حكاية الطفلة منى.. الأب شغّلها "خدامة" وخنقها قربانًا للجن
حوادث | مصراوى
الأحد ١٧ ديسمبر ٢٠١٧
قتل ابنته سفهًا بغير علم؛ تقرُّبًا لجنٍ مزعوم، ليفتح له كنزًا لم يره، ويحقق له ثروة لم يبذل فيها جهدًا، ربما هذا هو الوصف الأقرب لقتل رجل لابنته صاحبة الـ17 عامًا.
ثمانية أشهر كاملة، والغموض يحيط بوفاة الطفلة "منى" خنقًا؛ حتى أثبت تقرير الطب الشرعي وجود شبهة جنائية في وفاتها، وتورّط والدها وعمها في قتلها لتقديمها "قربانًا للجن" ليمكنهما من فتح مقبرة أثرية أوهمهما "دجال" بوجودها أسفل منزلهما بمنطقة عرب أبوساعد بالصف.
انفصال (غير رسمي) بين "مريم.ع" والدة منى وزوجها "يحيي" بعد زواج دام 17 سنة، كانت بداية مأساة، إذ انتقلت الضحية "منى"، 14 سنة؛ للعيش بمنزل الأب لمدة 3 سنوات ونصف، لم ترَ والدتها إلا مرات قليلة لتشكو معاناتها: "مشغلني خدامة لأمه واخواته، وبيحفروا في البيت عشان الآثار"، ولم تدرِ أنها ضحيته للحصول على كنزه المزعوم.
مساء الأربعاء 5 أبريل الماضي (يوم الحادث)، تلقى خال الضحية "حسن عياد"، اتصالًا هاتفيًا من أحد جيران الأب "البقاء لله..
منى ماتت"، وطلب منه إحضار والدتها للتوقيع على تقرير مفتش الصحة، الذي نفى أي شبهة جنائية في الوفاة، وأرجعها لاختناق بـ"إيشارب" الطفلة أثناء النوم؛ تمهيدًا لدفنها.
يقول حسن في حديثه لـ"مصراوي"، إن طلب إحضار أخته للتوقيع على تقرير مفتش الصحة "غير المنطقي"، خاصة في وجود الأب، دفعه للشكّ في طريقة الوفاة، فأبلغ الشرطة للتحقيق في الأمر بعدما أخبرهم أحد الجيران "سمعت صوت منى وهي بتصرخ وتستغيث".
"عيناها مفتوحة والدماء تنزف من فمها وأنفها"، تصف المحامية "فاطمة عياد" خالة الطفلة، كيف كانت ابنة شقيقتها وقت انتقال الشرطة، ولاحظت نيابة الصف، أثناء مناظرة جثة المتوفاة، آثار خنق على رقبة الطفلة، فأمرت بعرضها على الطب الشرعي لتشريحها وإعداد تقرير الصفة التشريحية بحالتها ومدى وجود شبهة جنائية من عدمه، وصرَّحت بدفنها.
واتهمت والدة الطفلة وعائلتها الأب وعائلته بالتسبب في وفاة الابنة، بعدما أخبرهم أحد أشقائها، تصادف وجوده وقت الحادث: "بابا خنقها بإيده.. فتحت عنيها وبعدين ماتت"، وتسترجع الأم ما دار بينها وبين ابنتها قبل يومين من الحادث "اشتكتلي من الحبسة والخنقة والمعاملة الوحشة من أهل أبوها".
تضيف الأم أنها قررت التصالح والعودة لمنزل زوجها مرة أخرى بعد 4 أيام من حادث الوفاة "كنت عاوزة ألمّ عيالي، وأربيهم كويس، لكن اللي حصل حصل، ومش هسيب حقها".
وفي تحقيقات النيابة الأولى، قال الأب وجدة الطفلة: "اتسحرت عشان تصوم الخميس، ونامت والإيشارب لفّ على رقبتها"، فأخلت حينها، نيابة الصف سبيل والد الطفلة على ذمة التحقيقات في القضية، لحين ورود تقرير الطب الشرعي في الحادث.
وقالت المحامية فاطمة عياد، إن النيابة تسلمت تقرير الطب الشرعي، الذي صدر بعد مرور 8 أشهر، وكشف عن أن الوفاة جنائية نتيجة "اسفكسيا الخنق" بأداة صلبة (سلك كهرباء أو حبل)، كما أكد أن الوفاة لا تجوز على النحو الوارد بأقوال والد الطفلة وجدها في التحقيقات، ومن ثمَّ أمرت النيابة بضبط وإحضار والد الطفلة وعمها مرة أخرى.
واعترف "يحيى"، والد الطفلة، في تحقيقات المستشار عبدالمعز ربيع، مدير نيابة الصف، أن أحد الدجالين أخبره بوجود آثار فرعونية أسفل منزله؛ لأن قرية عرب أبوساعد تقع بقرب منطقة "الملقطة" التابعة لهيئة الآثار، فحفر بمساعدة آخرين 6 أمتار بإحدى الغرف، وطلب "الدجال" منه تقديم قربان للجن لكي يتمكنوا من فتح المقبرة، فلم يجد غير ابنته ليضحي بها.
وأضاف المتهم في التحقيقات، أنه استغل نوم طفلته بعد تناول طعام السحور لصيام "الخميس"، واستخدم سلك كهرباء وخنقها على السرير حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، بعلم شقيقه الذي يشاركه الحفر، ولذا قررت النيابة حبسهما 15 يومًا على ذمة التحقيقات في اتهامهما بالقتل العمد.