الأقباط متحدون - «لو لم أكن منوفياً لوددت أن أكون صعيدياً»!
  • ٢٣:١٦
  • الثلاثاء , ١٦ يناير ٢٠١٨
English version

«لو لم أكن منوفياً لوددت أن أكون صعيدياً»!

مقالات مختارة | حمدي رزق

٠٥: ٠١ م +02:00 EET

الثلاثاء ١٦ يناير ٢٠١٨

حمدي رزق
حمدي رزق

وقال الشاعر الصعيدى:
قوم يا مصرى قل لى أصلــك أصلـــــــى طبعا فى الصعيد

والصعيدى فى مصر دايماً رأيه أقــــــــوى من الحديد

أسعد تماماً إذا التبس على بعض الأصدقاء وصنفونى صعيدياً من الصعيد الجوانى، ورغم أنى فلاح منوفى قح وطين البرك على كعابه قسماتى صعيدية، وهذا من حسن الطالع، ولو لم أكن منوفياً لوددت أن أكون صعيدياً، هو حد يطول يبقى صعيدى، حتى الصعايدة لهم شمخة وأنف فرعونية وجبهة عالية فى السماء، الصعيدى من قلبه وروحه مصرى والنيل جواه بيسرى.

كانوا فى الجزيرة العربية إذا صادفوا كريما كانوا يمدحونه بقولهم «أكرم من حاتم»، وفى مصر المحروسة إذا صادفوا كريما يقال «أكرم من شرقاوى» ولأن اللواء أبوبكر الجندى شرقاوى من مواليد الزقازيق، يعنى من بيت كرم، ولم يكابر وصوب ما فهم خطأ من حديثه عن الصعايدة، وقال فى تصريح مقتضب حتى يخمد نارا مشتعلة بماء المحبة: «نعمل للصعايدة مشروعات واستثمارات توفر فرص عمل فى بلدهم فنركبهم القطارات يرجعوا بلادهم ويعمروها».

هذا مقصده تماماً من مقولته التى انتشرت كالنار فى الهشيم وشيرتها شياطين الفيس ولاكتها المواقع الإخوانية العقورة لفتن الصعايدة، وتصدير إهانة لم تصدر عن قصد، وعلى لسان رجل محترم لا يعرف اللوع السياسى، للأسف محاولة قذرة لاصطياد المحترم قبل حتى أن يحلف اليمين.

نعم خانه اللفظ عندما قال غير محترس: سنعمل على تشجيع الاستثمار فى الصعيد علشان نخلق فرص عمل، ونبطل الصعايدة يركبوا القطار ويجوا هنا القاهرة علشان يدوروا على فرص عمل ويعملوا لنا عشوائيات. مقصده نوبة رجوع للأصول الطيبة، كفاية غربة، كفاية بقى تعذيب وشقى، بلاد الصعيد أولى بسواعد أبنائها، وإذا نجحت الحكومة فى تنمية الصعيد، وما جاء الا بهذا التكليف التنموى، ما حاجتهم إلى القاهرة، عند الصعيدى الصح بضم الصاد مقعد فى مندرة فى دوار صعيدى ولا قصر على نيل الزمالك.

بجملة المزاح، يمازح المصريون بعامة الصعايدة حباً، لا يضيق الصعايدة ذرعاً إلا بالعقور، واللواء أبوبكر صعيدى الطباع شرقاوى الميلاد ولم يقصد إساءة، الصعايدة على غضبتهم طيبون، هو فيه أطيب من الصعايدة، قلب الصعيدى يفرش فدان محبة.

الصعايدة ما هجروا بلاد الشمس المشرقة إلا للشديد القوى، وفى كل الأحوال راضيين بالشقاء والغربة، وعلى الناى الحزين يقتاتون نوبة رجوع، هو فيه صعيدى يبيع أهله وناسه، الصعيدى يشقى طول عمره ليرتاح فى السنوات الأخيرة على مخدة على دكة فى شمس دافئة، وقبل الممات يوصى بدفن جثمانه فى مقبرة أبيه.

الصعيدى لا يرضى عن بلاده بديلا، لولا ضيق الرزق ما فارق الحبوبة، الطبيعة قست عليهم فصارت عزيمة الصعيدى كالحجر الصوان، صامدا فى وجه الحياة، مستعينا على الشقاء بالله، الجبل كابس على أنفاسه، والصحراء تهب فى وجه، والأرض السمراء لا تسد جوعة العيال، وما تغرب إلا بكرامة النفس الأبية، وإن كان على الصعيدى يسيب القاهرة بكرة إذا توفرت أسباب الرزق، وفى هذا فليجتهد المجتهدون فى الحكومة فى توفير أسباب الرزق لأهلنا فى الصعيد.

وأخيرا.. هذا اجتهاد منى أظنه تفسير منوفى مقبول لما صدر عن الشرقاوى الأصيل أبوبكر الجندى. ولكم العتبى حتى ترضوا.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع