سؤال رهيب
د. مينا ملاك عازر
الأحد ٢١ يناير ٢٠١٨
د. مينا ملاك عازر
في إحدى بلاد العالم الثالث، حيث الحكم المستبد، والفساد يسود، صرح أحد المسؤولين لأهل هذا البلد أن بلاده هذه بلاد فقيرة ومواردها معدومة، قال هذا مبرراً فشله وفشل من معه في قيادتها نحو الأفضل، كما وعد يوماً ما، فرد عليه أحد المساطيل الغير المدرك لأبعاد سؤاله قائلاً كيف لبلد مثل بلادنا تكون موارده محدودة، بلد لا ينقصه شيء من خيرات الأرض، فهو يملك الطاقة بكل أنواعها، يملك طاقات البترول والغاز والشمس والرياح والمياه، يملك من مقومات السياحة ما لا تملكه دولة أخرى ففيه العديد من القطع الأثرية التي تركها لنا القدماء، ويملك مئات الكيلو مترات من الشواطئ الخلابة، ويمتلك السياحة العلاجية والسياحة الدينية، كما يمتلك من الأراضي الزراعية الكثير والكثير التي لو تم استغلالها لأطعمت أهلها بل والعالم بأثره، دون اللجوء لقمح فاسد أو غيره من الأغذية المسرطنة، وهو يمتلك نهر عظيم بين أنهار العالم، ذلك الشريط من المياه العذبة الذى يحسدنا عليه الكثير من دول العالم، ولا نحسن استغلاله إلا في البواخر العائمة، ويمتلك شواطئ على بحرين، ناهيك عن الخلجان والنهر الطويل سالف الإشارة إليه، كما أن لديه البحيرات، والأهم من ذلك كله أن بلادنا تمتلك ذلك الشعب الطيب وتمتلك تلك العقول الجبارة التي ساهمت في تقدم معظم الدول المحيطة بنا بل العالم كله وراقبوا علماءنا في الخارج، وتابعوا أخبارهم، حتى تعرفوا أن البشر هم أهم تلك الثروات، ولا بد أن نعترف بأن أحد أسباب ثقل بلادنا السياسي هو عدد سكانها، إذن بلادنا ليست محدودة الموارد ولكن محددة الموارد، فهناك من احتكر الحديد، وكذلك هناك من احتكر الأراضي، كما أن هناك من احتكر السيارات، كذلك هناك من احتكر السلع الغذائية، وحتى الإعلام وجد من احتكره لحساب السادة المسؤولين. أما وأن يأتي أحد المسؤولين ويقول إن كل هذا الخير هو موارد محدودة، فهذا هو الباطل بعينه، هناك دول متقدمة تعيش على مصدر واحد من تلك المصادر التي تمتلكها بلادنا الحبيبة.
ثم أردف صاحب هذا السؤال الرهيب قائلاً كنتم زمان في الكتب المدرسية تقولون لنا إن سبب تعدد الحملات على بلادنا هو موقعها الاستراتيجي وخيراتها الوفيرة، والآن يقولون موارد محدودة، في الحقيقة أنا أعتقد أنه لو عاشت بلادنا هذه عاماً واحداً أو على الأكثر عدة أعوام بدون فساد، وبشيء من العقول المتفتحة الجادة في نهضتها وباحترام الكفاءات، واستبعاد أهل الثقة لأصبحت من أغنى دول العالم.
ملحوظة سائل السؤال بيحب بلاده ونفسه تبقى أحسن، لكنني لا أعرف إن كان من بين قراء سؤاله من سيقدر حبه ويغفر له جرمه في تجاوزه لطرحه السؤال أم لا، على كل حال مالناش دعوة بيه، فلنتركه ولنترك بلاده في حالهما، ما داموا بعاد، وخلينا في مصر اللي باين عليها مقبلة على نهضة كبيرة بإذن الله.
المختصر المفيد مأساة الكثير من بلاد العالم أن من يحكمها غير مؤهل لهذا علمياً ولا سياسياً.