الأقباط متحدون - الرئيس ترامب المتهم بالعنصرية..يسعى لاحياء فلسفة التطهير المعتمدة منذ اوائل الغزاة للقارة الأميركية.. وخمدت لبعض الوقت في نهايات القرن الماضي
  • ٠٥:١٦
  • الأحد , ١٤ يناير ٢٠١٨
English version

الرئيس ترامب المتهم بالعنصرية..يسعى لاحياء فلسفة التطهير المعتمدة منذ اوائل الغزاة للقارة الأميركية.. وخمدت لبعض الوقت في نهايات القرن الماضي

ميشيل حنا حاج

مساحة رأي

٣٧: ٠٣ م +02:00 EET

الأحد ١٤ يناير ٢٠١٨

ترامب
ترامب

بقلم : ميشيل حنا الحاج

شاهدت قبل ايام فيلما اميركيا عنوانه التطهير The Purge.  وافترض المؤلف وكاتب السيناريو أن أحداثه تقع عام 2022، أي بعد خمس سنوات. وتتحدث الرواية في الفيلم المذكور، أن كسادا واضطرابا اقتصاديا قد حصل في الولايات المتحدة، ونتيجة لهذا الكساد، انتشرت الجريمة وأعمال العنف في البلاد، ولذا بدأت عملية تطهير جديدة للأشرار في الولايات المتحدة. ونظرا لكون أعداد رجال أجهزة الأمن غير كافية  لتنفيذ هذه المهمة العسيرة، فقد أذنت الدولة للمواطنين الأميركيين …أذنت لهم بأن يشاركوا الدولة  وخصوصا في  الليل، في عملية تطهير البلاد من الجريمة والمجرمين ومسببي الاضطراب في البلاد.
 
ففي احدى الليالي، كما ورد في الفيلم، حيث ينشط السكان في مكافحة الجريمة ومسببي الاضطراب، وفي وقت يغلق فيه السكان أبواب منازلهم اغلاقا تاما مستخدمين المتاريس واحتياجات الامن الحديثة، تسمع ابنة شابة تنتمي لاحدى الأسر الميسورة،  صوتا مستغيثا طالبا اللجوء،  وقائلا بأن بعضهم قد أصابوه بجراح وهو يطلب المأوى والعلاج.  تعطف الفتاة عليه وتفتح له أحد أبواب المنزل الموصدة والمغلقة اغلاقا تاما تخوفا من مقترفي الجريمة…تفتح له باب المنزل وتدخله اليه في مسعى لتضميد جرحه. وعندمايكتشف رب الأسرة الأمر يوبخها محذرا بأن ايواء هذا الرجل، الذي تصادف أنه كان من أحد الأميركيين الأفارقة  (أي أميركيا أسود)،  سيثير غضب الجيران وسيطالبون بتسليمه لهم، لاحتمال كونه من مسببي الجريمة والاضطراب. تعترض الابنة وتعترض الأم لكون الرجل مصاب بجراح، وينبغي اسعافه.  وخلال احتدام الجدل بين أفراد الأسرة والذي ينتهي بموافقة رب المنزل أخيرا على حماية الرجل الأسود، تسمع أصوات من الخارج كانت لأسر أخرى في الحي ، خرجت الآن للعلن حاملة السيوف والسكاكين والاسلحة النارية، وأخذت تطالب بتسليمها الرجل الأسود الذي لجأ الى ذاك المنزل، باعتباره أحد المجرمين ومن مسببي الاضطراب، ومن الملاحقين الذين يتوجب تطهير البلاد منهم.  ويهدد أولئك باقتحام المنزل وانتزاعه منهم عنوة، حتى ولو أدى ذلك لمقتل كامل أعضاء الأسرة. وينتهي الفيلم بمعركة دامية بين الاسرة  والاسر المجاورة المتشبثة بضرورة تطهير البلاد من امثال هؤلاء المجرمين ومثيري الاضطراب.
 
وينتهي  هذا الفيلم الأميركي الذي وقائعه كما يبدو، من وحي خيال المؤلف وكاتب السيناريو، لكنه  يذكر   بعقلية كانت دائما سائدة منذ بداية تاريخ الوجود الأميركي، وخصوصا لدى الرجل الأبيض من الأميركيين، الذي عرف بتوجهه نحو التطهير… أي تطهير العقبات التي تعترض طريقه ، وخصوصا طريق الرجل الأبيض الثري والمستثمر، بل والمستعمر أيضا.  فالتاريخ الأميركي حافل بعمليات التطهير التي ذهب ضحيتها ليس الآلاف فحسب، ـ بل الملايين من الأبرياء.
 
ويشهد التاريخ بأن عمليات التطهير الأولى في الولايات المتحدة، قد بدأت في القرن السادس عشر، أي بعد قيام كريستوفر كولومبوس، حامل جواز السفر الاسباني، باكتشاف أميركا عام 1492 معتقدا أنها امتداد للهند.  فبعدها بأعوام، أخذ الرجال البيض المستعمرين والمستثمرين القادمين  من انجلترا وايرلاندا واسكوتلندا، يتدفقون على شرق الأراضي الأميركية… وبالذات على شواطىء “بلايموث” الواقعة على المحيط الأطلسي.
 
ولكن بعد استقرارهم هناك،  فيما  سموه New  England ، أخذوا يتطلعون  نحو التوسع في عمق القارة المكتشفة، فانتشروا في أجزاء من جنوب ووسط الأراضي الأميركية، وبعدها غربا، حيث باتوا يواجهون مقاومة من السكان الأصليين المقيمين  منذ عهود طويلة على تلك الأراضي.  وهنا أخذت تقع العديد من المعارك بين الهنود الحمر، السكان الأصليين، مالكي الأرض، والغزاة البيض المستعمرين والجشعين،  وهي معارك طويلة استمرت عدة  عقود، وابتدأت في القرن السابع عشر (عام 1622) واستمرت حتى نهايات القرن التاسع عشر الذي شهد أكثر المعارك ضراوة.  وانتهت الحرب بعد مقتل مئات الآلاف، وقيل عشرة ملايين من الهنود الحمر. غير أن الويكيبيديا تذكر بأن الأميركيين قد ادعوا بأن الكثير من الوفيات بين الهنود الحمر، نتجت عن انتشار الأوباء القاتلة بينهم .
 
وفي واحدة من سلسلة المعارك تلك ضد قبائل الشايان وأرابو والآباشي، قتل 200 من الهنود الحمر كان ثلثاهم من النساء والأ”طفال. ووقعت المعركة في Sand Creek  عام 1864. وكان المواطنون الأصليون في أميركا قد سموا بالهنود الحمر، نتيجة اعتقاد المستعمرين في بداية غزوهم  أنهم ذاهبون الى الهند، ووصف  المواطنون الأصليون بالحمر لكونهم يطلون وجوههم بالطلاء الأحمر. وكانت تلك عملية التطهير الأولى  التي وقعت في بعض الولايات الأميركية وقبل أن تصبح متحدة.
 
ولكن حركة الرجل الأبيض لم تقتصر على ملاحقة الهنود الحمر، ففي الوقت ذاته  كانت هناك عمليات اضطهاد واضحة في الولايات الأميركية ضد جميع المتواجدين على الأراضي الأميركية من غير الأميركيين البيض. فكان هناك اضهاد عنصري واضح للآسيويين بما فيهم العرب، كما كان هناك اضطهاد أشد للأفارقة السود،  وخصوصا أولئك المتمردين منهم على وضع العبودية الذي فرض عليهم.
 
وتقول الويكيبيدها أنه بين الأعوام   1626 و 1860، تم ارسال  470 ألفا من السكان الأفريقيين الى القارة الأميركية، ليعملوا هناك عبيدا  وخدما. وكان هؤلاء يتعرضون للاضطهاد الشديد، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالعبيد الرافضين للعبودية، أو يحاولون الفرار زالتحرر منها. وفي تلك المرحلةشد لالسود، ظهرت  مجموعات “كوكلاكس كلان” التي اضطهدت وقتلت العديد من السود.  كما عاملوا الكثيرين منهم بفظاظة ووحشية، علما أن ذاك الرجل الأسود قد جاء الى تلك البلاد بداية، نتيجة اصطحابه معهم، عتاة قدامى الغزاة البيض الذين اصطحبوه  معهم ليكون عبدا  لهم، يخدم الرجل الأبيض  وينفذ أوامره.
 
وظلت ناشطة عملية التطهير العرقي من قبل كوكلاكس كلان وغيرهم،  ضد السود الذين يتمردون على وضع العبودية،  حتى بعد قيام أبراهام لينكولن بالغاء العبودية  في عام 1863، وهو القرار الذي رفضته سبع ولايات جنوبية، فاعلنت انفصالها عن الولايات المتحدة  مشكلين (كونفدرالية) خاصة بهم، مما أدى الى وقوع الحرب الأهلية الأميركية بين الشمال والجنوب غير الراغب بتحرير العبيد.  غير أن أعمال الاضطهاد والقتل أحيانا والتطهير ضد الأميركيين من أصل أفريقي،  وما رافقها من فصل عنصري، قد استمرت لسنوات طويلة  وامتدت حتى منتصف القرن العشرين، عندما حصل الأميركيون السود أخيرا، على الكثير من الحقوق المدنية  وخصوصا في النصف الثاتي من القرن الماضي.
 
وفرضت حالة انشغال الولايات المتحدة بحربين عالميتين في النصف الأول من القرن الماضي، حالة من استراحة المحارب الأبيض في حربه لتطهير البلاد ممن هم من غير المنتمين لمجموعات الرجل الأبيض، لتبدأ بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية والتي انتهت فعلا بعملية تطهير رادعة لليابان تمثلت بقنبلتين نوويتين على هيروشيما وناكازاكي… حركة من نوع آخر تسعى لتطهير المجتمع الأميركي ممن يناهضون الرأسمالية والنظام الرأسمالي الذي يجلس  الرجل الأبيض دائما على قمة هرمه.
 
فقد ظهرت عندئذ الحركة المكارثية التي قادها الجنرال ماكآرثر، والساعية لتطهير البلاد من أصحاب الفكر الشيوعي، مع توسع تدريجي في أهداف الحركة التطهيرية، ليشمل التطهير أصحاب أي درجة من الفكر اليساري أو الاشتراكي او حتى العلماني. وقويت هذه الحركة في بدايات النصف الثاني من القرن الماضي، لكنها خمدت لاحقاء  نتيجة  سيادة الافكار والتوجهات الدمقراطية الرافضة للعنصرية ولاضطهاد الآخر.
 
وظل الأمر كذلك الى أن جاء الرئيس ترامب كاشفا منذ مرحلة  حملته الانتخابية، عن توجهات عنصرية اخذت سماتها تتضح تدريجيا يوما بعد آخر.  وبدأت سمات توجهاته العنصرية عندما فرض حظرا على  قدوم المواطنين من ست دول اسلامية معظمها دولا عربية تدين بالاسلام. وكانت قد سبقتها، نتيجة خطاباته العنصرية، اقدام بعض البيض على اضطهاد   الاسبان، وكذلك بعض المسلمين المقيمين في الولايات المتحدة، وكان أكثر الفئات تأثرا بذاك الاضطهاد، الاناث المحجبات اللواتي كن يتلقين الاهانات والتهديدات بمصير سيء في مستقبل قريب.
 
وكان من أبرز  مطاهر توجهه العنصري، حملته المركزة لابطال كل منجزات الرئيس أوباما، أول رئيس أسود في الولايات المتحدة.  فانسحب من اتفاقيات عديدة وقعها اوباما،  ومنها اتفاقيات  المناخ  والهجرة   ومن قبلهما اتفاقية “داكا”  المعنية بالتجارة مع بعض الدول الآسوية. كما شكك في دستورية رئاسة اوباما للولايات المتحدة عبر التشكيك بأن أوباما ربما لم يولد على الأراضي الأميركية (الأمر الذي لا يخوله دستوريا الترشح لرئاسة الولايات المتحدة). وتحدى اوباما بأن يبرز شهادة ميلاده.
 
وعندما تأكد له فشل مسعاه ذاك، شرع في السعي للتشكيك بسلامة الاتفاقية التي وقعها اوباما  بمشاركة خمس دول أخرى… مع ايران والخاصة بنشاط ايران النووي.  ثم انطلق الى أبعد من ذلك، ليتهم الرئيس السابق  أوباما، بأنه قد غض النظر عما وصف بنشاط حزب الله اللبناني في ترويج بيع المخدرات على الأراضي الأميركية، وذلك رغبة من أوباما، كما يقول ترامب، في عدم تعريض المفاوضات مع ايران حول نشاطها النووي… لخطر الفشل، وذلك لكونها حليفة حزب الله.  بل ذهب  ترامب الى حد مطالبة أحد وزرائه بفتح تحقيق رسمي حول نشاط حزب الله  بما سمي نشاط ترويج بيع المخدرات.  وهو يسعى من وراء ذلك لتشويه سمعة اوباما صاحب البشرة السوداء،  اضافة الى ايجاد نقطة تفاوضية مع المعارضين له الذين يتهمونه بالتعامل مع روسيا سرا بغرض ضمان وصوله الى مقعد الرئاسة بأي ثمن كان.
 
وتجلت قبل بضعة شهور وبشكل واضح، توجهاته العنصرية الراغبة بتطهير المعارضين للرجل الأبيض، عندما قام بعض المتعصبين للرجل الأبيض بتظاهرات في مدينة “تشالزفيل” الواقعة في ولاية فرجينيا، بتظاهرات رفعوا خلالها اعلام الكوكلاكس كلان التي خمدت حركتها لسنوات طويلة، فاصطدموا عندئذ مع المعارضين لذاك التوجه المريض. ووقع عندئذ بعض القتلى والجرحى. وهنا تنطح ترامب لتحميل المسؤلية  عما حدث للطرفين، عندما كان يتوجب عليه أن يندد ويدين تحرك جماعات كوكلاكس كلان الساعية لتجديد نشاطها  العنصري.  وكان موقفه ذاك  واحدا من المؤشرات المتعددة التي ترجح ميوله العنصرية المحابية للرجل الأبيض الراغب في تطهير كل من هو ليس أبيض.
 
ولكن ابرز المؤشرات على توجهاته العنصرية، تمثلت باصدار الأمر بعدم تجديد اقامة مائتي الف مواطن ينتمون لاحدى دول أميركيا اللاتينية.   وكذلك تشبثه بضرورة بناء جدار عازل على امتداد الفي كيلومتر تشكل الحدود الفاصلة بين اميركا والمكسيك، وذلك رغبة منه في الحد من تسلل المكسيكيين ومواطني دول أميركا اللاتينية … الى الداخل الأميركي، وذلك لكونهم من ذوات البشرة الداكنة البنية اللون (ولكن ليست السوداء  أو الحمراء).
وامتدت توجهاته العنصرية بدعوته  لترحيل آلاف من  القصر من أبناء المجموعات الاسبانية الذين دخلوا البلاد بشكل غير شرعي،  وكانوا يتوقعون (الأبناء القصر على الأقل) حصولهم  أخيرا على جواز سفر اميركي.  ولذا سموا بالحالمين Dreamers ، وسمبت هذه المجموعة ب D A C A .  والحرف الأول يرمز لعبارة دريمرز،  أي الحالمين بالجنسية الأميركية.
 
وجاءت السمة الأخيرة التي تجزم بعنصرية الرئيس الأميركي، اثناء اجتماع عقد مؤخرا في البيت الأبيض لبحث قضايا الهجرة. وضم الاجتماع ممثلين عن الحزبين الدمقراطي والجمهوري  بهدف التوصل الى اتفاق وسطي حول الهجرة الى الولايات المتحدة.  فالرئيس الأميركي الذي كان قد طالب سابقا بالغاء نظام القرعة الذي يتيح لعدد من الراغبين بالهجرة الى اميركا، الفرصة بتحقيق حلمهم عن طريق الفوز بالقرعة التي تنظمها سنويا دوائر الهجرة الأميركية…ففي هذا الاجتماع التاريخي الذي يسعى لتنظيم الهجرة الى الولايات الأميركية المتحدة، أبدى الرئيس ترامب امتعاضه من هجرة اولئك غير المنتمين لمجموعات الرجل الابيض ومثالهم النرويجيين، واصفا  الآخرين القادمين من دول أخرى،  بالحثالة كمواطني هاييتي والسلفادور والدول الافريقية.  وكانت تلك غلطة كبرى من ترامب  الذي يعاني من ضعف في القدرة على السيطرة على لسانه، الذي غالبا ما يكشف  بسذاجة  أو بغباء عما يدور فعلا داخل عقله الذي قد يكون مريضا.
 
وأثارت تصريحاته ضجة كبرى، اذ أدانها المنسق السامي لحقوق الانسان، واستدعت احتجاجا رسميا من 54  دولة افريقية، اضافة الى العديد من الاحتجاجات في الداخل الأمريكي.  فمساعي الرئيس ترامب لتطهير بلاده من المقيمين على اراضيها ممن لا ينتمون الى اصحاب البشرة البيضاء، قد أصبت الآن بضربة لها وقع الصاعقة على المعتدلين في العالم كله.
 
وحاول البيت  الأبيض نفي صدور تعليق كهذا عن الرئيس ترامب. بل وأقدم  سناتور جمهوري شسارك في الاجتماع، الى نفيه سماع ترامب يقول شيئا كهذا،  في وقت اصر فيه سناتورات ينتمون للحزب الدمقراطي ومنهم السناتور Dick Durbin  على سماعه ترامب يقول ذلك بكل وضوح واعتداد، الأمر الذي عززه أيضا العديد من الحاضرين في ذاك الاجتماع.
 
وهنا ثارت جدالات واسعة حول عنصرية الرئيس الاميركي،  وذلك على صفحات الصحف  والقنوات التليفزيونية.  وفي معرض قيام  Corey Lewandsky ، أحد المناصرين لترامب والذي شارك في حملته الانتخابية،  يالدفاع  عن رغبة ترامب ببناء جدار فاصل مع المكسيك، مدعيا بأن الجدار الفاصل لا يكشف عن نوع من  العنصرية،   “فهناك جدران أخرى في بلاد أخرى  ولا تمثل توجها نحو العنصرية”,    ومثالها كما قال، “ذلك الجدار الفاصل في القدس″،  متناسيا بأن ذاك الجدار هو فعلا قد بني نتيجة توجه عنصري لدى الاسرائيليين.
 
ويرجح  البعض أن انبعاث الحركة الأميركية الساعية للحد من هجرة أصحاب البشرات الأخرى غير البيضاء الى أميركا، والتي يحبذها ترامب علنا، مردها مخاوف الرجل الأبيض الأميركي من تحول تدريجي للمجتمع الابيض المسيطر على مقدرات البلاد،  الى اقلية في بلاد الرجل الابيض. ويعزز ذلك توجه ترامب لملاحقة المقيمين اقامة غير شرعية في الولايات المتحدة، والذين يقدر عددهم باحد عشر مليون انسان كان الرئيس اوباما في أيامه الاخيرة في الرئاسة،  يسعى الى اضفاء الشرعية على اقامتهم.  لكن ترامب المعارض  لخطة كهذه ، والراغب في ترحيلهم جميعا الى خارج الاراضي الأميركية (مما يشكل حركة تطهيرية واضحة لمن هو غير أبيض البشرة).  ولكن حركات الاحتجاج على التوجه الترامبي غير الانساني ذاك، اضطر الرئيس الأميركي للتراجع خطوة الى الوراء، قالئلا بانه يريد ترحيل فحسب، المجرمين منهم والعاملين في تجارة المخدرات، مقدرا بأن عددهم يقدر بين مليونين وثلاثة ملايين فقط، مقيمين اقامة غير شرعية، ويعملون رغم ذلك في مضمار الجريمة بانواعها.
 
ولكن الرئيس ترامب، يغفل بتوجهه ذاك، وخاصة رغبته في رفض قدوم مهاجرين من دول سكانها ليسوا من اصحاب البشرة البيضاءـ… أن لديه ولايتين في منظومة الولايات الأميركية المتحدة،ـ سكانها ليسوا من أصحاب البشرة البيضاء الصافية  النقية التي يعرف بها الرجل الأبيض النموذجي.  وتلك هما ولايتي هاواي والاسكا. فهل يقوم نتيجة توجهه ذاك بالتخلي عنهما، (والتخلي بالتالي عن نفط آلاسكا  وعن القواعد الأميركية العسكرية في هاواي وابرزها قاعدة بيرل هاربر),,, تخليا يسعى للحفاظ على هيمنة الرجل الأبيض في الولايات المتحدة.  فسكان هاواي هم اقرب الى اليابانيين، حيث أن جزر هاواي السبعة تقع في منتصف المسافة بين أميركا واليابان، وبالتالي بات معظم سكانها من أصل ياباني مع بعض الصينيين المنتمين للرجل الأصفر.  والأمر ذاته ينطبق على آلاسكا التي سكانها الأصليين  من سلالات الهنود الحمر،  أو المواطنين الأصليين، المختلطين  ببعض اللسمات الصينية والروسية، لكنهم بكل تأكيد ليسوا من سلالات الرجل الأبيض المقدس لدى ترامب العنصري كما بات يرجح من الكثيرين.
 
والواقع أن الخطأ الأكبر الذي يقع فيه الرئيس الأميركي،  هو اعتقاده بأنه رئيس للولايات المتحدة الأميركية، بينما هو في الواقع رئيسا للولايات المتحدة الأمميةـ  ذلك أن شريحة المواطنين والمقيمين على الآراضي الأميركية، باتت تتشكل من شعوب تنتمي لعدة امم  ابتداء من الايطاليين الى الصينيين والفيتناميين  والايرانيين  والعرب  والمكسيكيين والهنود (غير الحمر) والباكستانيين  والأرمن والمكسيكيين والاسبان  وغيرهم من القوميات.  وبالتالي فقد فات الأوان للحفاظ على النقاء الأبيض للولايات المتحدة التي يظنها ترامب أميركية، وهي على أرض الواقع قد باتت أممية…أممية…أممية.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع