الأقباط متحدون - إعلام تحت الطلب!
  • ٢٣:١٦
  • الأحد , ١٤ يناير ٢٠١٨
English version

إعلام تحت الطلب!

مقالات مختارة | محمد أمين

١٥: ٠٣ م +02:00 EET

الأحد ١٤ يناير ٢٠١٨

محمد أمين
محمد أمين

مشكلة الإعلام فى مصر أنه يفتقر إلى «مصادر المعلومات»، أكثر مما يفتقر إلى «مصادر التعليمات».. وللأسف عندنا تعليمات أكثر من المعلومات.. كلها تقيد حركة العمل والإبداع والمنافسة.. خذ مثلاً التعديل الوزارى الذى سيصدر اليوم أو غداً.. هل كانت تشعر به الصحف والفضائيات؟.. فلولا أنه أصبح فى مجلس النواب ما «أحس به» أحد.. هذه هى الحقيقة بلا شك!.

ولأن الذين يملكون المعلومات «لا يؤمنون» بحق الرأى العام فيها، تشيع التكهنات وتنتشر الشائعات، ونضرب الأخماس فى الأسداس.. فمن يتحدث عن أنه تغيير رئيس الوزراء، ومن يقول إنه تغيير وزير سيادى.. وبالتالى تصاب الوزارات كلها بحالة شلل تام.. وبالتالى ستصدر الصحف بلا شىء، لأن الحكمدار سيمنع نشر ما يرى أنه غير دقيق حتى يُعلن التشكيل!.

فليست أزمة الإعلام فى وجود ضابط أمن دولة أو غيره فى المؤسسات فقط، إنما الأزمة أكبر من كل هذا بكثير، وقد استغرب كثيرون أن تكون هناك رقابة حتى الآن فى الصحف ووسائل الإعلام الرسمية.. معظم الذين استغربوا مواطنون عاديون لا علاقة لهم بالوسط الإعلامى.. مازال هؤلاء يتمتعون بحالة براءة.. الرقابة قديمة منذ قديم، وارجعوا إلى حكمدار الإذاعة!.

فما حدث أن ثورة التسريبات الحالية كشفت عن حالة اختراق للمؤسسات والأجهزة أيضاً.. ولا أستبعد أن تكون هناك أجهزة مخابرات هى التى تقوم بهذا الدور، وتمد به وسائل الإعلام العالمية.. ولابد أن نكون يقظين لكل هذا، فلا ننكره على إطلاقه، ما دمنا نتحدث عن فكرة المؤامرة.. وعلى فكرة الوسط الإعلامى لا يستنكر فكرة الرقابة ولا حتى قصة «التعليمات الأمنية»!.

وبالمناسبة الرقابة لم تعد فى المطبعة فقط كما كانت زمان.. ولكنها أصبحت فى صورة حكمدار فى الصحف والفضائيات يعطى التعليمات لا المعلومات.. وقد يحدث وجود أكثر من ضابط لأكثر من جهة سيادية.. فأصبح الجميع يتسابق لإرضاء هؤلاء على حساب المهنة.. وأصبح الجميع تحت الطلب.. وأبدى كل واحد استعداده لتقديم تنازلات، ربما أكثر من رئيس التحرير الحالى!.

وبالتأكيد هناك صحفيون بلا حصر سمعوا من قياداتهم جملة «عندى تعليمات».. وبالتأكيد إعلاميون بلا حدود سمعوا من قياداتهم عن صدور تعليمات، وعندئذ لا يملك أى منهم أن يحتج.. انتهى الكلام.. التعليمات توقف نشر الأخبار، وتوقف نشر المقالات، وتوقف نشر الكاريكاتير.. كل هذا يحدث بشكل يومى.. ويرد الزملاء: أمرك يا باشا.. فماذا تنتظر من «صحافة تحت الطلب»؟!.

الأزمة الحقيقية تعود إلى «فكرة الاختيار» منذ البداية.. فلا وجود للحكمدار فى وجود قيادات تتمتع برؤية وطنية فعلاً.. أما جماعة «مصنع الكراسى» فلابد أن يرافقها الرقيب.. مع أن المفترض أن هناك ثوابت لا يمكن تجاهلها، مثل المصلحة العليا للوطن، وما عدا ذلك تفاصيل يمكن الاختلاف بشأنها تماماً.. والسلام!.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع