- وشوش
- طوبى يا رب لمن اخترته ليسكن في ديارك إلى الأبد
- مقتل بن لادن الإرهابي الأخطر أم شهيد الإسلام؟
- المفكِّر الإسلامي الأردني "حمدي مراد": الإسلام يكفل حق المسيحي والمرأة في الترشُّح للرئاسة
- "البخاري": التيار السلفي نظَّم 17 مظاهرة للمطالبة بكاميليا، و"إدريس" يرد: وكم واحدة نُظمت لمواجهة الفقر والفساد!!
فُقَرَاؤُنَا
بقلم: القمص أثناسيوس جورج
التفتَ قداسة البابا شنودة الثالث في محاضرته الأسبوعية إلى الآباء المطارنة والأساقفة وكل رُتب الإكليروس٬ من أجل وَضع الفقراء والمحتاجين في أول اهتمامات وأولويات خدمة الرعاية... ومن أسابيع مضت قال قداسته قولاً عجبًا في رده على محتاج ذهب إلى كنيسة ما يطلب حاجاته٬ لكنهم ردوه فارغًا بحجة: (أنه ليس تابعًا لهم جغرافيًا) فكان رد البابا البطريرك على هذا الشاكي قائلاً: (أخشى أن ربنا في اليوم الأخير يقول لنا أنتم مش تبعي٬ لستُ أعرفكم).
لن يتم الاهتمام بالمحتاجين إلا إذا عرف القابضون على أموال الكنائس بأن هذه الأموال هي أولاً (أموال صدقة)٬ هي ليست أموالاً مِلكًا لأحد٬ هي ملك مؤبد لله العاطي٬ هي ليست أموالاً تُضاف إلى المتجمد من الأرصدة والمقتنيات أو لمزيد من الأملاك والديكورات والمنتجعات والأبنية٬ حتى وإن اعتبروا أن في هذا (مجدًا للكنيسة) بينما لا مجد للكنيسة إلا في حفظ رعيتها ونموهم وثباتهم وبنيانهم وتماسكهم... أما إذا توقف مجدنا عند الحجر فهذا فخٌ لأن الحجارة ستزول ولا قيمة للحجر من غير بَشَر٬ الذين هم الحجارة الحية٬ والجنس الملوكي أعضاء الكيان الإلهي.
عمل شمامسة الكنيسة وكهنتها وخُدَّامها أن يكملوا خدمتها في غربتها على الأرض٬ من حيث إعواز الزمان٬ إلى أن يأتي صاحب اليوم الثامن ليأخذها إلى وطنها الأبدي... فلا فائدة أن يكون المسئول مجرد خادم أمين لا يسرق٬ بل ينبغي أن تكون له رؤية وحكمة روحية كي تُوضع الأولويات وكي لا نفشل في عمل الخير لأننا سنحصده في وقته إن كنا لا نكِلّ. عملنا الأساسي أن نحمل أثقال بعضنا وأن نُصلح الذين في زلة حتى لا تتبدد الأموال في غير أولوياتها وتتعثر النفوس... خدام الله ينبغي أن لا يكونوا من مظلمي الفكر المتجنبين عن حياة الله٬ بينما دعوتهم ودعوتنا جميعًا أن نكون رحماء كصانع الخيرات الرحيم الله٬ نقتدي برحمته الإلهية ونلبس أحشاء رأفات كمختاري الله... لأنه يرحم مَن يرحم ويتراءف على من يتراءف٬ فهو الذي دعانا لنكنز كنوزنا في السماء٬ لنرث الملكوت المُعَدّ (فرَّقَ أعطىَ المساكين٬ بِرُّه يدوم إلى الأبد).
إن الفقير عندنا يتذلل ويتضور جوعًا ويعاني من البطالة والتهميش والتضييق والاستهداف بسبب هويته٬ بينما المسئولون عن مال الكنيسة مطالبون بالأحرى بالمحافظة على البشر٬ لأن النفوس أثمن بما لا يُقاس من الفلوس... لا بُد للفقير والمحتاج أن يتأكد أنه محبوب عندنا٬ وأنه مُكرَّم وأنه من خاصة الرب ومن إخوته الأصاغر٬ لذا هو موضوع خدمتنا واهتمامنا وعلى قمة مشغولياتنا٬ إنه ليس مؤجلاً ولا مُزدرًى به٬ بل له كل الأولوية لا الفُتات... فإن كنا نهتم بالمشروعات علينا أن نهتم بها ولا نترك تلك٬ نبدأ بهذه ونكمل بتلك... إن الجائع والمريض والمُشرَّد لن ينتظرنا حتى ننتهي من مشروعاتنا٬ بل وربما نفرغ وننتهي من المباني فلا نجد الأعضاء الذين قامت لأجلهم هذه المرافق.
إنه طلب رئاسي من بطريرك الكنيسة الذي يجتمع بنفسه مع المحتاجين في لجنة البِر ويخصص لهم يومًا كاملاً في الأسبوع٬ إنه ليس طلبًا رئاسيًا فقط لكنه أمر إلهي من السيد الرب الإله الذي حسب أن ما نصنعه بالفقير فإننا به نفعل (فَبِي قد فعلتم)... لذلك خدمة إخوة المسيح الأصاغر لها مرتبة الأولوية والكرامة ككنوز الكنيسة وجواهرها٬ ثم يأتي بعد ذلك البناء والتوسيع والتجميل... فقراؤنا هم سادتنا٬ هم المُوصَى عليهم من الملك بأمر ملوكي لا يُناقَش٬ وهم الذين يضفرون لنا الأكاليل... إنهم الحجارة الكريمة الحية التي هي أفضل من كل حجارة.
فلنُعطِ أولوية للإنسان الحي حتى ننال رضى القدوس وتزداد لنا النعمة٬ وحتى يتمجد في وسطنا الذي من أجلنا افتقر وهو الغني٬ لكي نستغني نحن بفقره٬ عندما يرى النفوس التي افتداها بدمه الكريم والتي لا تُثمَّن بثمن وقد استُجيب إلى صراخها... فطوبى لمن يتعطف على المساكين٬ ولمن لم يسد أذنيه عن صراخهم٬ ولمن لم يستعمي عندما يقول له فقير أعطني لقمة٬ أعطني رداءًا٬ أعطني مأوىً٬ أعطني كتابًا٬ أعطني غطاءًا.
لا أحد يملك أموال الكنيسة٬ إنها مال الله وحده٬ منه وله٬ من يده وأعطيناه٬ هو صاحبه وهو الذي قرر لمن يُصرَف!!! ولمن يُعطىَ٬ إنه يريد توزيع ماله لأخصائه لأن الذي يجمع كثيرًا لن يفضل عنه شيء٬ والذي يجمع قليلاً لن ينقص أيضًا... فضلاتنا لأعواز إخوتنا وفضلاتهم لأعوزانا كي لا يجوعوا ولا يتعرّوا أو يقعوا فريسة لأعداء صليب المسيح٬ ابسطوا أياديكم وأعطوهم مما لهم٬ لأنهم هيكل ﷲ الحقيقي الذي يلزم أن نضع أيادينا على جراحاتهم فنعاين المَلِك... لنرحِّب بهم ونُشبعهم ونسقِهِم ونقدم لهم الثياب اللائقة بهم٬ إذ لا تُوجد كنوز لله أفضل من هؤلاء الذين يُرىَ هو فيهم... من يخدمهم يخدمه وبه يصنع٬ ولا منفعة للحوائط والديكورات والأساسات والمقتنيات والقاعات إذا كان المسيح في الفقير في خطر الهلاك.
لنتحرك من أجل مساندة أهالي الشهداء المعاصرين ومن أجل مساعدة أسر البنات المخطوفات ومن أجل معونة إخوتنا الذين تُحرَق بيوتهم وتُنهَب مقتنياتهم من أجل مسيحهم على مدار الساعة... نشاركهم لا على سبيل المواساة والشفقة لكن بطريقة كاملة وفورية التنفيذ كمقيَّدين مثلهم... وطوبى لمن يرحم ويسلك دعوة الرحمة التي تنخس كل من يحيا بلا مبالاة بالمحتاجين وبالمظلومين الذين يُفترىَ عليهم٬ وبضحايا العنفاء والظلاميين٬ وبالجائعين وبالذين ليس لهم أحد يذكرهم... أليس هؤلاء أولىَ بالمساعدة من كل أولوية أخرى من أجل الحفاظ عليهم وتقويتهم وزيارتهم وتعليمهم وتعزيتهم؟!! تلك هي الأعمال التي تبلغ بنا إلى الميناء٬ ولا مدخل لنا إلى الحياة الأبدية من دونها ومن دون أن نوفِّر أيضًا لهذه النفوس مؤونة البر الروحية لأنها فقيرة ومحرومة من (خبز) البِر٬ ومن (شراب) معرفة الله٬ ومن (لباس) المسيح.
الرب معكم.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :