الأقباط متحدون - سوق «سداح مداح»!
  • ٠٦:٣١
  • الجمعة , ٢٩ ديسمبر ٢٠١٧
English version

سوق «سداح مداح»!

مقالات مختارة | حمدي رزق

٠٥: ٠٤ م +02:00 EET

الجمعة ٢٩ ديسمبر ٢٠١٧

حمدي رزق
حمدي رزق

ليس بينى وبين الدكتور على مصيلحى، وزير التموين، عمار، والسبب أنه ضد «التسعيرة الجبرية» تماماً، وكأنها رجس من عمل الشيطان، ولكنى فى ظهره تماماً فى قراره رقم 330، الذى يقضى بإلزام الجهات والشركات المنتجة والمستوردة والمصنعة والمعبئة والموردة للسلع الغذائية بإصدار فواتير بيعية ضريبية، متضمنة البيانات التى توضح سعر بيع المصنع والسعر المقترح للمستهلك وحقيقة السلعة وكميتها طبقاً للقوانين الصادرة بشأن الفواتير الضريبية.

وأخشى ما أخشاه أن ينهزم الوزير فى هذه المعركة فى مواجهة الاحتكارات العاتية، التى تحكم وتتحكم فى السوق المصرية، والتى عمدت إلى رفض القرار رقم 217 لسنة 2017، الذى نص على الإعلان بكتابة سعر السلعة بشكل واضح غير قابل للإزالة أو المحو باللغة العربية على السلعة، ويجوز أن يكون البيان مصحوباً بترجمة بإحدى اللغات الأجنبية.

لماذا هذا القرار يتطلب مساندة الوزير؟، لأنه قرار محترم وفى صالح المستهلك تماماً، ويقضى على فوضى الأسعار فى الأسواق، ويجرم المزايدة السعرية على السلعة الواحدة من بقال إلى آخر، ومن سوبر ماركت إلى آخر، السلعة بسعر واحد، مسجل على الغلاف الخارجى، ويستحيل على التاجر زيادة السعر مادام مسجلا، ومَن يخالف فالقانون يتولاه.

الرفض صارخ فى وجه الوزير من جانب «تجار الأرنص»، الذين اهتبلوا الأسواق طويلاً، لا يقنعون بهامش الربح الذى حددته الشركة المنتجة، وهو بالمناسبة مُبالَغ فيه جداً، لا يُشبع جوعهم للحم المستهلك، ولا يرغبون فى الوفاء بحق الدولة فى فواتير مبيعاتهم، لا يدفعون ضرائب من أساسه، ويُحمّلون المستهلك فوق السعر سعراً آخر يقررونه دون مرجعيات سعرية من الشركات المنتجة أو المستوردة أو المصنعة أو المعبئة والموردة للسلع الغذائية.

زمن طويل وهم يحلبون المستهلك، الذى هو ضحية سوق «سداح مداح»، سوق لا تعرف لها سعراً، ولا ترعوى لتسعير، ولا تحرر فواتير، تربح كثيراً، ولا تعرف الضرائب إليها طريقاً، وهم يعرفون طريقهم سالكاً لجيوب المستهلكين، ولا يرتضون بالأرباح المتحققة، يفضلون سوقاً مفتوحة ينهشون فيها لحم المستهلك عارياً من أى تدابير حمائية حكومية.

تسعير السلع والخدمات معلنا على العبوات ليس تسعيرا جبريا من الحكومة، بل تسعير اختيارى من المنتج، وليس اختراعاً مصرياً، بل صيغة مستقرة عالمياً فى الأسواق الطبيعية، ودخول السوق المصرية مرحلة تسعير المنتجات على الأغلفة قرار تأخر طويلاً، حتى جاء الدكتور على مصيلحى، وهو يملك إرادة سياسية كاملة غير منقوصة لتنظيم التجارة الداخلية.

فقط ينقص الوزير الوعى الشعبى، الوزير يحتاج إلى مساندة شعبية، مارس حقك فى شراء سلع مكتوب عليها السعر، لا تشترِ سلعاً مجهولة، واطلب فاتورة لتحفظ بها حق الدولة فى تحصيل مليارات من الضرائب، التى كانت تذهب سدى فى مسارب الأسواق.

أعلم أنها معركة شرسة، والتجار لن يسلموا بالمكتوب، وسيعلنونها حرباً على الوزير. تفرق كتير أن تحيط جمعيات المستهلك قرار الوزير بالدعم والمساندة، وهذا يستلزم تحركاً لتنوير المستهلكين بحقوقهم فى سلعة، سعرها معلن على الغلاف الخارجى، وطلب فاتورة قبل مغادرة المحل.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع