الأقباط متحدون - الفتنة التى نصّر على إيقاظها
  • ٠٦:٠٩
  • السبت , ٣٠ ديسمبر ٢٠١٧
English version

الفتنة التى نصّر على إيقاظها

مقالات مختارة | أنيسة عصام حسونة

١٩: ٠٨ ص +02:00 EET

السبت ٣٠ ديسمبر ٢٠١٧

أنيسة عصام حسونة
أنيسة عصام حسونة

لا شك أن ما حدث فى أطفيح وما قبلها وما بعدها من حوادث متفرقة شهدناها منذ إقرار قانون بناء الكنائس منذ شهور قد كشف عن مدى عمق مشاعر الإحباط والفرقة المتراكمة عبر عقود طويلة من تجاهل القضايا المسكوت عنها خشية فتح ملفات يمكن أن تثير مواجع بعض المصريين وتزيد الحساسيات بينهم وبين أبناء جلدتهم وشركائهم فى الوطن وتمشيا مع ذلك فلا شك أننا قد لاحظنا خلال الأزمات المشابهة فى السنوات المتعاقبة أنه كان كثيرا ما يتم إرسال رموز التيارات الدينية لحلها وتطييب الخواطر وتقبيل اللحى لتجاوز آثارها والادعاء بأنها أحداث عابرة لها أسباب «غير دينية» وهذا فى رأيى ينعكس سلبا على هيبة إنفاذ القانون إرضاء لمشاعر دينية متعصبة وتجنبا لتصاعد الأمور بين المتطرفين من الجانبين فى ظل مناخ تم فيه استخدام الدين بوضوح لتكريس وتعميق الخلافات اليومية على أرضيات عقائدية تغذيها أجندات دينية قصيرة النظر،

ولا شك أن استمرارنا فى إنكار حجم المشكلة والاكتفاء فقط بمعالجة أعراضها التى تظهر على السطح بين الحين والآخر مثل أعمدة الدخان المنذرة بانفجار بركانى وشيك الحدوث سيدفع فى القريب العاجل بالحمم الملتهبة إلى عتبات الأبواب لنبدأ فى إطفاء الحريق بعد أن يكون قد أمسك بأطراف ثيابنا بالفعل بسبب أننا لم نعط الاهتمام الكافى للهوة السحيقة التى ما انفكت تتسع تحت أقدامنا يوما بعد يوم حتى أصبحت تهدد بالإطاحة بتراث الاستقرار الاجتماعى وتماسك النسيج الوطنى الذى طالما ما باهت به مصر جيرانها عبر العصور المختلفة. وأنا على ثقة من أنكم مثلى قد فاض بكم ومللتم سياسة تجاهل الحلول الجذرية للأزمات والمشكلات وتصديرها لأجيال قادمة ستكون فى ظل المناخ السائد أكثر تعصبا وقسوة وانغلاقا لسبب بسيط هو أننا قد علمناهم أن يكونوا كذلك، فهم ليسوا فقط نتاج ما صنعناه ودعمناه وتجاهلنا انتشاره من معتقدات وآراء بل أيضا حصيلة ما تقاعسنا عن القيام به من إصلاح ثقافى وتنوير للعقول المنغلقة إيثارا للسلامة وخوفا من التصنيفات الحمقاء فاستسلمنا لمناخ ثقافى انتهازى يخشى اتخاذ المواقف الحاسمة تجاه الأفكار المؤدية إلى الجهل والتعصب حيث علمنا أولادنا فى المدارس عدم احترام الاختلاف وحرية الرأى بل زرعنا فى نفوسهم البريئة كيف يتعصبون ضد كل من يختلف عنهم فى أى شىء وأفسدنا طفولتهم الغضة بتحميلهم بآراء منغلقة تحصر عالمهم الثقافى فى الحفظ والتلقين بدلا من الإبداع والابتكار، فدعونا لا نسدل الستار على ما يحدث آملين أن يختفى من تلقاء نفسه لأن ذلك لن يحدث، بل نحن مطالبون أن نلجأ بشجاعة إلى المكاشفة والمصارحة دون حساسيات، فالاحتقان سيتصاعد طالما اكتفينا بتبنى إصلاحات تجميلية على السطح دون إخراج الأمر بكل تراكماته إلى العلن والخطوة الأولى أن نبدأ فورا والآن بمراجعة ما نلقنه لأطفالنا فى مناهج التعليم وما نروج له فى إعلامنا من تصنيف الناس وفقا لمعتقداتهم وما نعتقد أنه مستقر فى قلوبهم، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لنهيئ على المدى الطويل المناخ الفكرى والثقافى الداعم لاحترام حقوق المواطنة، أما فى الأجل القصير فيجب أن يتم تطبيق أحكام القانون بصرامة على كل من ينتهك هذه الحقوق من الجانبين دون النظر إلى مواءمات سياسية أو مذهبية أدت بنا إلى ما نحن عليه الآن، فلنفعل ذلك معا متناسين مؤقتا خلافاتنا السياسية والاقتصادية ومتذكرين دائما روابطنا الوطنية مدركين فى أعماقنا أننا لن نعبر مثل هذه الأزمات نحو مستقبل أفضل إلا معا مسلمين ومسيحيين ولكن قبل ذلك مصريين، فهل نحن حقا فى ذلك راغبون؟.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع