الأقباط متحدون - من قلب مغارة عاش فيها المسيح.. حكاية أقدم كنيسة أثرية في مصر
  • ١٣:١٤
  • الخميس , ٤ يناير ٢٠١٨
English version

من قلب مغارة عاش فيها المسيح.. حكاية أقدم كنيسة أثرية في مصر

أخبار مصرية | المصري اليوم

٥١: ٠٦ م +02:00 EET

الخميس ٤ يناير ٢٠١٨

 المغارة التى اختبأ بها المسيح والعائلة المقدسة
المغارة التى اختبأ بها المسيح والعائلة المقدسة

تتزين كنيسة «المغارة- أبو سرجة» فى هذا الوقت من العام، وتتباهى بين كنائس وأديرة الأرض منذ أن زارها السيد المسيح وأمه الصديقة سيدة نساء العالمين العذراء مريم.. تتعطر وتتجمل وتطلق بخورها متراقصة على ترانيم وصلوات وقداسات، لتقدم معزوفة روحية فريدة على أوتار التاريخ.

تفتح الكنيسة التى تقع بمنطقة مصر القديمة أذرعها لاستقبال الحجاج، الذين يتباركون ويصلون فى موطئ قدم المسيح، إذ بارك بابا الفاتيكان أيقونة العائلة المقدسة والتى تعد مرسوما بابويا للعالم الكاثوليكى بأن يحج إلى مصر. وتفرد كهنتها بين كهنة العالمين بأنهم خدام لسيرة ومسيرة العائلة المقدسة التى حطت عصا الرحال بعد طول ترحال إلى مصر واحة الأمان، إذ لجأت إلى مغارة كانت فى قرار مكين دخلها المسيح فكان آمنا، فى حين وصفها القمص أنجليوس جرجس، راعى الكنيسة، بأنها «أيقونة مصر»، قائلا لـ«المصرى اليوم» إنها ليست مجرد مغارة بل إنها أقدم كنيسة فى مصر والعالم، وإن الحج المسيحى فى أورشليم القدس لا يكتمل إلا بالحج إلى مصر. رغم المباركة البابوية التاريخية لهذه الأيقونة المصرية الصميمة إلا أن كهنة كنيسة المغارة يرون أنها عودة إلى الأصل، بما لا ينتقص مع اعتزازهم وشعورهم بالبهجة والفرح لهذه الخطوة التى قد تحقق نقلة كبرى لمصر فى مجال السياحة الدينية والثقافية والأثرية. القصة لها بداية، وبين سطور القصة نوادر وطرف وحكايات، منها ما يدمى القلب، ومنها ما يلهب مشاعر الخيال ويطلق العنان لجموح الأحلام، ويتخللها شواهد ورموز وصور ونقوش، كلها تروى لنا تاريخا كبيرا عميقا يضرب بجذوره فى أطناب الزمن، فصوله كلها وقعت على أرض الواقع.. أرض مصر التى دخلها المسيح ليصبح فى أمان من الطغيان.

«كيهك».. شهر «التماجيد»: على الأرض السلام وفى الناس المسرة

المغارة التى اختبأ بها المسيح والعائلة المقدسة

شهر«كيهك» القبطى له أهمية خاصة فى هذه الكنيسة والكنائس كافة، ويحتفل به بالمدائح والتماجيد والتسابيح، حتى اليوم التاسع والعشرين منه، والذى يوافق يوم السابع من يناير، الذى ولد فيه السيد المسيح، وابتهجت فيه الملائكة، وفقا للإنجيل، بهذه المناسبة.. وقالت: «المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وفى الناس المسرة».

وخصصت الكنيسة شهر كيهك من كل عام لتمجيد السيدة العذراء مريم على ما نالته من النعم، ويبلغ الليل نهايته فى هذا الشهر لذلك يقول العامة: «كيهك صباحك مساك تقوم من فطورك تحضر عشاك».

كنيسة المغارة أبوسرجة التى كانت حرما آمنا وملاذا وملجأ للمسيح وعائلته المقدسة، هى رمز للحماية من الظلم والجبروت والطغيان، وأصبحت مزارا ومقصدا للحج والمريدين والراجين البركات والضارعين بالدعوات.

تتلألأ الكنيسة التى تم تسجيلها كأثر برقم ٥٧٣، على مدار العام بشموع الأمنيات التى تتوهج فى شمعدانات مزدانة مذهبة ومفضضة وتنتشر حول القديسين، بينما تقام الطقوس فى الهيكل ويقرأ الإنجيل، وتتردد الترانيم ويقف الكاهن واعظا على الأمبل المحمول على اثنى عشر عمودا على عدد الحواريين تلامذة المسيح.

القس أنطونيوس فوزى يشرح قصص الكنيسة لـ «المصري اليوم»: كنيستنامتحف للأيقونات والمخطوطات النادرة..والمعمودية مازالت لغزاً

القس أنطونيوس فوزى

ألغاز وأسرار تلف المغارة المقدسة والكنيسة التى تعلوها، من بينها العمود الذى ينزف دماً وعمود يهوذا، ومراقد الأكليروس، والمغطس واللقان وسفينة نوح فى سقف أبى سرجة، ولغز المعمودية التى تنخفض عدة أمتار، وكلها عناصر تحمل قيمة روحية ومعمارية، ووراء كل عنصر منها قصة، وكلها يقبل عليها الزائرون من بقاع الأرض، والحجاج ينهلون منها غذاءً روحياً وسياحة تاريخية وثقافة دينية.

شرح القس أنطونيوس فوزى، كاهن كنيسة المغارة، المعروفة بـ«أبوسرجة»، فى حواره لـ«المصرى اليوم» كثيراً من هذه الأسرار والقصص المرتبطة بها، والتى شملت الجوانب الطقسية والروحية والتاريخية، لافتاً إلى أن الكنيسة ليست مكاناً أثرياً فحسب، بل قيمة روحية تحمل البركة لكل زائر وسائح يأتى إليها.

■ أقدم كنيسة فى العالم

أيقونات ورفات للقديسين من أقدم العصور

قال أنطونيوس إن مغارة السيد المسيح أقدس مكان فى العالم المسيحى، وليست مغارة فحسب بل أقدم كنيسة على وجه الأرض، إذ بنيت عام 58 ميلادية، ما دفع بابا الفاتيكان إلى دعوة المسيحيين فى العالم للحج إلى كنيسة «المغارة - أبو سرجة»، مثلها مثل القدس وأورشليم وكنيسة القيامة، مثل طريق الآلام «الجلجثة»، مشيراً إلى أن الكنيسة تأتى على رأس 8 مناطق حددتها وزارة السياحة المصرية للحج المسيحى، نظراً لأهميتها الكبرى.

وأضاف أنها أول مكان يقام فيه الصلوات منذ ألفى عام، بينما يقدر عمر المغارة نفسها بأربعة آلاف عام، مؤكداً أن الصلاة تتواصل فى هذه الكنيسة كل أسبوع، وتبدأ من الساعة الخامسة صباحاً، حيث يسع المكان أكثر من ثلاثين مصلياً فى كنيسة المغارة التى تقع أسفل هيكل كنيسة أبو سرجة الواقعة فوقها.

القمص أنجليوس جرجس راعى كنيسة المغارة- أبوسرجة فى حواره لـ «المصري اليوم»: الحج المسيحى للقدس لا يكتمل إلا بزيارة مصر


قال القمص أنجليوس جرجس، راعى كنيسة المغارة – أبو سرجة، إن مصر «بيت لحم ثانية»، وقصدها المسيح وفضلها على بلاد الدنيا ليحتمى وسط أهلها، موضحا أن كنيسة المغارة تحتفل كل عام بالعيد الوطنى لدخول السيد المسيح مصر، ما يعكس التنوع الوطنى ويجمع الرموز المصرية كافة.

ولفت إلى أن الحج المسيحى إلى مصر لا يرتبط بالآلام التى تعرض لها المسيح مثلما يتم فى كنيسة القيامة، ولكن يتم على مدار العام، خاصة فى أعياد الميلاد، مشيرا إلى أن الكنيسة تستقبل العيد بتسبحة «كيهك» التى تنشد فيها المدائح والتسابيح والتماجيد للعذراء والسيد المسيح.

القمص أنجليوس

وأضاف فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أن التراث الموسيقى الكنسى ضخم للغاية، وأنه موضع إعجاب العالم كله، موضحا أن داوود النبى كان يغنى مزاميره على القيثارة، وأن الفن يرتقى بالوجدان. كما هاجم القرار الأمريكى بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، لافتا إلى أنها خطوة متسرعة ترمى إلى تهويد المدينة المقدسة.

وشدد راعى كنيسة المغارة على ضرورة الارتقاء بالتعليم الذى يضع حدا لكل الدعاوى المتطرفة والإرهابية، مؤكدا على أهمية التثقيف والتنوير الذى ضرب له مثلا بالإمام محمد عبده.. وإلى نص الحوار:

■ كنيسة المغارة لها أهمية خاصة ووصفتها بأنها «أيقونة مصر» والعائلة المقدسة مكثت بها نحو 3 أشهر ولها عيد وطنى كل عام ما مظاهر الاحتفال بهذا العيد من حيث الطقوس والمشاركة؟

- نحتفل بالعيد الوطنى، أى بدخول السيد المسيح والعائلة المقدسة مصر، أول يونيو، وله فى الحقيقة مظاهر من بينها قداس له ألحان نستقبل به العيد، واحتفلنا به فى كنيسة المغارة، ودعينا بعض رموز الدولة، محافظين ووزراء السياحة والآثار والثقافة، وكل التيارات السياسية والأحزاب والمفكرين، فهذه هى مصر، حتى أننى قلت إن هذه هى أيقونة مصر، بجانب طبعا الكنيسة، لكن فى الحقيقة أول يونيو جاء فى شهر رمضان، ولم نقم احتفالا ضخما، فاكتفينا بالاحتفال الدينى فقط من خلال تسبحة «كيهك» التى تنشد فيها المدائح والتسابيح والتماجيد للعذراء والسيد المسيح، وذلك بسبب ظروف توقيت الإفطار، وسوف نستأنف الاحتفال السنة المقبلة، لكن نحن نحتفل بدخول المسيح جميع أيام السنة، لأن المسيح ظل يتنقل قرابة الـ4 سنوات فى مصر.المزيد

على ترانيم «الست بربارة»: راهبات مار جرجس يغلقن الأبواب ويخلدن للنوم فى الثامنة مساء

راهبات

تنطلق أصواتهم صادحة بألحان وأنغام تعلن عن عاطفة جارفة مفعمة بالمشاعر والنشوة الدينية التى تعزف على أوتار الوجدان الدافئ، مدائحهم تنسال فى أمواج غنائية انسيابية لتنسج مع خيوط الليل المسدلة على جمال المكان التاريخى والأثرى العتيق، معزوفة فى مديح السيد المسيح، وأمه العذراء مريم، سيدة نساء العالمين، لتنام على الترانيم الصادرة من كنيسة «الست بربارة» عيون راهبات الدير القديم مار جرجس.

دخلت «المصرى اليوم» الكنيسة الأثرية، فوجدت مجموعة من الشباب والفتيات داخل صحنها، يرددون ترانيم وأناشيد أمام الهيكل، إذ استغرقت الأناشيد شطرا كبيرا من الليل، بينما تحول الصمت إلى جوقة تردد وراءهم الترانيم، لتتسرب خارجا مرورا بكنيسة أبى سرجة ومعبد بن عزرا ودير مار جرجس للراهبات اللاتى خلدن للنوم فى تمام الثامنة مساء، استعدادا للتسبحة والصلوات المتصلة التى تبدأ من الساعة الثالثة فجرا وحتى السابعة صباحا.

وداخل مجمع القديسين بكنيسة بربارة، طلب منا خادم الكنيسة حنا جورجياس أن نخلع الأحذية قبل الدخول فى هذا المجمع الجنائزى الذى يضم رفات كبار الشهداء والقديسين.المزيد

تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.