الأقباط متحدون | مكان وزمان حادثة القيامة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٢١ | السبت ٣٠ ابريل ٢٠١١ | ٢٢ برمودة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٧٩ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

مكان وزمان حادثة القيامة

السبت ٣٠ ابريل ٢٠١١ - ٢٠: ١٠ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: لطيف شاكر
قيامة المسيح حادث تاريخي محدد، حيث أن عمل الله قد ظهر في زمان ومكان محددين.
وفي هذا يقول ولبر سميث:
إن قيامة المسيح مسألة لاهوتية من حيث المعنى، ولكن حقيقتها مسألة تاريخية، وقد تكون قيامة يسوع بالجسد لغزاً محيراً، ولكن حقيقة اختفاء جسده من القبر مسألة يجب دراستها بفحص الأدلة التاريخية.

المكان هو موقع جغرافي محدد، وصاحب القبر كان رجلاً عاش في النصف الأول من القرن الأول، وكان ذلك القبر منحوتاً في صخرة في أحد التلال القريبة من أورشليم، ولم يكن شيئاً أسطورياً أو وهمياً، بل كان له أوصاف جغرافية محددة. ولم يكن الحرَّاس الذين عُينوا لحراسة القبر كائنات أثيرية قادمة من جبل أولمبوس. ومجلس السنهدريم كان أعضاؤه يجتمعون كثيراً في أورشليم. وكما تخبرنا الكثير من المصادر التاريخية، فقد كان يسوع شخصاً حقيقياً، عاش بين الناس أياً كانت صفاته الأخرى. وكان التلاميذ الذي خرجوا ليبشروا بالرب المقام أشخاصاً عاشوا بين الناس، كانوا يأكلون ويشربون وينامون ويتألمون ويعلِّمون ويموتون فأي شيء يتصل بالعقيدة في هذه الأحداث؟ إنها مسألة تاريخية صرفاً.

كُتب عن أغناطيوس (حوالي 50- 115م) أسقف أنطاكية الذي عاش في سوريا وكان تلميذاً للرسول يوحنا: لقد أُلقي للوحوش الضارية في كولوسيوم روما. وكتب رسائله في أثناء رحلته من أنطاكية إلى حيث استشهد.
وفي ذلك الوقت قال عن المسيح: صُلب المسيح في ظل حكم بيلاطس البنطي، ومات فعلاً تحت بصر السماء والأرض وما تحت الأرض. وقام في اليوم الثالث... ففي يوم الاستعداد، في الساعة الثالثة حكم عليه بيلاطس البنطي، إذ سمح الله الآب بذلك، وُصلب في الساعة السادسة، وفي الساعة التاسعة أسلم الروح، ودُفن قبل غروب الشمس.

وخلال يوم السبت بقى في قلب القبر حيث وضعه يوسف الرامي. لقد حُمل به في البطن، كما نحن أيضاً، ووُلد في الأجل المحدد، كما نحن أيضاً، وتغذى باللبن وأكل وشرب كما نفعل نحن. وبعد أن عاش وسط الناس ثلاثين عاماً، اعتمد بيوحنا حقاً، وبعد أن بشَّر بالإنجيل ثلاث سنين وصنع العجائب والمعجزات حكم عليه اليهود وبيلاطس البنطي الوالي ظُلماً، وهو الديان. فجلدوه ولطموه على خده وبصقوا عليه وكللوه بإكليل شوك وألبسوه رداءَ أرجوانياً. لقد أدانوه فصُلب بالحقيقة وليس وهماً أو خيالاً أو خداعاً. وبالحقيقة مات ودُفن وقام من الأموات.
اما عن الزمان يحدثنا المؤرخ ألفريد إديرشايم عن الزمان المحدد لموت المسيح وقيامته:
كاد يوم الربيع القصير يصل إلى «مساء السبت». ولقد كان أمر الشريعة أن لا يبقى جسد المجرم معلقاً دون دفنه لصباح اليوم التالي. وربما تغاضى اليهود في الأحوال العادية عن أن يطلبوا من بيلاطس تقصير آلام المصلوبين، لأن عقوبة الصلْب كانت كثيراً ما تستمر ليس لساعات بل لأيام قبل أن يموت المصلوب. ولكن الأمر هنا كان مختلفاً فيوم السبت الذي أوشك أن يلوح كان عيداً- فمع كونه يوم سبت كان أيضاً ثاني أيام عيد الفصح، وكان يعدّ من كل الوجوه مقدساً تماماً مثل اليوم الأول- بل إنهم كانوا يقدسونه أكثر إذ كانوا يقدمون فيه للرب ما يعرف باسم «حزمة الترديد».
ويقول ولبر سميث: «يمكن القول بأننا نعرف تفاصيلاً عن الأحداث التي سبقت موت يسوع الفعلي مباشرة في أورشليم وبالقرب منها، أكثر مما نعرفه عن موت أي شخص آخر عاش قديماً».
چاستن مارتر (حوالي 100- 165م) هو فيلسوف وشهيد ومدافع عن الإيمان المسيحي... كان متعطشاً لمعرفة الحقيقة، فطرق أبواب الرواقية وفلسفات أرسطو وفيثاغورس وأفلاطون ... وقد أصبح هذا الأفلاطوني الغيور مسيحياً مؤمناً فقال: وجدت هذه الفلسفة وحدها آمنة ومربحة».

لقد أدرك چاستن مارتر أن فلسفات العالم تقدم افتراضات عقلية، أما المسيحية وحدها فتقدم الله نفسه فعالاً في الزمان والمكان بواسطة يسوع المسيح. وهو يقول في وضوح تام: «ولد المسيح قبل مائة وخمسين عاماً أثناء حكم كيرينيوس، وعاش في زمن بيلاطس البنطي».

كتب ترتليان (حوالي 160- 220م) أسقف قرطاج في شمال أفريقيا: «لكن اليهود تضايقوا من تعاليمه التي أدانت رؤساءهم وقادتهم، لأن كثيرين انحازوا إليه، وفي نهاية الأمر أحضروه للمثول أمام بيلاطس البنطي، الذي كان حاكماً رومانياً على سوريا آنذاك، ولما تعالت أصواتهم ضده، انتزعوا حكماً بصلبه».
وعن صعود المسيح يقول ترتليان: «وهي حقيقة أكيدة أكثر بكثير من أقوال بروكيلوس عن رومولوس» (وكان بروكيلوس حاكماً رومانياً، قال إن رومولوس ظهر له بعد موته.

كل هذا فعله بيلاطس بالمسيح. ويقول ترتليان أيضاً عنه: إن تلاميذ المسيح انتشروا في العالم أجمع وفعلوا كما أمرهم سيدهم، وبعد أن قاسوا الأمرِّين من اضطهادات اليهود، وبنفس راضية إذ كان لهم إيمان ثابت بالحق، استشهدوا بسيف نيرون القاسي في النهاية فبذروا بذار الدم المسيحي في روما.
وكتب يوسيفوس المؤرخ اليهودي في نهاية القرن الأول الميلادي هذه الكلمات الرائعة عنه في كتابه الآثار:

كان في ذلك الوقت رجل حكيم اسمه يسوع، لو كان لنا أن ندعوه رجلاً، لأنه كان يصنع العجائب، وكان معلماً لمن كانوا يتقبَّلون الحق بابتهاج. وجذب إليه الكثيرين من اليهود والأمم على حد سواء. وكان هو المسيح، وعندما أصدر بيلاطس الحكم عليه بالصلْب، بإيعاز من رؤسائنا، لم يتركه أتباعه الذين أحبوه من البداية، إذ أنه ظهر لهم حياً مرة أخرى في اليوم الثالث، كما تنبأ أنبياء الله عن هذه الأشياء وعن آلاف الأشياء العجيبة المختصة به. وجماعة المسيحيين، المدعوين على اسمه، مازالوا موجودين حتى هذا اليوم.

وقد حاول البعض أن يبرهنوا على أن هذه الكتابة مدسوسة على يوسيفوس. إلا أن مايكل جرين يقول في كتابه «رجل حي»: «وردت هذه الفقرة عن يوسيفوس في كتابات يوسابيوس في القرن الرابع». ويقول أيضاً: «وظهرت في الطبعات الحديثة لأعماله. ومن الجدير بالملاحظة أن يوسيفوس لم يكن متعاطفاً مع المسيحيين، ولكنه كان يهودياً يكتب إرضاءً للرومان. ولم تكن هذه القصة لترضيهم بأي حال. ولم يكن يوسيفوس ليكتبها لو لم تكن صحيحة».
وفيما يختص بالطبيعة التاريخية لإيمان الكنيسة الأولى يقول ليني: يصف العهد الجديد الأمور على النحو التالي: صُلب يسوع ودُفن، فأصاب أتباعه الغم واليأس. وبعد فترة وجيزة امتلأوا بهجة وطمأنينة وكرَّسوا حياتهم حتى إلى الموت والشهادة. ولو سألناهم بحسب ما جاء في كتاباتهم عن سبب هذا التغيير، فلن تكون إجابتهم: «سبب ذلك هو الاعتقاد الذي بدأ يترسخ تدريجياً فينا أن مصيرنا الموت وأن الذي صُلب ودفن مازال حياً» ولكن ستكون إجابتهم: «السبب هو أن يسوع الذي مات ظهر للبعض منا حياً بعد موته وآمن الباقون بهذه الشهادة». ومن الجدير بالذكر أن هذا يعد تقريراً تاريخياً تماماً مثل عبارة: «المسيح قام بالحقيقة» التي دفعت الكثيرين رجالاً ونساءً للإيمان.

ويتحدث برنارد رام عن الطبيعة القانونية لكتابات العهد الجديد فيقول: «في الأصحاح الأول من سفر الأعمال يخبرنا لوقا أن يسوع أراهم نفسه حياً «ببراهين كثيرة»، وهو تعبير يستخدم للإشارة إلى أقوى أنواع الأدلة القانونية».
ويقول كلارك بينوك أيضاً:
كان يقين الرسل مؤسساً على خبراتهم في عالم الواقـع. فقد أراهـم يسـوع نفسه حيـاً «ببـراهـين كثـيرة» ( أعمال 3:1). والتعبير الذي يستخدمه لوقا هنا هو (tekmerion) وهو يشير إلى الدليل الذي يُرى. لقد نشأ إيمان التلاميذ بالقيامة نتيجة للبراهين المادية التي لا يمكن إنكارها والتي توفرت لهم. وهي تتوفر لنا من خلال شهاداتهم المكتوبة. ومن الأهمية بمكان بالنسبة لنا في عصر يطلب الدليل على صحة الإيمان المسيحي أن نستجيب لهذا الـمطـلــب بتقـديم البراهين التاريخية، إذ أن القيامة تعتـبر حقيقة تاريخية وتشكل حافزاً قوياً لدى المرء للإيمـان بالـمسيــح مخـلصـاً.

ويؤكد إرنست كيفان أيضاً على قيمة شهادات الرسل كبراهين قائلاً: كتب لوقا سفر أعمال الرسل بين عامي 63م و 70م عند سقوط أورشليم. وهو يقول موضحاً في مقدمة إنجيله أنه جمع معلوماته من شهود العيان، ومن ثم يمكننا أن نستنتج أنه كتب سفر الأعمال بنفس الطريقة. وكما تشير الأدلة التاريخية أيضاً فإن استخدامه للضمير «نحن» يدل على أنه كان يشارك شخصياً في بعض الأحداث التي يرويها. فقد شارك في البشارة الأولى والأحداث العظمى التي جرت في هذا العصر المبكر. ومن ثم يعد لوقا شاهد عيان معاصر لتلك الأحداث.. ومن غير المعقول الظن بأن الكنيسة الأولى لم تكن تعرف تاريخها، وقبول الكنيسة لهذا السفر يعـد دليـلاً على صحـته.
ويشير كيفان نقلاً عن أحد العلماء المسيحيين البارزين إلى أنه: «كما أن الكنيسة مقدسة للغاية بما لا يسمح بوجود أساس فاسد، فهي أيضاً حقيقية للغاية ولا تشوبها الأساطير».
«ليست هناك وثائق أكثر قيمة من الرسائل التي كُتبت في ذلك العصر لإثبات صحة واقعة تاريخية معينة حدثت آنذاك».
ويقول الأستاذ كيفان عن رسائل العهد الجديد: «وهناك الأدلة القاطعة لرسائل الرسول بولس التي كُتبت في ذلك العصر. وتشكِّل هذه الرسائل أقوى أنواع الأدلة التاريخية. وتنتمي الرسائل الموجهة إلى أهل غلاطية وكورنثوس ورومية إلى زمن رحلات بولس التبشيرية وترجع إلى حوالي 55- 58م، وقد أجمعت معظم الآراء على صحة وتاريخ هذه الرسائل. وهذا البرهان على قيامة المسيح قريب جداً من هذه الحادثة، إذ أن الفترة بين قيامة المسيح وبين كتابة هذه الرسائل لا تتعدى 25 عاماً. وبما أن بولس نفسه يصرح بأن موضوع رسالته هو نفسه الموضوع الذي تحدث إليهم عنه عندما كان معهم، فإن هذا يقترب بهذه الشهادة إلى زمن أقدم».
ويقول برنارد رام إنه حتى «أكثر القراءات تعجلاً للأناجيل تقرّ بحقيقة أن الأناجيل تتناول موت وقيامة المسيح بتفاصيل أكثر من أي أمر آخر في خدمة المسيح. إن تفاصيل أحداث القيامة لا يجب فصلها بشكل مصطنع عن أحداث آلام المسيح».
كانت للمسيح ظهورات كثيرة بعد قيامته. وقد حدثت هذه الظهورات في أوقات معينة في حياة أشخاص محددين واقتصرت على أماكن محددة.
يقول فولفهارات باننبرج أستاذ اللاهوت النظامي بجامعة ميونخ بألمانيا : «إن حقيقة حدوث قيامة يسوع هي مسألة تاريخية، والمسألة التاريخية عند هذه النقطة لا يمكن الهروب منها. ومن ثم يجب حسم هذه المسألة على مستوى الحجج التاريخية».
ويقول عالم العهد الجديد س. هـ. دود: «تبقى القيامة حادثة في سياق التاريخ».
ويقول چ. ن. د. أندرسون مقتبساً قول س. ف. د. مول الأستاذ بجامعة كمبريدچ:
«منذ بداية المسيحية ووجود المسيحيين يرتبط بعقيدتهم بقيامة يسوع من الأموات. وليست هناك علَّة أخرى يمكن أن تفسير وجودهم... وفي العهد الجديد ليس هناك دليل واحد على أن المسيحيين دافعوا عن فلسفة حياة جديدة أو مذهب أخلاقي حديث. فعملهم الوحيد كان الشهادة بهذه الحادثة التي يؤمنون بها- أي قيامة يسوع من بين الأموات. والأمر الوحيد الذي دافع عنه المسيحيون كان الإعلان بأن يسوع قد قام من الأموات بحسب الترتيب الإلهـي، ومـا يتـرتـب على ذلك من اعتباره ابن الله الوحيد والـممثـل عن الإنسان، وينتج عن ذلك مفهوم السبيل إلى الـمصالحـة.
ويقول چ. سبارو- سمبسون:

كانت قيامة المسيح هي أساس المسيحية في العصر الرسولي، ويرجـع ذلـك إلى أسباب تتصل بالعقيدة وبالأدلة على حد سواء... فوعي الرسل بالطبيعــة الأساسية والجوهـريـة للقيامة واضـح من الـمكانـة التـي تشغلـهـا في شهادتهـم. فكـان الرسـول يعين شاهـداً بالقيامـة ( أعمال 1: 22). وكان مضمون بشارة بولس بالمسيحية يعرف لدى الأثينيين بأنه «يسوع والقيامة» ( أعمال 17: 18) ويؤكد سفر الأعمال مراراً في بدايته على أن: «يسوع هذا أقامه الله ونحن جميعاً شهود لذلك».

وكحقيقة تاريخية، فقد كانت قيامته هي التي مكَّنت الناس من الإيمان بأمجاد يسوع التي تفوق البشر. ولم يكن الأمر مجرد التأثير الأخلاقي لشخصيته وحياته وتعاليمه. ولكن عقيدة القيامة هي التي دفعتهم إلى تسليم حياتهم للمسيح الفادي، ولا يمكن تفسير ذلك بدونها. ومن ينكرون قيامتـه ينكرون أيضاً بالتبعية ألوهيته وعمل الفداء الذي قـام به كمـا بشـر بذلك القديس بولـس.
وللقيامة تكمله ....




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :