الأقباط متحدون - كيف نحمى الحريات الدينية فى مصر؟
  • ٠٦:٢١
  • الخميس , ٢٨ ديسمبر ٢٠١٧
English version

كيف نحمى الحريات الدينية فى مصر؟

مقالات مختارة | حافظ أبوسعدة

٣٥: ٠٧ م +02:00 EET

الخميس ٢٨ ديسمبر ٢٠١٧

حافظ أبوسعدة
حافظ أبوسعدة

تعانى الحريات الدينية فى مصر، فى الوقت الحاضر، أشد المعاناة؛ فمن الاعتداء على مسجد الروضة وهو أحد المساجد التى تصلى فيها جماعات صوفية، الذى أدى إلى مقتل أكثر من 300 مواطن مصرى فى صلاة الجمعة، وهى الحادثة التى اهتز لها الضمير العالمى، وأشارت أصابع الاتهام إلى تنظيم إرهابى فى سيناء، وفى هذا الإطار ناقشت إحدى لجان الكونجرس الأمريكى وضع الأقباط فى مصر كانتهاكات للحرية الدينية للمسيحيين وذلك قبل زيارة نائب الرئيس الأمريكى لمصر فى إطار زيارة الشرق الأوسط وبالطبع على جدول أعماله مناقشة مصر فى وضع الأقباط والانتهاكات التى يتعرض لها المسيحيون فى مصر وبشكل خاص مسألة بناء الكنائس وترميمها، وقبل أن يمر أسبوع تقع حادثة قيام عدد من المواطنين المسلمين فى مدينة أطفيح جنوب القاهرة بالاعتداء على مبنى ملك أحد المسيحيين بدعوى تحويله لكنيسة ومحاولة تركيب جرس على المبنى، وانتهى الأمر بالقبض على المواطن المسيحى بتهمة بناء دار عبادة دون ترخيص، وبالطبع وكأننا نقدم قضية نموذجية أو Case Study لكى تكون دليلاً إضافياً على الانتهاكات التى يتعرض لها الأقباط، ولم يتوقف الأمر عند معاناة الأقباط لكن أيضاً فى ذات التوقيت يتقدم أحد السادة النواب بمشروع قانون لتجريم الإلحاد لوضع عقوبات سالبة للحرية لكل من يعتقد فى الإلحاد وهو أقرب إلى قوانين محاكم التفتيش فى العصور الوسطى فى أوروبا أو عصور الظلام قبل الدخول فى عصر التنوير والإصلاح الدينى.

الدولة المصرية فى الحقيقة اهتمت بالحريات الدينية أيما اهتمام وليس أدل على ذلك من نصوص الدستور المصرى الحديث فتنص المادة 64 على أن «حرية الاعتقاد مطلقة»، وفى الفقرة التالية «وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون». وقد اهتم المجلس التشريعى قبل عام بإصدار قانون خاص ببناء الكنائس والترخيص للكنائس غير المرخصة التى اعتاد المواطنون الصلاة فيها لبعد المسافات عن أقرب كنيسة وهى قضية اعتبرها النواب فى البرلمان انتصاراً للحرية الدينية وتنفيذاً لنصوص الدستور، إلا أنه فى الواقع لم يتم احترام هذا القانون فى كثير من الحالات وأثيرت مشكلات فى المنيا وكانت الحجة للسلطة التنفيذية هى عدم وجود لائحة تنفيذية لتطبيق القانون، إذ لم تتم ترجمة هذا الاهتمام من الدولة المصرية والمشرع الدستورى والسلطة التشريعية إلى واقع تنفيذى يحل مشكلات الأقباط فى مصر، كما أن بعض الاجتهادات لبعض الشيوخ تؤدى إلى تأزيم الواقع للأقليات الدينية وعلى رأسهم المسيحيون فمن فتوى بأن المسيحيين كفار إلى عدم جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم إلى اعتبار بعض المذاهب الإسلامية غير السنية أنها كفر بواح إلى استهداف الطرق الصوفية، كل هذا يعقد مسألة الحريات الدينية فى مصر.

ليس هذا فقط، بل أيضاً كانت توصيات الأمم المتحدة أثناء مناقشة التقرير الدورى الشامل تؤكد ضرورة مواجهة الاضطهاد الدينى للأقليات الدينية ومنهم بالطبع المسيحيون ورغم وجود النص الدستورى المشار إليه عاليه لكنه لن يكون دفاعاً جيداً فى ظل الانتهاكات التى يتم رصدها كما أنه لن يكفى القول بأن التطرف الدينى وتنظيمات الإرهاب هى وحدها المسئولة كما أن اهتمام الرئيس نفسه بالمسيحيين ودعوته لبناء أكبر كنيسة ومسجد فى العاصمة الإدارية أيضاً غير كافية للرد على هذه الادعاءات. ويظل السؤال هو: «ما العمل؟».

أعتقد أن الاهتمام بملف حقوق الإنسان بشكل عام والحريات الدينية بشكل خاص يجب أن يحظى بأعلى درجة من اهتمام الدولة المصرية فهى ليست فقط معركة خاصة بحماية حقوق الإنسان إنما هى معركة بناء دولة سيادة القانون وتمتين النسيج الوطنى واحترام الدستور وقيم ومبادئ حقوق الإنسان، وتتطلب هذه المعركة الحماية الكاملة للحريات الدينية.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع