الأقباط متحدون - ثورة بلا ورثة
  • ١٦:٠٤
  • الجمعة , ٢٦ يناير ٢٠١٨
English version

ثورة بلا ورثة

د. مينا ملاك عازر

لسعات

١٤: ٠٥ م +02:00 EET

الجمعة ٢٦ يناير ٢٠١٨

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم - د.مينا ملاك عازر

لم تسفر العلاقة الثورية التي جمعت مصر وثوار يناير عن وريث حقيقي يرث تلك الثورة التي حبلت بها مصر في الخامس والعشرين من يناير، ومن ثمة ركبها الإخوان بعد إذن المجلس العسكري، ثم فشلوا في إرضاء الشعب وذلك لإرضاء الجماعة فثار الشعب واستعاد المجلس العسكري البلاد والعباد.

وهذه هي مأساة ثورة يناير، أن من يدافع عنها يتهم بالعمالة، ومن يعلن انتمائه لها يعتبر خائن وممول لأن الثورة لم تنجب عقلاء رشداء يتخذون مواقف يرضا عنها الشعب، ولأن أبنائها الحقيقيون لم يستطيعوا الوصول بها لبر الأمان، وانساقوا وراء خلافاتهم الأيديولوجية وصراعاتهم العقائدية، وتركوا القيادة لجماعة نازية سرعان ما فشلت لمصلحة جماعة وطنية.
وتكمن المفارقة أن من انتفعوا بثورة يناير في المرتين ليسوا من أبنائها، ومن تقاتلوا على ورثها ليسوا من صلبها، ولذا متى يتم الهجوم عليها لا تجد الثورة من يبرئها، ومن يقول أن ما جرى بالبلاد لم  يكن بسببي بل هو بسبب من استغلوني لمصالحهم الشخصية والجماعية، أما أنا فبريئة من أفعالهم وصداماتهم واختياراتهم وقراراتهم وأفكارهم وخياناتهم وصراعاتهم، ولذا سيبقى التاريخ يهاجم ثورة يناير لأنها انهزمت وتم صيدها ولذا النصر سيكون للصياد الذي ضحك أخيراً واستثمر تأييد الشعب ذلك التأييد الذي بُنِي على منظومة إعلامية استغلت غباء الإخوان وأفعالهم وحماقاتهم حتى اسقطوهم تحت سنابك الخيل وجنازير المدرعات.
ومصر دولة مدنية قامت بها ثورات ثلاث، وانقلاب وحيد، مأساتها الحقيقية أن الثورة الأولى ثورة 1919 لم تستمر طويلاً بسبب الإنجليز ومحي أثرها بسبب الانقلاب الذي ما أن خبت آثاره قليلا بسبب ثورة يناير إلا وسرعان ما عاد يومض ويملأ الحياة صخب بسبب ثورة يونيو، لذا مصر دولة مدنية الفكر، عسكرية الزي، دينية التوجه، عقيمة في ثوراتها لا تنجب من ثوراتها، ولذا تبقى تدور في دائرة مفرغة لمصلحة أُناس ليس لهم في الثورات ولكن لهم في حركات.
وإذا كنت حضرتك جاي من البلكونة وبتسأل بعد ما شربت السيجارة على ثورة يناير أقول لك إنها في دباجة الدستور الغير مفعل، وفي قلوب الكثير من الشباب وفي أدراج المفكرين، وفي عيون الحالمين، يرفعون الستار ليظهرونها للناس فيسبونها أو يشكرونها بحسب غرض من يظهرها بإظهاره لها، فلو كان يريد أن يقول لهم أن الثورات مش حاتنف-عكم وآديكم شفتم عملت فيكم إيه يظهر لهم الفرار من السجون والانفلات الأمني والتردي الاقتصادي ولو كان غرضه أن يمدحوه يقول لهم لولا يناير ما وصلت للحكم.
ويبدو أن قدر مصر أن يحكمها حكام غاية أمانيهم ومنتهى توقعاتهم لترقيهم الوظيفي أن يصلوا ليصبحوا ملحق عسكري في بلد كويسة مثل مبارك، فيصبحوا حكام بتدابير غريبة للقدر وباجتهاد شخصي من بعضهم وسلم لي على النزاهة الثورية.
المختصر المفيد إلى أن تجد الأسود مؤرخيها، فسيمجد تاريخ الصيد دائماً الصياد.
 

الكلمات المتعلقة