الأقباط متحدون - تحت شمس المحروسة «عفروتو»
  • ٠٥:١٨
  • الاربعاء , ١٠ يناير ٢٠١٨
English version

تحت شمس المحروسة «عفروتو»

مقالات مختارة | د. محمود خليل

٢١: ٠٥ م +02:00 EET

الاربعاء ١٠ يناير ٢٠١٨

د. محمود خليل
د. محمود خليل

بمجرد وقوع «واقعة المقطم»، بادرت بعض المصادر الأمنية إلى تأكيد أن الشاب العشرينى «عفروتو» مات داخل قسم المقطم، نتيجة تعاطيه جرعة زائدة من مخدر «الاستروكس»، فى حين سارعت أصوات ناشطة على شبكات التواصل الاجتماعى إلى الحديث عن أن الشاب مات تحت التعذيب داخل القسم، وأن غضبة أهالى وأصدقاء القتيل كان لها ما يُبررها، وهى الغضبة التى أسفرت عن حرق وتحطيم سيارات شرطية، والقبض على أكثر من 40 شخصاً من المتجمهرين. فى النهاية حسمت نيابة حوادث جنوب القاهرة الكلية الأمر، حين قرّرت حجز معاون مباحث القسم وأمين شرطة بتهمة قتل «عفروتو»، على ذمة تحريات الأمن العام، كما قرّرت حبس 43 متهماً بالتعدّى على القسم لمدة 4 أيام على ذمة التحقيق.

لا جديد تحت شمس المحروسة، سواء فى ما يتعلق بالطريقة التى أدت بها المصادر الأمنية التى أفصحت أو لم تفصح عن هويتها، وكذلك الحال بالنسبة لوسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعى. المصادر الأمنية تبنّت رواية تقول إن الشاب تناول جرعة زائدة من المخدر أدت إلى وفاته بعد نقله إلى المستشفى، وإنه لم يمت فى القسم، وبدأت بعض المواقع تتداول صوراً للشاب تظهر سلامة جسده، حيث تردّد أنه أصيب بتهتّك فى الطحال والأمعاء ونزيف داخلى. مَن مصدر هذه الصور؟ وكيف رخصت بعض وسائل الإعلام لنفسها نشرها؟ وكيف تم إعدادها؟ لا أحد يدرى. فوجئنا بعد ذلك ببعض الأصوات الإعلامية التليفزيونية تبث لنا فيديوهات لوالد الشاب المتوفى وأخيه يؤكد الأول فيها أمام مجموعة من الضباط أن ابنه الضال هو الذى أودى بنفسه إلى المهالك، بسبب تعاطيه وتجارته فى مخدر «الاستروكس». ويشير فيها أخوه إلى أن «عفروتو» مات موتة ربنا. كل هذا حتى يُبرّئوا الداخلية قبل أن تقول النيابة كلمتها فى الأمر. مَن الذى أعدّ هذه الفيديوهات وما ظروف إعدادها؟. لا أحد يدرى. هذا النمط من الأداء أعطى الفرصة كاملة لوسائل التواصل الاجتماعى لتنقل رواية أخرى عن الحدث تؤكد أن الشاب مات تحت التعذيب، وأن غضبة الأهالى كان لها ما يبررها. ما مصادرهم فى تلك الرواية؟ وما سر ثقتهم فى أن الشاب مات قتيلاً؟. الإجابة فى أحشاء مواقع التواصل.

أن يموت مواطن على يد صاحب مهنة معينة أمر وارد، هناك من يموت بسبب أخطاء طبية أو أخطاء قيادة، لكن الأمر يتعقّد عندما يموت المواطن داخل مكان يُفترض أن يُحقّق له الحماية تحت مظلة القانون، مثل قسم الشرطة. الحل الأمثل فى مثل هذه الأحوال يتحدّد فى التعامل الشفاف والصريح مع ما حدث. كل مهنة فيها الصالح والطالح، المهم المكاشفة، ومحاسبة من أخطأ أو تسبّب فى إزهاق نفس بغير الحق. الولع بالتستّر والمبالغة فى الإخفاء، وتوظيف أدوات الإعلام فى خداع الناس، هو السر وراء قناعة كل من تعرّض لهذا الموضوع على مواقع التواصل بأن الشاب قُتل، حتى قبل التأكد من المعلومة. نمط أداء المصادر الأمنية والإعلامية واحد من الأسباب المفسّرة لغياب الثقة فى الجهازين الأمنى والإعلامى.
نقلا عن الوطن