الأقباط متحدون - كل محافظ على قد نيته
  • ٠٩:١٥
  • الاثنين , ٨ يناير ٢٠١٨
English version

كل محافظ على قد نيته

مقالات مختارة | بقلم : حمدي رزق

٢٠: ٠٩ م +02:00 EET

الاثنين ٨ يناير ٢٠١٨

حمدي رزق
حمدي رزق

 كل واحد على قد نيته، وكل محافظ على قد نيته، يقيناً اللواء كمال الدالى، محافظ الجيزة، كان يقصد التهنئة لا التفرقة. واللافتات التى تحدثت باسمه مهنئاً الشعب المسيحى والشعب المصرى تخلو من الغرض الطائفى، لم يحررها المحافظ، حررها متحاذق فحمّل المحافظ ما لا يحتمل فى لافتة تقول: «السيد اللواء كمال الدالى، محافظ الجيزة، يهنئ الشعب المسيحى والشعب المصرى بحلول العام الجديد وعيد الميلاد المجيد أعاده الله على الشعب باليمن والخير».

 
كفانى الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم رياض، القاضى السابق بالمحكمة الجنائية الدولية، مؤنة الرد على لافتة اللواء كمال، وكتب محذراً من مثل هذه الممارسات التى تؤشر على ملامح طائفية معلقة على لافتة بعرض الشارع.
 
نصاً: «كان لمشاركة الرئيس السيسى فى قداس عيد الميلاد المجيد أجمل أثر فى نفوس الحاضرين من مسيحيين ومسلمين، ويشاء القدر أن يتزامن هذا الحدث الذى أكد وحدة مصر مع الإعلان الصادم لمحافظ الجيزة فى مختلف أماكن المحافظة عن تهنئته بالعام الجديد «للشعب المسيحى والشعب المصرى»، غافلاً بذلك عن أن مواطنى مصر هم شعب واحد مهما اختلفت الأديان على مدى التاريخ، وكما سجلته كافة دساتير مصر. وقد عبّر المحافظ بهذا الإعلان عن اعتباره أن مصر تضم شعبين مختلفين. لا يخفى أن هذا الوصف لمصر الصادر من مسؤول كبير يشكل مخالفة مهمة للدستور ولمبدأ المواطنة.
 
لذلك يجدر أن يصدر على الفور من أولى الأمر فى هذا الوطن ما يعبر بالفعل أو بالقول الجازم عن استنكارهم ورفضهم لما أوحى به هذا التصريح بأن مسيحيى مصر أغراب عن شعب مصر ويشكلون شعباً مستقلاً.
 
غير أننا قد نلتمس العذر للمحافظ لإصداره هذا الإعلان الخطير، ذلك أن هذا الإعلان هو فى واقع الأمر ليس سوى نتيجة طبيعية لما يتلقاه أبناء مصر من تعليم وإعلام لا ذكر فيهما للتاريخ القبطى برمته، رغم أنه جزء أساسى من تاريخ مصر، هذا فضلاً عما يؤدى إليه التعليم الدينى المتعصب.
 
إن الدولة حريصة كل الحرص على مكافحة الإرهاب الدينى. غير أنها لجأت فى ذلك أساساً إلى المنظومة الأمنية، مع أن الواقع أن التطرف المؤدى للإرهاب ما هو إلا النتيجة الحتمية لما رسخ من قناعة فى الأذهان بأن المسيحيين يشكلون شعباً وافداً إلى مصر وليسوا من المواطنين الأصلاء مع أن العكس هو الصحيح.
 
ويحضرنى فى هذا السياق ما صرح به أحد المشاركين فى إحدى الندوات، بشأن صعوبة بناء دور العبادة للمواطنين المسيحيين، إذ اعتبر صعوبة بناء أو ترميم هذه الدور هو رد لازم على ما قامت به سويسرا من تحريم بناء مآذن للمساجد فى مدنها، معبراً بذلك عن قناعته بأن مسيحيى مصر ليسوا جزءاً من الشعب المصرى.
 
لقد دق ناقوس خطر تقسيم مصر، وحان الوقت أن يتصدى له كل المصريين، وعلى رأسهم بلا شك جميع المسؤولين. ولا شك أن مشاركة رئيس الدولة نفسه فى قداس عيد الميلاد المجيد هو أوضح وأقوى تعبير عن وحدة شعب مصر دون تمييز بين مسلميها ومسيحييها، ويتعين أن يلقى مسلك الرئيس الدعم الفعلى فى جميع المجالات بالدولة. ولعل خير بدء من الناحية العملية هو إصدار قانون بمفوضية التمييز الذى تقدم بمشروعه المجلس القومى لحقوق الإنسان إلى البرلمان عدة مرات طيلة العقد الماضى دون أن يلقى أى استجابة.
 
ومن المعلوم أن هذا المشروع يطالب بإنشاء مفوضية عليا مهمتها مراقبة حدوث أى نوع من أنواع التمييز سواء فى المجال الرسمى أو المجال غير الرسمى واتخاذ ما يلزم من إجراءات حاسمة وتحديد للعقاب الرادع لكل من ارتكب هذا التمييز من مرؤوس ورئيس، فضلاً عن ضرورة وضع حد عاجل وحاسم لما تبثه جهات عديدة للتعليم من دينى ومدنى وللإعلام من تحريض على الكراهية والتمييز ورفض الآخر.
الكلمات المتعلقة
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع