حينما أتجه إلى الجنوب، الصعيد، أتذكر مقولة صديقى المفكر والعميد خالد عكاشة «الصعيد الكنز الاستراتيجى»، جال ذلك بخاطرى بعد أن تلقيت دعوة كريمة من المحامية هند جوزيف، قبل أيام حضرت الصالون الثقافى والمعرض الخيرى لصالح مستشفى القوصية، وكلمت ذهبت إلى القوصية تذكرت أصدقاء وأساتذة مثل الفليسوف د. مراد وهبة الذى علمنى أن العلمانية المصرية علمانية متدينة، ونبيل العربى الأمين العام السابق للجامعة العربية الرمز الحقيقى للاصالة والدبلوماسية، والمفكر والكاتب جمال أسعد من رواد الحركة الوطنية والتقدمية، وكرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة ورئيس مجلس إدارة روز اليوسف الأسبق، ورائد لتيار صحفى خرج من رداء روزا فى أداء صحفى مشوق ومنهم، «أبونا» سلامة أى أسامة سلامة رائد صحافة الملف القبطى ورئيس تحرير روزا الأسبق، والكاتب الرصين عماد الدين حسين رئيس تحرير الشروق وقبطان سفينتها فى أنواء صعبة، والصحفى والكاتب والأديب والفنان حمدى عبد الرحيم، كل هؤلاء يصطحبون ذاكرتى ويطوفون بمخيلتى كلما تحرك القطار والذكريات نحو القوصية.
منسقة الصالون والمعرض هند جوزيف تذكرنى بأنها خير خلف لخير سلف لأن القوصية أنجبت د. حكمت أبوزيد، أول وزيرة للشؤون الاجتماعية فى عهد جمال عبد الناصر، لذلك ليس غريبا أن تكون السيدة هند قائدة سياسية واجتماعية فى القوصية التى كسرت شوكة «الذكورية والتخلف» منذ ما يقارب القرن من الزمان، حينما خرجت من بين بناتها حكمت أبو زيد، نظرة واحدة إلى تلك الكوكبة السابقة من رواد الفكر والسياسة والفلسفة والأدب، تكفى لتقديم جلسة الصالون الثقافى الذى دار حول الأحداث الراهنة، اختلفوا حول الأحداث ولم يختلفوا حول حب الوطن، امتد الحوار إلى مطلع الفجر، شعرت أن الحضور من مختلف الأجيال والآراء يجسد أجدادهم الذين أوقفوا زحف الهكسوس على الصعيد، وحموا المملكة المصرية من الانهيار، وتوجد لوحة تخلد انتصاراتهم فى زرابى القوصية، المنطقة الوحيدة المتبقية من القوصية القديمة، وما بين الحوار فى ديوان جوزيف أمين مقر الصالون يجتمع مشايخ وقساوسة، نساء ورجال، من مختلف الآراء والطبقات، ملامح الكرم فى الديوان والوجوه تؤكد على كرم أهل القوصية، وتجيب عن سؤال لماذا لجأت العائلة المقدسة إلى هذا المكان، وأنشئ أقدم دير فى العالم الدير المحرق، مما يكتسب أهمية تاريخية من بين نحو «26» مكانا ارتحلت إليها العائلة المقدسة ومكثت بالقوصية «185» يوما، وأنشئت مكانة الكنيسة الأثرية التى تعتبر أقدم كنيسة دشنت فى العالم.
من الصالون إلى المعرض الذى انعقد الجمعة بعد الصلاة، وشرفت بافتتاحه مع كوكبة من الشخصيات العامة بالقوصية يتقدمهم، عميد رواد الصالون الدكتور إسماعيل كامل وأصحاب الفضيلة الشيخ خلف مدير عام الوعظ بالأوقاف، والشيخ حجاج مدير أوقاف القوصية، ونصر يحيى مدير المعهد الأزهرى، والكهنة المبجلون صموائيل وبيمن ولوقا وبطرس من مطرانية القوصية، وجناب القس إكرام سمير راعى الكنيسة الإنجيلية، ورجال الأعمال مجدى صادق ورميح حسيب وسامح يوسف، روميل صداق، وباسم سمير، والمستشار محرم فؤاد، والمربين كمال جبر وناعوم ثابت، ومصطفى محسب مدير الإدارة المالية، د. سعد عبد النعيم مدير الإدارة الصحية، وفايز لبيب عضو المجلس الملى، والأطباء د.صفوت فؤاد ود. صفوت رشدى ود.كمال سعيد، ود ريمون مرزق وأشرف عبد المريد، والأساتذة المحترمون هويدى قرشى وعلاء عبد الراضى وبيتر زكريا، ومينا ميلاد، تادرس القس سلوانس، عيون درويش، جرجس فؤاد، مجدى ناجى، نقراشى فهمى، عماد زكريا، ناجى كمال، نبيل ثابت، محمد مختار، منى صداق، والمتطوعون، د جورجيت جوزيف، ميريت جوزيف، وهند وهيتى روميل، ريتاج أحمد، فيبى أمجد، فيرينا زكى، مريم نشأت، أمل يحيى، برجيتا كميل، تواضروس باسم، أبانوب سمير، منيرة إبراهيم، أفضل ما يمكن من تعبير عن المعرض كتبه دينامو الصالون جمال بيبرس: أنه لم يكن مجرد عمل خيرى يعرض الملابس وبعض الاحتياجات الأخرى، بل ما حدث عرض فكرة كانت أعمق وأكبر بكثير، تحول اليوم إلى حفلة اجتماعية مبهجة، جمعت بين جميع طوائف وفئات شعب القوصية المبجل استمرت من الساعة العشرة صباحا حتى الثامنة مساء، كان النجاح الحقيقى الذى حققه المعرض ملموسا ومرئيا فى نظرات السعادة والبهجة فى عيون الكثير من الناس التى كانت واضحة خاصة الأطفال والأمهات.
ويضيف: كل الشكر والاحترام لكل الذين شاركوا فى تجهيزات وترتيبات المعرض وبذلوا كثيرا من الجهد والوقت خاصة شباب ثانوى وإعدادى من المتطوعين الذين كان لهم مجهودات فارقة ورائعة فى نجاح هذا اليوم، وكامل الشكر والاحترام لجميع من قاموا بالتبرع لصالح مستشفى القوصية من خلال المعرض ومن ساهموا وشاركوا بحضورهم ووجودهم ودعمهم للفكرة تشجيعهم المعنوى، رجال أعمال كانوا أو رجال دين أو شخصيات مرموقة ومميزة لكم كل التقدير.
هكذا قضيت يومين فى «محمية القوصية» الثقافية بكل ما تحمل من تجسيد للمحبة وتأكيد على الإخاء، كانت منابر المساجد تدعو للمعرض وأجراس الكنائس تدق له، وبريق الفرحة فى عيون الأطفال بالثياب الجديدة تخترق القلوب، تحية لكل من أعطى الأمل والمحبة فى وطن قادم من أعماق الجرح، ويطل من عيون الشهداء وتحدى الإرهاب.
نقلا عن اليوم السابع