لأجلكَ نُحبُّ البشر
زهير دعيم
٤٤:
١١
ص +02:00 EET
الاربعاء ١٧ يناير ٢٠١٨
زهير دعيم
أنام مُطمئنًا ، فما أن يداعب الكرى أجفاني حتى أطيعه ، وأبحر في رحلة هادئة ، هائمة ، هامسة .
أنام والتّرنيم يُكحِّل شفتيّ ، والتّسبيح يملأ كياني ......ورغم كلّ هذا فأنا مُقصِّرٌ ألف مرّة تجاه من غمرني بحنانه وخيراته ومحبته ، فاعتقني من عبودية عدو الخير ، وشدّني بخيوط فدائه إلى العلياء ، إلى فوق ، إلى البنوّة .
أنام ولا أخشى شيئًا ؛ حتى الموت الذي كنتُ أموت منه خوفًا ، وترتعد فرائصي عند ذكره ، أضحى لا يُخيفني ولا يقضَّ مضجعي .
أنام مُطمئنًا ، أنا العصبيّ المِزاج ، الذي انفلتت أعصابي كثيرًا ، فصالت وجالت تسرُّعًا ، ولكنها اليوم بدأت تهدأ رويدًا رويداً ، وبدأت تستكين ، بعد أن هذّبها ابن الإنسان بروحه الأقدس ، بل بدأتْ تقنع وتكتفي وتشبع ، بعد أن كانت توّاقة إلى رفع الرّصيد ، وكانت قلقةً كلّما هبّت ريح المصروفات ، وعصفت زوابع الحياة .
قرأت قصّة سيّدة أمريكيّة مؤمنة ، سافرت في إحدى الطائرات من ولاية إلى اخرى ، وذلك لزيارة ابنتها المتزوجة هناك ، وأثناء الطيران حدث خللٌ في أحد محركات الطائرة ، فأصاب الخوف والذُّعر كلّ من كان على متنها من القبطان وحتى أصغر المسافرين، وبدا الخوف في العيون دموعًا تسيل وتنهمر ، وصراخًا يملأ فضاء الفضاء ....الكلّ يبكي ويصرخ ، إلا تلك السيّدة المؤمنة ، فقد أخذت تُصلّي بهدوء ورصانة وبدون خوف.
وشاءت النعمة والإرادة الإلهية أن تُنقذ الطائرة ، فحطّت بسلام على ارض المطار ، فانفجرت المآقي الباكية بالبسمات ، وافترّت الأفمام العابسة بالضّحكات ، وأخذ الكلّ يعانق الكلّ ، حتى الطاقم القيادي رقص فرحًا بالنجاة..
وظلّت السيدة تُصلّي وتشكر ، والطمأنينة تستحوذ عليها ، فالتفت إليها أحد الرُّكاب قائلا : هل لي أن أعرف يا سيدتي سبب الرّجاء الذي فيكِ وسبب الطُمأنينة ، فحين كُنّا نصرخ ونبكي كُنتِ أنت هادئة مُطمئنة .
فأجابت والبسمة تعلو وجهها : كلُّ ما في الأمر يا سيدي أنّني كنت أصلّي للربّ ، ثُمّ إنني ذاهبة لزيارة ابنتي المتزوجة في هذه الولاية، وكنت أقول في نفسي إذا لم تشأ الإرادة الإلهية أن ازور ابنتي هذه ، فسأقوم بزيارة ابنتي الأخرى المؤمنة ، التي انتقلت إلى يسوع قبل سنتين!!
جميلٌ أن نركن إلى القويّ الأمين ، الذي يعِدُ ويفي ، والأهمّ الذي انتصر على الموت وعلى سلطانه ، وأعطانا هذا النصر هبةً مجّانيّة .
ذوقوه ولن تندموا.......
ذوقوا الربَ ، هذا الإله الرّائع الذي جعل الله العظيم والمخوف عند الكثيرين ، جعله لنا أبًا ، حانيًا ، شفوقًا ، عطوفًا ، يمنحنا العطايا بلا حساب وبلا مِنّة .
ألمْ يُعطنا ابنه؟!
ألمْ يجُد علينا بقُرّة عينه ؟!
بلى وهبنا يسوع ، ووهبنا معه كلَّ شيء ، وهبنا الأمل والرّجاء ، والتزكيّة ، والمحبّة وهدأة البال والنصرة .......والملكوت .
يسوع الأحلى والأجمل بكَ ومعكَ نتحدّى الدُّنيا والموت وسلطان الهواء.