بقلم / دكتور رؤوف هندي
ينص الدستور المصري الحالي في مادته 53 تحديدا على تأسيس مفوضية للقضاء على كافة أشكال التمييزيين المواطنين وتنص المادة(على ان المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين،أو العقيدة،أو الجنس، والأصل، أوالعرق، أواللون، أوالغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر.التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز.

 وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض)وكان من المقرر إنشاء هذه المفوضية في دور الإنعـقاد الاول لمجلس النواب ونحن اليوم في منتـصف دورالإنعقاد الثالث دون أي مـلمح لمسود مشروع قانون يُعرض على اللجنة التشريعـية بالمجلس لإقراره برغم أنه يـظهر جليّا لكل متابع أننا في أشد الحاجة لهذه المفوضية الهامة بعد رصد حالات كثيرة ومتعددة للتمييز وانتهاك الحريات بسبب الدين أوالجـنس أوالمعتقد ومن هنا كان يجب الإسراع في إنشاء مفـوضية مكافحة التمييز كما نص الدستور الذي وافق عليه الشعب .

وجدير بالذكرأن الـمستشار بهاء أبو شُـقة عضو مجلس النواب ورئيس اللجنة التشريعـية بالمجلس كان قد وعد اكثرمن مرة أن مفوضية منع التمـييـز بين المواطنين سـترى النور قريبا ولكن للأسف لم يحدث وحـتى في اجتماعات معاليه بمثقفي مصر ورموز الأقليات المصرية ومـمثلي عن المـجلس القـومي للمراة وعد ايضا بقرب ظـهور مفوضـية منع التمييز بين المواطنين ولكن يـبدو ان هذه القضية الهامة والخطيرة والتي تمثل إحدى المرتكزات الهامة للمحافظة على كرامة وحق المواطن من الانتهاك لم تعد ذو أهمية ملّحة في نظر البرلمان ولابد من وجود تفسير واضح ومقنع لهذا الانتهاك الصارخ للدستور والذي معه تضيع حقـوق مواطنين وتُنتهك بسبب عدم وجود مـظلة قـانونية شـرعيه تحميهم وتدافع عن حقوقهم لذا أطالب بـسرعة صياغة قانون يـُجرّم التميـيـز بسبب اللون والجنس أوالدين والمعتقد يُـحاسب بموجبه كل من يـثبت ارتكابه لجريمة التميـيـز ضد اي مواطن مصري وأطالب السيد وزير العدل ولن اكلّ من هذا الطلب الهام والإنـساني أن يقوم معالـيه بسرعة مقابلة ممثلـين عن كل الأقليات المصرية سواء العرقـية او الدينية للتعرف عن قُربْ عنلى مشاكلهم المجـتمعـية وعن التمييز الحاصل ضدهم وتم رصده بالفعل وقد طالبت بذلك في عـدة منتـديات ولقاءات إعلامـية ولكنه للأسف يرفـض مقابـلة كل الأقـليات فيقـوم بانتقاء من يريد ان يجلس معهم في تميـيـز واضح وبيّن من معاليه وجعلني هذا الإجراء أتذكر بيت المتنبي حين قال (وكـم ذا بمـصر من مـضحـكات وهو ضحـكُ أشبه بالـبكاء).

 ومن هنا أستطيع القول وبأريحيه شديدة أن المواطنة لاتزال كلمة للديكور تتردد على ألسنة المسئولين دون واقع ملموس في الحياة فهناك تمييز فعلا ضد بعض الأقليات سواء العرقية او الدينية وعلي المستشار بهاء أبو شُقـة سرعة إتخاذ جملة من الإجراءات الدستورية والقانونية لسرعة إنشاء مفوضية منع التمييز كما نص الدستـور وكما وعـد.

 وأكد في منتـديات ولقاءات كثيرة حضـرها معاليه ولأني مصري وأعشق تراب وطني وأقدر تماما الظروف التي تحيط ببلدي والتحديات الخطيرة التي تواجهها على كافة الأصعدة سواء من الخارج او متربصي الداخل فمقالي هذا بعيد كل البُعد عن مصطلح حماية الأقـليات الذي أرفضه نهائيا والذي يتـناوله عمدا احيانا الإعلام في الخارج أو بعض كارهي الوطن في الداخل فمصطلح حماية الأقـليات مرفوض ومرفوض ومرفوض فهو يخرج كل الأقليات المصرية من حيّز المواطنة إلى فئة الرعايا وهذا ماتسعى إليه قوي عديدة بهدف إحراج مصرامام المحتمع الدولي وهذا ما لايسمح به أي مواطن مصري يعشق تراب وطنه ولكن علينا إصلاح الداخل حتى لايتجرأعلينا الخارج وأتذكر في إحدى اللقاءات الهامة للمستشار بهاء أبو شقة بالمجلس الاستشاري للأقليات بخصوص استطلاع الرؤى حول إنشاء المفـوضية العامة لمكافحة التمييز.

 قد أكدت له أن التسامح بمفهومه الشامل لم يعُـد فضيلة أخـلاقية فحسب بل باتَ ضـرورة قانونية من متطلبات وأسس عصر جديد لامفرفيه من تناغم وتكامل وتعايش كل الحضارات الروحية والإنسانية في إطار قانوني يفرض قبول التعدد والتـنوع الفكري واليقافي والعقائدي وهذا التسامح بمفهومه وصيغته القانونية حددتْ ملامحه وثيقة اليونسكو الصادرة في عام 1995 وهو قادر على إخضاع القناعات والآراء الخاصة لأي إنسان بضرورة التعايش مع الأخر والقبول به وعليه.

 فإني اطالب أن يكون التسامح بمفهومه الشامل مادة أساسية في المناهج التعليمية وان يكون ركيزة أساسية في كل الحوارات المجتمعية السائدة وهذا كفيل بأن يجدد الفكر والعقل الجمعي للمواطنين وسينعكس بكل تاكيد نحو تجديد منظورنا في شتى مناحي الحياة نحو الأرقي والأفضل وفي خاتمة مقالي أكرر مـناشدتي للمستشار بهاء أبو شُقة بسرعة اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لإنشاء مفوضية مكافحة التمييز كما نص وأكد الدستور.