من الأنبياء، فعندما أشار الخبراء إلى الرئيس السادات أنه لو أن مياه الشرب النقية وصلت إلى داخل سيناء، فإن إسرائيل تستطيع أن تقدم إعلانًا عالميًا بأنه طبقا لمبدأ الحق في المياه، وأنهم دولة فقيرة في المياه، وأن مصر لديها وفرة من المياه على حدودنا، وبالتالي فمن حقهم الحصول على وصلة من ترعة السلام بسيناء حتى إسرائيل.
 
لذلك الرئيس السادات بذكائه المعهود قرر توصيل المياه إلى ترعة السلام بمياه مخلوطة تجمع ما بين مياه الصرف الزراعي مع مياه النيل بنسبة 1:1 حتى تكون مياه ترعة السلام غير قابلة للشرب، وبذلك قطعوا الخط على إسرائيل في توصيل المياه لها، وعرضت إسرائيل -آنذاك- أن تقوم من جانبها بالحصول على موافقات كافة دول حوض النيل لتوصيل مياه النيل إليها، وكان يعوق هذا الأمر أن اتفاقية دول حوض النيل تحظر خروج المياه خارج نطاق حوض النيل وليس الدول، لذلك فإن هناك العديد من خبراء وزارة الري المصرية يؤيدون هذا الرأي أن إسرائيل تضغط بالفعل على دول حوض النيل لكي تعرقل وصول المياه لمصر لكي ترضخ الأخيرة في توصيل مياه النيل إليها.
 
سرقة إسرائيل للمياه العربية وشرائها من تركيا
 
** كشف بعض خبراء المياه العرب أن إسرائيل تسرق مياه أنهار الليطاني والحصباني والعاصي منذ سنوات طويلة، كما تسرق المياه الجوفية من سيناء. ما تعليقكم؟
 
- ثبت بالفعل أن إسرائيل تسحب المياه الجوفية في سيناء إلى صحراء النقب لأن عجزهم مليار متر مكعب، وكانوا قد إتفقوا مع تركيا لأنه كما تعلم أن نهري دجلة والفرات ينبعا من الشمال التركي وهذا يوضح مدى اختلاف نهر النيل عن  دجلة والفرات، حيث إن نهر النيل الوحيد المصنف على أنه نهر دولي أي له اتفاقية مودعة لدى البنك الدولي وأن كل الدول المتشاطئة حقوق في هذا النهر، أما نهرا دجلة والفرات فقد تعبت كل من العراق وسوريا حتى يتم الاعتراف به على أنه نهر دولي وتركيا ترفض، وتقول هذا نهر محلي ينبع من تركيا، ونحن نسمح بمرور المياه إلى العراق وسوريا لذلك يربط مابين الدول الثلاث تركيا والعراق وسوريا بروتوكول وليس إتفاقية دولية.
 
وهذا الفرق بين النهر الدولي وغير الدولي، لأن هناك بعض الخبراء يخطئون بإعتقادهم بأن النهر الدولي يسير في أكثر من دولة لا هذا يسير نهر عالمي، أما النهر الدولي أن هناك حقوقا مودعة لدى الدول المتشاطئة، أما في حالة نهري دجلة والفرات فلا يتفق على أنه نهر دولي وتركيا تصر على أنه نهر محلي فكان في المنابع توجد شلالات تصب من نهر الفرات على وجه الخصوص في البحر المتوسط بحوالي 2 مليار متر مكعب، وقد عرضت إسرائيل على تركيا شراء نصف مليار متر مكعب سنويا لأنها الأقرب إليها عبر خط مواسير، لكن كانت المشكلة هي أن هذا الخط إما أن يمر عبر سوريا أو لبنان حتى يصل إلى إسرائيل، وقد وافقت تركيا على بيع نصف مليار متر مكعب من المياه، ولكن سوريا ولبنان رفضتا مرور خطوط المواسير من داخلهما، ولذلك سيتم نقل المياه بالسفن وهذا ما أدى إلى تعطيل مشروع شلالات جنوب تركيا التي تصب في البحر المتوسط وليس خصما من حصة كلا من العراق وسوريا، لأن الشلال الذي سيصب في البحر المتوسط سيحولوه إلى إسرائيل.
 
وبالتالي مبدأ الضرر لا يوجد مثلما تقوم مصر بإعادة مياه الصرف الزراعي للري بها مرة أخرى بدلا من أن تتجه إلى البحر المتوسط، ولكن نتيجة العجز المائي لدى إسرائيل نصف مليار متر مكعب تقوم بسرقة كل أنهار الجنوب اللبناني مثل النهر الكبير والحصباني والعاصي والليطاني، وفي صحراء النقب بدأوا يسحبوا المياه الجوفية لأنها مثل النهر لا توجد حدود تحت الأرض فثبت أنهم يسرقون كميات كبيرة من المياه الجوفية الموجودة في سيناء، لكن للآن لا توجد اتفاقيات دولية تحكم صراعات المياه تحت الأرض، فضلا عن إسرائيل تعتبر أن أراضي جنوب لبنان هي جزء من أراضي تحتلها، وفي رأيي يمكن لو الأطراف اللبنانية اتفقت فعن طريق التحكيم الدولي يحصلوا على كل مياههم، وكذلك الأمر في نهر الأردن حيث تقوم إسرائيل بسرقة مياهه.

مصر تحتاج 110مليار متر مكعب مياه عام 2050

**يتوقع بعض المراقبين حدوث أزمة في المياه بمصر بدءا من عام 2017. فما هي رؤيتكم لإمكانية حدوث ذلك؟ وما التدابير الواجب اتخاذها من جانب الحكومة الجديدة؟
 
-بالتأكيد ستكون هناك أزمة في المياه، ولو قلنا أن حصتنا اليوم تبلغ 55,5 مليار متر مكعب وتعدادنا 80 مليون نسمة، والمفروض أن نسبة الفرد لكي نتجاوز حد الندرة المائية يكون 1000 متر مكعب سنويا، وحاليا حصة الفرد من المياه في مصر 780متر مكعب من المياه سنويا، وفي عام 2017 ستكون حصة الفرد 640 متر مكعب سنويا، وفي عام 2050 ستكون حصة الفرد من المياه 500 متر مكعب سنويا، وستقل حصة الفرد لو أن عدد السكان زاد عن 120مليون نسمة بعد أربعين عاما من الآن، إذن في عام 2050 ستحتاج مصر رسميا وواقعيا إلى ضعف الموارد المائية المتاحة حاليا أي 110مليار متر مكعب، لذلك لابد من التعاون مع دول حوض النيل لاستخدام الفواقد المائية في أوغندا وأثيوبيا والكو




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :