الأقباط متحدون - الثورة الفكرية فى إيران
  • ٠٥:٣١
  • الثلاثاء , ١٦ يناير ٢٠١٨
English version

الثورة الفكرية فى إيران

مقالات مختارة | بقلم : أحمد المسلمانى

٥٦: ٠٨ م +02:00 EET

الثلاثاء ١٦ يناير ٢٠١٨

أحمد المسلمانى
أحمد المسلمانى

 (1)

لن تعود إيران كما كانت.. حتى لو عاد الأمن أقوى مما كان. ذلك أن الانكسار الذى جرى لا تصلح لترميمه سطوة النظام أو حقائق القوة.. إنه انكسار فى عقل إيران.. فى الهوية وخريطة الطريق.
 
(2)
 
بدأت مظاهرات 2017- 2018 فى إيران بالاقتصاد وانتهت بالأيديولوجيا.. بدأت بمناهضة الغلاء والفساد والإنفاق السفيه.. وانتهت بمناهضة السلطة والدولة وولاية الفقيه. وما هى إلا ساعات حتى بدأ البحث عمّا بعد النظام.. ودون تفكير اتجه المتظاهرون إلى الماضى الذى كان أفضل من الحاضر.. إلى الحقبة الملكية التى كانت أفضل من الحقبة الخُمينية.. إلى الشاه الذى رحل.. وابن الشاه الذى يتابع وينتظر.
 
إن إسقاط صورة خامنئى ورفع صور الشاه.. هو أبرز ملامح «الثورة الفكرية» فى إيران.
 
(3)
 
كانت احتجاجات 2009 هى نصف ثورة فكرية وجاءت احتجاجات 2018 لتكمل النصف الثانى. فى عام 2009 خرج أنصار التيار الإصلاحى ضد مرشح التيار المحافظ أحمدى نجاد.. لم يكن أمام المتظاهرين خيارٌ آخر. لم يجد المتظاهرون من كارهى النظام والثورة بُدًّا من الوقوف إلى جانبٍ ضد الآخر.
 
لم يكن ممكنًا الوقوف ضد الفريقين. هنا كان النصف الأول لـ«الثورة الفكرية».. إعلان كلمة «لا» فى وجه نصف النظام الإيرانى.
 
لقد جاءت مظاهرات 2018 لتقول «لا».. للطرفين.. محافظين وإصلاحيين.. معتدلين ومتشددين.. «لا» لكل النظام ولكل الثورة التى جاءت به.
 
إنها «لا» لعام 1979، ولآية الله الخمينى وعلى خامنئى.. «لا» لولاية الفقيه والدولة الدينية.. وهى بالتالى «نعم» للدولة المدنية.
 
إنها مظاهرات «الهوية».. البحث عن صورة حضارية لدولة عصرية.. لها مكانتها اللائقة بين العالم. يشعر الإيرانيون بأنهم خسروا كل شىء.. من أجل حفنة شعارات وعبارات. خسروا «دولة الرخاء التى يمولها النفط»، وخسروا حتى وضع «الدولة العادية»، بعد أن أصبح رعاياها موضع غضب فى معظم العالم الإسلامى، وممنوعين من الدخول فى الولايات المتحدة.
 
كانت بلادهم هى «بلاد فارس» حتى عقد الثلاثينيات من القرن العشرين.. تحمل عنوان الحضارة الفارسية العريقة، ثم أصبح اسمها إيران- أرض الآريين.. وكانت واحدة من ركائز الحداثة فى العالم المعاصر.. واليوم فإن أرض الآريين.. باتت جمهورية الخوف.. صراعات لا تنتهى، ومعارك لا تنقطع.. وسط اقتصاد يتراجع.. وحياة لم تعد هى الأخرى.. حياة.
 
(4)
 
إن الشعب الإيرانى.. شعبٌ رائعٌ.. إنه يمتلك ثقافة رفيعة وتاريخًا باهرًا.. ويتطلع إلى نهاية لعصر الآلام الذى امتد عشرات السنين.. تحت وطأة النظام المذهبى وأيديولوجيا الفتنة.
 
لقد تجاوز المصريون المعارك الفرعونية- الفارسية.. منذ زمن بعيد.. ويتطلعون إلى أن يروا أشقاءهم الرائعين فى إيران.. وقد عادوا إلى أيديولوجيا السلام والوئام.. إلى احترام سيادة الدول والتزام حسن الجوار.
 
لقد بدأت الثورة الفكرية فى إيران.. وهى ثورة فى العقل.. لا يصلها إليها الحرس الثورى.. ولا يصيبها الرصاص.. إن إيران ببساطة تريد أن تعود كما كانت.. إيران، وإيران فقط.
 
إن الثورة الفكرية بطبيعتها مثل نهر يحفر مجراه فى ثبات وعزيمة.. حتى إذا اكتملت الظروف راحت مياهه تنهى المشهد القديم.. لتبدأ المعالم الجديدة فى رسم الصورة الجديدة، وإعادة تأسيس الزمان والمكان.
 
لقد عبر نهر التغيير الفكرى فى إيران منتصف الطريق.. لقد بدأ خريف الثورة وربيع الدولة.
 
حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع