الأقباط متحدون - وقفات أرشيفية في تاريخ الصحافة
  • ٠٥:٥٧
  • السبت , ٣٠ ديسمبر ٢٠١٧
English version

وقفات أرشيفية في تاريخ الصحافة

مدحت بشاي

بشائيات

٥٧: ٠٥ م +02:00 EET

السبت ٣٠ ديسمبر ٢٠١٧

 وقفات أرشيفية في تاريخ الصحافة
وقفات أرشيفية في تاريخ الصحافة
كتب : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
 
دائما ، ما يوجه شيوخ الصحافة وحرفييها مراسليهم من الشباب بأهمية الصورة في تحقيق الخبر ومتابعة الأحداث ، بل وحتى في مجال إجراء المقابلات الصحفية لرصد وقع ما طرحه الصحفي على ملامح وجه ضيفه  ، وكثيراً مايكررون عبارة " الصورة أحياناً يمكن أن تغنينا عن مقال أوسرد تقليدي ممل لتفاصيل أي حدث " ..
 
ويظل ذلك المفهوم حتى عصرنا هذا مع وجود كل وسائط الإعلام المرئي بكل تقنياته المبهرة ، فما بالنا الحال قبل ظهور تلك الوسائط التي جعلت من كل حامل " موبايل " مشروع صحفي وإعلامي جاهز في التو واللحظة توثيق الحدث ونقله إلى الآلاف والملايين بسرعة التقاط الصورة أو تسجيل الفيديو ووضعه على شبكات التواصل المختلفة في بث حي عبقري ؟! 
 
هنا نرى أهمية توجه أصحاب إصدار " المصور" منذ 93 سنة لتقديم الصورة الصحفية الموثقة للأحداث بتفرد رائع وبإمكانيات بسيطة وخبرات أولية في عالم التصوير ، حتى بات لدينا في مؤسسة دار الهلال أرشيفاً رائعاً يوثق للوطن والمواطن أهم محطات التواجد الإنساني في ملف الحياة العريضة الممتدة عبر السنين ...
 
لقد أتيح لي فرصة رائعة بلقاء الروائي والكاتب الصحفي " عادل سعد " مدير مركز تراث دار الهلال على شاشة موقع " الأقباط متحدون والافتراب من رصيد ذلك المركز الفريد الذي يضم كنوزاً من إبداعات أهل الدار وإصداراته ، وفي المقدمة " المصور" الذي نحتفل مع أسرة تحريره بمرور 9 حقب من التنوير والإبداع المهني .. 
 
وأدعوك عزيزي القارئ بمناسبة تلك الاحتفالية للإطلاع على بعض نماذج من صفحات وأغلفة " المصور" في العشرينات من القرن الماضي ..
في عدد أكتوبر 1925 وعلى غلافه كان العنوان " بدء عهد جديد في حياة مصر العلمية : افتتاح الجامعة المصرية " مع صورة هامة تجمع الحضور في حفل الافتتاح وأسفل الصورة كان التعليق التالي " في الساعة الخامسة من مساء الخميس 10 أكتوبر الجاري احتفل بافتتاح كلية الآداب في الجامعة المصرية برئاسة أحمد لطفي السيد بك مدير الجامعة وقد حضر هذا الاحتفال" العائلي " كما وصفه جناب المدير أكثر من 250شخصاً بينهم 170 من طلبة كلية الآداب وعدد غير قليل من أهل الثقافة الذين حضروا هذه الحفلة حفاوة بهذا اليوم المبارك .." وهو مايشير إلى الاهتمام الرائع بما أسمته " حياة مصر العلمية " وبهجة الاحتفاء بوجود أول جامعة مصرية ..
 
وفي نفس هذا الإطار من الاهتمام بتطوير المنظومة العلمية والتعليمية والفرحة بتعليم البنات المصريات وابتعاثهن للتعليم في الخارج كان ذلك الخبر الجميل بالعدد 99 بتاريخ 3 سبتمبر1926 .. " في يوم الخميس الماضي قصدت طائفة كبيرة من الفتيات المنتهيات من المدرسة السنية إلى وزارة المعارف حيث قابلن صاحب المعالي وزير المعارف ، وكان قد تقرر إيفاد هذه الطائفة إلى انجلترا لتلقي العلوم وقد خطبهن الوزير وحضهن على الاجتهاد ومما قاله لهن " يهمني جداً أن ألفت نظركن إلى أمر هام وهو الوقوف على سر تقدم تلك الأمة التي ستعشن بين أفرادها وذلك بدرس النظام العائلي والعناية بالأخلاق وليكن في علمكن أن العلوم وحدها ليست كل شيء إنما هي الأخلاق "..والصورة أخذت بمحطة مصر قبل قيام القطار الذي أقلهن إلى الأسكندرية للإبحار منها إلى انجلترا.. "..
 
وعلى غلاف العدد 78 بتاريخ 9 أبريل 1926 وبعنوان  " نهضة التمثيل وتشجيعه "..حائزو جائزة الامتياز وتحت صور الفنانين " يوسف بك وهبي "و " جورج  أفندي أبيض " و " منيرة المهدية " و " روز اليوسف " ، كان الخبر التالي " من أجل الأعمال التي أقرها البرلمان المصري تشجيع التمثيل العربي بمكافأة المجيدين من مديري المراسح والممثلين وكتاب الروايات التمثيلية وللمرة الثانية وزعت لجنة تشجيع التمثيل جوائزها فحاز جائزة الامتياز ثلاثة من أركان التمثيل وواحدة من أركان الغناء المسرحي في مصر وهم : الأستاذ يوسف بك وهبي وهو صاحب ومدير مرسح رمسيس والأستاذ جورج أفندي أبيض والسيدة روز اليوسف التي تركت التمثيل إلى حين لاشتغالها بالصحافة والسيدة منيرة المهدية كبيرة مغنيات المراسح ..و    " المصور" يقدم اليوم التهنئة ويتمنى أن يوفقوا في رفع المرسح المصري إلى المستوى الذي يتمناه كل محب للفن غيور عليه .." .. ومتابعة " المصور" هنا لإنجاز مستنير لبرلمان رائع يرى فيه ممثلي الشعب المصري ضرورة دعم أهل الفن والإبداع وتقدير رسالتهم الوطنية يشير لأهمية ذلك الإصدار التنويري البديع ..
 
وعلى غير ماتم ترويجه عن تاريخ إنشاء سكك حديد مصر وأنها كانت الثانية من حيث الإنشاء عالميا كان الخبر التالي على صفحات مجلتنا " المصور" حول تاريخ إنشاء السكك الحديدية في العالم ..." احتفل أخيراً في فرنسا بمرور مائة سنة على صنع القاطرة الألى وسير القطرات الحديدية في تلك البلاد ، وإليك التواريخ التي أنشئت فيها السكك الحديدية في مختلف البلدان :
 
انجلترا سارت فيها القطرات الحديدية في 27 سبتمبر سنة 1825 ...النمسا سارت فيها في سنة 1828  ...فرنسا في نفس السنة أيضاً...الولايات المتحدة في سنة 1829...بلجيكا في سنة 1835...ألمانيا في سنة 1835 أيضاً...روسيا في سنة 1838...إيطاليا في سنة 1839...سويسرا في سنة 1844..أسبانيا في سنة 1848...نرويج في سنة 1853..البرتغال في سنة 1854... وتأتي مصر في سنة 1856...وتركيا في سنة 1860.. هي شهادة تاريخية في مطلع العشرينات من القرن الماضي على صفحات " المصور " بتاريخ إنشاء السكك الحديدية !!...
وفي مقال افتتاحي للضاحك الباكي فكري أباظة رصد بعدد أكتوبر 1925 معركة عنون لها " الحرب الطاحنة بين الطربوش والعمة" .. كتب رئيس التحرير..
 
" في القاهرة الآن حرب طاحنة نشبت بين الطربوش والعمة .. تتولى مدرسة " دار العلوم " الآن القيادة وستصل العدوى بالطبيعة إلى القضاء الشرعي فالأزهر فالجامع الأحمدي فمعهد الزقازيق ثم تصل إلى مدارس المعلمين والمكاتب الأولية ولا نعلم لمن سيكتب النصر : آ للطربوش أم للعمة ؟ ..يقول " الأساتذة " رافعوا علم الثورة ـ وهم من طلبة دار العلوم ـ إن الزي ما كان في وقت من الأوقات أصلاً من أصول الشرائع وإنما هو مظهر من مظاهر الذوق فتفسيره لا علاقة له بالشرع وإنما علاقته بالذوق فقط ، ولو سئلت رأيي لملت إلى الثائرين على العمة والجبة والقفطان ، والمركوب أيضاً .. وإن كان يعز عليّ أن أحرم من مشاهدة العمة " المقلوظة " والقفطان " المزهر " والمركوب الخطير الشأن ..وقال أهل العلم و الدراية .. إن زي العمامة والجبة يرجع إلى أصل يهودي لا علاقة للإسلام به ، ويرفع النظر عن هذا فمن واجب العدالة أن تتكلم بصراحة أن الزي الذي يريد الثائرون أن يتحرروا منه هو في الواقع عقبة في طريق المستقبل ، هم يعتقدون أن الزي عقبة من عقبات الترقي والتقدم في في الوظائف والأعمال الحرة هم ينظرون إلى جميع الدوائر الحكومية فيرون أن الأغلبية الساحقة للطرابيش ، لا وزير بعمة ولا وكيل وزارة بعمة ولا رئيس مصلحة ..وهناك أيضاً ناحية من نواحي البحث جديرة بإنعام النظر : الأستاذ المعمم المجيب مخلوق ككل المخلوقات ، له مزاج وله عواطف ، فهو إن تناول كأس من الويسكي تساقطت عليه اللعنات .. إن انحراف ذات اليمين أو اليسار كان محل اللمزات والغمزات ".