الأقباط متحدون - سنة حلوة يا يسوع ...!
  • ١٤:١٨
  • الخميس , ٢٨ ديسمبر ٢٠١٧
English version

سنة حلوة يا يسوع ...!

نبيل المقدس

مساحة رأي

٤٦: ٠٩ ص +02:00 EET

الخميس ٢٨ ديسمبر ٢٠١٧

ارشيفية
ارشيفية
   نبيل المقدس 
      خيمت علي المطوبة مريم سحابة الشك وملأ قلبها الخوف من الفضيحة .. فعبر التاريخ الإنساني لم نسمع عن فتاة عذراء تلد .. فعندما يري الناس إمراة غير متزوجة حُبلي , فهذا له تفسير واحد هو أن هذه المراة زانية .. وطبقا للشريعة يتم رجمها .. لكن من محبة يوسف لها دفعه أن يفسخ خطبته لها سرا لكي يتجنب العار العلني الذي يصاحب عادة مثل هذه الحالات 1 : 19 " فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارًّا، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا، أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرًّا" . لكن الله لم يسمح أن تهتز صورة العذراء مريم في نظر يوسف الرجل النبيل , فأرسل له ملاكا ظهر له في حلم , ويقول له " يا يوسف إبن داود " قاصدا من هذه التحية تذكيره بأصله الملوكي لكي يهيأه لهذا المجيء الفريد للمسيح الملك الموعود , وكان هذا الحلم بمثابة تأكيد ليوسف أن لا تساوره شكوك تمنعه أن يتخذ مريم زوجة له " "آية (مت 1: 20): وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. " 
     
      كان هذا مقطعا من حديث جدتي  عندما كنت صبي صغير .. فقد تعودنا في كل ليلة راس السنة الميلادية أن تتجمع افراد العائلة , البعيد قبل القريب لكي نحتفي براس السنة في منزلها الواسع .. كانت فرصة لي أن ألتقي بأبناء الخال والعم .. كنا نتلهف مجيء هذا المساء من كل سنة لكي نقوم بالتمثيل الصامت لعدة مشاهد كخلفية تعبر عما تحكيه لنا الجدة .. وكان التدريب علي القيام بهذا العمل هو خالنا الوحيد , وبحكم أني كنت أكبر الأحفاد سنا, فقد كنت اقوم بدور يوسف النجار .. ولا اعرف حتي الأن لماذا كان خالي يلبسني طربوش علي راسي .. والف علي جسدي مفرش السُفرة ,وقبقاب في رجلي يطل من أمامه نصف قدماي. أما ابنة عمي التي كانت اقل الأبناء سنا حوالي 3 سنوات تقوم بدور السيدة العذراء .. وكانت أختي الأكبر مني التي كانت تقوم بدور الملاك تعمل جلبة وتشهق في البكاء لأنها كانت تريد القيام بدور العذراء , لأن هذا الدور يحتاج روج وفورمة شعر .  
 
     وبمجرد أن تبدأ جدتي في تكملة التأمل في قصة ميلاد الطفل يسوع .. نجري نحن الأبناء إلي المطبخ لكي نتحايل علي والدتي أن تعطينا جزء من الحلويات , فتنهرنا وتطردنا  إلي الخارج لكي نتابع كلمات جدتنا وهي تحكي لنا : 
   الملاك خبر يوسف أن مَنْ في أحشائها هو إبن , وتدعوه " يسوع" لأنه يخلص شعبه من الخطايا .. كما يعلن أن هذا الطفل الذي جاء في ملء الزمان , هو يهوه اي " الرب " نفسه الذي جاء ليخلص العالم من عقاب الخطية , ومن سلطتها ومن وجودها بالذات."  
      والسؤال الذي دائما يدور في دواخلنا هو ما هي حتمية التجسد الإلهي ؟؟ نستطيع أن نقول ان الدافع الأول للتجسد هو المحبة .. ولكي نفهم هذا الدافع تتبع هذه القصة : " سأل ملك أممي وزيره المسيحي: لماذا الله تجسَّد وصُلب ومات، فما هو الدافع لهذا العمل الذي يرفضه العقل؟ يجيب الوزير: أسألك يا سيدي أن تمهلني عدة أيام وأرد على سؤالك، فوافقه الملك ... وفي يوم كان الملك يسير مع وزيره في حديقة القصر، وإذ بالمربية تسير بعربة الأمير الصغير، وفجأة أعطى الوزير إشارة للمربية فدفعت العربة وما بها في بحيرة الماء الصناعية أمام عيني الملك، .. شاهدها الملك وبسرعة ألقى بنفسه في الماء, فوجد نفسه يحتضن تمثالًا يشبه ابنه، وقبل أن يتملكه الغضب أسرع إليه الوزير قائلًا: عفوًا سيدي الملك. سامحني لأني فعلت هذا، فأنا الذي صنعت التمثال وأوصيت المربية بإلقائه في البحيرة متى أشرت لها بذلك.. يا جلالة الملك عندما شعرت بأن ابنك يغرق في البحيرة لماذا لم ترسلني أو ترسل أحد الجنود لإنقاذه؟ يرد الملك بدهشة :  لأنه أبني. أنت تعلم أنني إنسان شجاع ولا أهاب الموت، وأفدي أبني بحياتي وأنا راض ومسرور. الوزير: وهكذا أيها الملك عندما رأى الله أولاده يهلكون بالموت الأبدي أخذ شكل إنسان وصُلب ومات وقام، وقهر الموت وأنقذنا منه . 
       وهناك دافع أخر علينا ان نعلمه وهو : تلاقي العدل الإلهي مع الرحمة الإلهية: فعندما تحدُث مشكلة بين شخصين ويتدخل شخص ثالث لفض النزاع يجب أن يكون هذا الوسيط من نفس مستوى الطرفين المتنازعين، وليس أقل منهما لئلا يُحتَقر، وليس أعلى منهما لئلا يستغل سلطته فيحل النزاع ظاهريًا فقط، وأيضًا يجب أن يكون الوسيط محبوبًا من الطرفين، ومحل ثقة منهما ملتزمًا بتعهداته أمامهما، وإذا تأملنا ما حدث في التجسد والفداء نجد السيد المسيح هو الذي حلَّ النزاع بين الله والإنسان، وحقق أمنية أيوب عندما قال بأسى " ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا" (أي 9: 33).  
     
       طبعا نحن الأولاد والبنات لا نستطيع أن نقاوم النوم , فكل أم تلم ابنائها في حضنها مثلما صنعت العذراء مع 
طفلها يسوع في مثل هذه الليلة .. وفجأة يوقظنا مَنْ طال انتظارنا له .. ونجد في وسطنا " بابا نويل " أتي من باب الشقة , بحقيبة الهدايا , رافع يديه ويردد كلمات ونحن جميعنا نرددها معاه  , فهي ترنيمة من أجمال الكلمات والألحان مازالت حتي الأن تعيش في وجداني طيلة 70 سنة : 
 رن صوت في الأعالي ............ يا ترى ماذا الخبر
و لم الأملاك تشــــــدو............. بترانيم الظفـــــــر
كلهم في المجــد غنى ..............بأناشيد الســـرور
قد بدا أمـــــر عجيب............... رحمة الله الغفور 
وسنة حلـــــــــــــــــــــــوة يا يســـــــــــــــــــــوع 
                                               

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع