نجت من فخ “صلاح نصر”.. صاحبة النظارة السوداء زارت “ياسر عرفات” فى حصار بيروت وسجلت مجازر شارون في صبرا وشاتيلا
فن | النيل
الثلاثاء ١٦ يناير ٢٠١٨
صاحبة النظارة السوداء بولا محمد لطفي شفيق، من مواليد الثالث من يناير عام 1937، بمحافظة المنيا في صعيد مصر من أب مصرى صعيدي وأم بولندية، على الرغم من أن المُشاع أنها من مواليد منطقة الوايلي بالقاهرة.. ومنذ طفولتها وهي عاشقة للفن، حيث كانت تذهب مع والدها ووالدتها كل أسبوع لمشاهدة الأفلام الجديدة عربية أو أجنبية، فقد كان والدها عاشقًا للأفلام العربية، وعلى النقيض تمامًا كانت والدتها بحكم أوروبيتها متابعة لأحداث السينما العالمية والجديد الذي تنتجه وتقدمه سنويًا، ما دفعها إلى عشق الفن وتقمص الأدوار وتمثيلها أمام الوالدة التي كانت أول (جمهور) مشجع لها على دخول عالم الفن، حتى وقفت على مسرح المدرسة في العاشرة من عمرها لتواجه الجمهور لأول مرة.
كان والدها صعيدي النشأة واقتنع بوجهة نظر أمها بأن يتركها على حريتها فيما يتعلق بالفن، ولكنها واجهت متاعب ومصاعب على مستوى العائلة، فقد أدى عملها بالفن لغضب جدها وأعمامها ومحاولتهم المستميتة لإقناع والدها بإبعادها حتى لا تجلب لهم العار، إلا أن والدها أصّر على موقفه.. وحصلت على دبلوم المدرسة الألمانية عام 1955.
اكتشفها المخرج رمسيس نجيب، أثناء زيارة عائلية، ورأى فيها بطلة فيلمه «سلطان» مع النجم فريد شوقي عام 1958، وغيرّت اسمها بدعوة منه إلى «نادية لطفي» مقتبسة اسم بطلة رواية وفيلم «لا أنام»، للراحل إحسان عبد القدوس، والتي جسدّت الدور خلاله الفنانة فاتن حمامة، الأمر الذي أغضب «عبد القدوس» من «رمسيس» لكونه لم يستأذنه، وهدده برفع دعوى قضائية عليه وعليها، وفي يوم العرض الخاص للفيلم وجّه «رمسيس» الدعوة له ولـ«فاتن» فحضرا، وقالت عن ذلك: «لا أنسى ما قاله لي إحسان يومها بأنني بالفعل نادية لطفي التي ألهمته فكرة القصة وطالبني بالحفاظ على هذا المستوى لكي أظل جديرة بحمل الاسم، بينما فاتن أقبلت عليّ وهنأتني وحضنتني من قلبها وباركت لي وقالت لي ضاحكة (لا تنسي أبدًا أنا نادية لطفي الحقيقية).
قدمت 80 عملا على مدار 35 عامًا، ومن أهمها سينمائيًا: (الناصر صلاح الدين، السبع بنات، الخطايا، أبي فوق الشجرة، المومياء، للرجال فقط، قصر الشوق مدرس خصوصي، السمان والخريف، النظارة السوداء)، كما لها عملان دراميان، وهما «إلا دمعة الحزن»، عام 1979، وآخر أعمالها «ناس ولاد ناس»، عام 1993، وقال لها عبد الحليم حافظ إنه لا ينسى لها أبدًا أن أنجح فيلمين له كانا معها وهما «الخطايا، أبي فوق الشجرة»
ابتداءً من عام 1977 بدأت تُكثف من أنشطتها الخيرية والإنسانية، وفكرت في الاعتزال للتفرغ لها بشكل كامل، إلا أنها لم تستطع الابتعاد كثيرًا ولم تقاوم إغراء العودة بعد إعجابها الشديد بسيناريو فيلم «الأقمر»، وكذلك فيلم «رحلة داخل امرأة»، ثم قامت ببطولة فيلمي «وراء الشمس، وأين تخبئون الشمس»، عام 1980، ثم كان الفيلم الأخير عام 1988 بعنوان «الأب الشرعي»، بعدها ومنذ ذلك التاريخ انشغلت بأنشطة اجتماعية وسياسية عديدة.
كانت فنانة متنوعة الهوايات، وكان أولها الرسم، ثم التصوير الفوتوغرافي، حيث قامت بتسجيل 40 ساعة تصوير في القرى والنجوع المصرية لتجمع شهادات الأسرى المصريين في حربي 1956 و1967 حول الجرائم التي واجهوها، وكذلك موهبة الكتابة.
تتسم «نادية» بشجاعة في مواقفها السياسية والعربية، حيث نقلت مقر إقامتها إلى مستشفى قصر العيني أثناء حرب أكتوبر بين الجرحى لرعايتهم، وهي الفنانة الوحيدة التي ذهبت لزيارة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات أثناء حصار بيروت عام 1982، ووقفت مع المقاومة الفلسطينية، وقامت بتسجيل ما حدث من مجازر، ونقلته لمحطات تليفزيون عالمية، وقالت عن ذلك: «رصدت ما قام به شارون في صبرا وشاتيلا، لم تكن كاميرتي كاميرا بل كانت مدفعًا رشاشًا في وجه القوات الإسرائيلية خاصةً أنني ظللت أطوف أسابيع وشهورًا بنفسي على العديد من عواصم العالم لأعرض ما قام به السفاح في هذا الوقت».
«نادية» تزوجت ثلاث مرات، الأولى وهي في سن السادسة عشرة، قبل حصولها على الثانوية بعامين، من ابن الجيران «عادل البشاري»، الذي كان يعمل ضابطًا ، وحينها انتقلت للعيش في القاهرة، وبعد الزواج هاجر للخارج، فحدث بُعد عاطفي وطلبت منه الانفصال، وكانت قد أنجبت ابنها الوحيد «أحمد» واحتفظت به معها حتى كبُر وسافر للدراسة في الولايات المتحدة، وأقام هناك وتزوج وأنجب حفيدتيها «سلمى وريحان».
زواجها الثاني كان من المهندس إبراهيم صادق، شقيق زوج ابنة الرئيس جمال عبد الناصر، وبعد 6 أعوام من زواجهما فوجئت بوضع جهاز تصنت من المخابرات المصرية في منزلها؛ فظلّت فى حيرة وتوتر ما جعلها تطلب الطلاق، ولم تنجب منه أطفالًا بناءً على رغبته، وأثناء وجود وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف، في قفص الاتهام، علِمت سر وضع أجهزة التصنت في منزلها بعد اعترافاته، حيث كانت ذلك عملية خاصة يقوم بها رجال صلاح نصر، وكانت هي المقصود وليس الزوج لكنها نجت بالانفصال والابتعاد.
زواجها الثالث كان من محمد صبري، شيخ مصوري مؤسسة دار الهلال، الذي دخل حياتها بمحض الصدفة أثناء قيامها بتصوير فيلم «سانت كاترين»، وكان هو الآخر يستعد لتصوير فيلم له، فجمعهما مكان واحد، وسرعان ما عرض عليها الزواج فتسرعت بالموافقة وندمت فيما بعد لقصر مدة زواجهما وكثرة المشاكل بينهما وانتهى الأمر بالانفصال.
كانت تربطها علاقة صداقة قوية بالراحلة سعاد حسني، إلى أن قرر العندليب بدء تصوير فيلم «الخطايا»، وكانت الفنانتان متحفزتان للقيام بالدور، ووقع الاختيار على «السندريلا»، لتبدأ حرب صحفية شرسة على «حليم وسعاد»، وتم تداول شائعات حول وجود علاقة بينهما، وهاتف «عبد الحليم» جميع رؤساء التحرير من أجل نفي الخبر الذي أثار استياء السندريلا، والتي قررت العزوف عن تأدية الدور، وبعد فترة قصيرة قرر «حافظ» أن تكون «نادية» هي البطلة أمامه، والتي ترددت خوفًا على علاقتها بـ«سعاد»، ولكنها في النهاية اختارت الوقوف أمام «العندليب».
كانت من أوائل المنضمين إلى «جمعية حماية الحمير» التي تأسست في 1930، وكان رئيسها الفنان الراحل زكي طليمات، ومعها انضم فنانون وصحفيون وكتاب مشاهير، مثل طه حسين وعباس محمود العقاد وتوفيق الحكيم وأحمد رجب وغيرهم، ممن منحتهم الجمعية رتبًا ودرجات بحسب عضويتهم، منها: (الجحش والحمار الصغير أو الحمار الكبير)، حسب العربية.
وفي التاسع من ديسمبر الماضي، حصلت «نادية» على درجة الدكتوراة الفخرية، من أكاديمية الفنون، تكريمًا لمشوارها الفني، بحضور عدد من الفنانين، منهم ميرفت أمين، ودلال عبد العزيز، ورجاء الجداوي، وسمير صبري، وأشرف زكي، وسامح الصريطي، وأنوشكا.