الأقباط متحدون | سلبية قادة الهيئات الإسلامية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٠٨ | الجمعة ٦ مايو ٢٠١١ | ٢٨ برمودة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٨٥ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

سلبية قادة الهيئات الإسلامية

الجمعة ٦ مايو ٢٠١١ - ١٨: ٠٩ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: مهندس عزمي إبراهيم

في وقت السيولة أو الميوعة السياسية الخطيرة التي تمر بها مصر الآن بعد ثورة ميدان التحرير في 25 يناير، التي شارك فيها المسيحي والمسلم كتفاً بكتف وسالت دمائهما معاً بلا تمييز، يقف الأقباط مرفوعي القامة مع المسلمين الشرفاء الأحرار المخلصين المحبين لمصر وسلامتها ونقاءها يداً بيد لترسو سفينتها بشاطئ خير وسلام لكل أبنائها، أقباطاً ومسلميناً وغيرهم مِمَن يتمتعون بوسام وشرف المواطنة بها.
ورغم ذلك فهناك حقيقة دائم الحديث عنها ولا يمكن إنكارها أو إغفالها. الأقباط، أبناء مصر، يعانون كل يوم بل كل ساعة من ساعات اليوم من اضطهاد طائفي وتمييز تعسفي. الوظائف وفرص الأعمال تغلق في وجوههم. الإهانات تصدر ضدهم وضد دينهم في الشوارع والأسواق والمكاتب بل ومن الجوامع. بناتهم يُخطـَفن ويُغتصَبن ويُزَوَّجن غصباً لرجال من غير دينهن. بيوتهم ومحال أعمالهم تـُنتهَب وتـُحرَق. الآذان تـُقطـَع. الكنائس تـُهاجم وتـُهدم حتى وقت العبادة. هذه حقائق لا ينكرها إلا جاهل أو مغرض، ولا يرضي بها مسلم عاقل صالح ومواطن أمين لحقوق ومبادئ الوطنية والمواطنة.
هذه أمور يحاول الأقباط دائماً مقاومتها وتعديلها بطرق سلمية. ولكن عندما يصل الأمر إلى أن رأس الكنيسة وكبير الأقباط يُهان ويُسـَب وتـُهدَر كرامته علناً أمام رؤساء الدولة ووقادة الدين الإسلامي وأصحاب الإعلام والأقلام، وأن البطريركية وهي أقدس أقداس الأقباط في مصر تحاصر وتهدد بالاقتحام والتفتيش من رعاع وغوغاء أوباش، ولا يغضب للبابا ولا للأقباط مسلم مصري إلا قلة من الكتاب المسلمين الأحرار ذوي الأصوات النزيهة، فهذا أمر يثير الدماء في الأحجار الصماء.

إني ألوم أولاً المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري الأعلى المسئول الأول عن حكم وادارة شئون مصر في وقتنا هذا، كذلك السيد منصور العيسوي وزير الداخلية وهو المسئول عن الأمن والاستقرار الداخلي بمصر. كلاهما معه وتحت أمره كل إمكانيات الأمن لسلامة مصر واستقرار واطمئنان واحترام أبنائها أقباط ومسلمين. والأقباط أكثر احتياجاً للأمن والاستقرار والاطمئنان فالمفروض انهم لكونهم أقلية لا حول لهم إلا بمساندة الأمن والقانون ويقظة المسئولين. إني لا أنكر أن الجيش والأمن قد قاما مشكورين بحماية الكاتدرائية وفض المظاهرة الغوغائية. ولكني أرى أنه كان أقل المفروض أن يصدر بيانات رسمية حازمة من قيادة المجلس العسكري ووزارة الداخلية باستنكار وعدم قبول وعدم قانونية ما حدث، بل ومعاقبة الدافعين إليه والقائمين به قبل وبعد حدوثه.

وأشير أيضاً بأسف شديد إلى موقف رؤساء الهيئات الإسلامية المسئولة وأخص بالذات رئيس جامعة الأزهر الأستاذ طيب النجار، وسماحة مفتي مصر الشيخ علي جمعة، ومعالي الدكتور وزير الأوقاف عبدالله الحسيني هلال، وغيرهم من رئاسات الهيئات الإسلامية المعتدلة. لقد اكتفوا بالتفرج على تمثيلية تهريج وفوضى وبلطجة ليست مسلية بل مخجلة حتى لمن لا يخجل. لم يصدر من أي من هذه الهيئات "الدينيــة المحترمة والمسئولة" بياناً واحداً من سطرين يوقف أو يلوم ما يحدث ضد البابا شنودة وبطريركية الأقباط، ناسين أو متناسين أن الأقباط مصريون، وأنهم أبناء مصر وليسوا مستوردين من دول أخرى غربية أو عربية. وأنهم ليسوا في حرب مع الإسلام والمسلمين بل هم مواطنون مسالمون.

تصوروا لو أن الأقباط تظاهروا أمام الأزهر حاملين اللافتات المستفزة والتهديد باقتحامه وبالسب والشتيمة والإهانات لشيخه لسبب ما. ناهيك عن قيام الدولة باعتقالهم فوراً ومحاكمتهم وسجن وإعدام البعض منهم، وناهيك عن هياج المسلمين عليهم والهجوم عليهم وإسالة دمائهم للدفاع عن الأزهر الشريف. ناهيك عن كل ذلك. أقسم بكل شريف ومقدس لو حدث هذا لكان البابا شنودة هو أول من يُخَطـِّئ ويلوم ويؤنـِّب ويعاقب ويقوِّم ويوجـِّه أبناءه ورعاياه ويمنعهم من القيام بمثل هذا العمل الهمجي البلطجي الغير أخلاقي الغير ديني والغير وطني، كعمل لا يُرضيه أن يُوجـَّه ضد أي من رؤساء الدين... أي دين. أؤكد أنه ما كان ليقف صامتاً مغمضاً متمتعاً أو حتى مكتفياً بالمشاهدة لما يجرى. أنا لا ابالغ في تأكيدي بل أنا أعرف روح البابا شنودة وما هي تعاليمه ومن أين هي مستقاة.. إنها نابعة من تعاليم السيد المسيح التي يعرفها المسلمون جيداً، وهذه التعاليم هي جوهر المسيحية وعصب المسيحيين.
أكرر اني لا ابالغ في تأكيدي، وأقدم هنا الدليل على صحة افتراضي لما قد يكون تصرف البابا شنودة في مثل هذه المواقف. فعندما أعلن للعالم قتل أسامة بن لادن اجتاح العالم كله خليط من المشاعر، حيث أعلن البعض هياجهم غضباً وأعلن البعض الآخر هتافهم فرحاً. ورغم أن القس فريدريكو مومباردي المتحدث باسم الفانيكان قال أن "أسامة بن لادن مسئول عن سفك دماء العديد من الأبرياء وعن استعمال الدين لنشر الخلاف والحقد بين الناس"، إلا أن بابا الفاتيكان قام بإصدار بيان صريح قائلاً:
“Christians could never rejoice about the death of any human being.”
وتترجم بأنه: " لا يمكن أبداً للمسيحيين أن يبتهجوا لموت أي إنسان."

هذه تعاليم الميسحية حتى تجاه مجرم دمر ودبر للشر والإرهاب والضرر وسفك دماء البشر من أديان عديدة. هذا موقف رؤساء الدين المسيحي.
أقارن موقف البابا شنودة لو تطاول الأقباط على الأزهر ورئيسه كما تطاول السلفيين على الكاتدرائية ورئيسها، وكذلك موقف بابا الفاتيكان في موت أسامة بن لادن بموقف السادة الكرام رؤوس الإسلام بمصر حيث يرضون بالتجاوز والتهاون عن إهانة رئيس مقدس مصري محترم عفيف اللسان، هادئ حكيم محب ودود، وعن إهانة أبناء الوطن الأقباط المسالمين، وعن إهانة أقدس بيت للعبادة المسيحية بمصر. بل وقـَفَ هؤلاء المسئولون "دينيـاً" يتفرجون في صمت على الرعاع والغوغاء وهم يسبون البابا شنودة بأحقر الألفاظ ويحاصرون مقره المقدس كأنه قلعة حربية بها عدو بحشد من جيوشه، دون احترام أو خجل، وبأسباب يعلم العالم كله، المسلميون قبل المسيحيون، أنها أسباب واهية مفتعلة ودعاوي كاذبة.

حتى لو افترضنا أن هذه الأسباب صحيحة أفما كان من الواجب على القادة المسلمين أن يصدروا بياناً حازماً ضمن بياناتهم العديدة التي يواجهونا بها يومياً في الجرائد والتلفزيون يدعوا رعاياهم أن يتركوا الأمر لرجال الجيش والأمن والقانون ويُلزموا أئمة وفقهاء ووعاظ الجوامع المفوهين سباً وشتيمة وصلوات بالأذي ودعوات بالوعد والوعيد والتهديد وتهييج الرعاع البسطاء أن يكفوا ويصلحوا ويعدلوا وينشروا السلام لا الفوضى والحقد والبغضاء ويتقوا الله في أبناء وطنهم ويحترموا قداسة رئيسهم الديني، وأن يتركوا للقانون أن يحقق ويتخذ ما يلزم. إن ما أضحكني وأساءني أن كل ما قاله شيخ الأزهر، على سمو مركزه وهيبته الدينية، تعليقاً على هذا الموقف هو "أنا برئ من هذه التصرفات" وهو ما يُتـَرجَم بلغة الشارع إلى "أنا ماليش دعوة" أو "وانا مالي" هذه سلبية لا تتوقع من قائد ورائد ديني واجتماعي ووطني.

إني ألومكم يا رؤساء الإسلام لموقفكم السلبي، وهو ما يشجع المغرضين والرعاع على المزيد من هذه الأعمال الفوضوية الغير دينية والغير وطنية بلا خجل أو خوف من رادع. لقد رفع هؤلاء السلفيين علم السعودية في مظاهراتهم على أرض مصر وهي خيانة عظمى واهدار لهيبة الدولة دون أن تحرك الدولة أو رؤساء الإسلام إصبعاً. أهو الخوف من السلفيين أم هي أموال البترول السعودي. هل يحق لمواطن مصري أن يتظاهر ويرفع علم إيطاليا أو إيران أو الصين أو كمبوديا في وطنه مصر؟ ماذا بقي بعد ذلك؟؟ أين مصر؟ إن أبسط المتوقع من رؤساء الدين أن يقوِّموا الأخلاق ويساندوا القانون.
يا سادة.. يا قـادة، إنكم أمام الله وأمام الوطن وأمام الدين لمسئولون!!




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :