محمد فاضل والدراما المبسترة
مقالات مختارة | خالد منتصر
السبت ٢٧ يناير ٢٠١٨
فى ملف «مستقبل الدراما» المهم الذى نشرته جريدة «الوطن»، أمس الجمعة ٢٦ يناير، لفت نظرى الحوار الذى أُجرى مع المخرج محمد فاضل، وفوجئت بالمانشيت الذى يستنكر فيه «فاضل» منتقدى لجنة الدراما، مبرراً تشكيل اللجنة التابعة لمجلس الإعلام، ومتسائلاً: هل نعرض زواج المثليين على الشاشة؟! وكأنى أسمع الشيخ الحوينى أو برهامى؟؟ نفس مبرر رفض العلمانية والحريات فى أوروبا، فالسلفيون ليس لديهم إلا هذا الرد الفج الممل وتلك الأسطوانة المشروخة: «يعنى عايزين علمانية عشان تجوّزوا المثليين لبعض»؟؟! هل هذه هى العلمانية يا برهامى؟، وهل تلك هى حرية الدراما يا فاضل؟!
نفس مبررات الحفاظ على الهوية المصرية والثوابت... إلخ، هى الأسلحة التى قُمع بها المبدعون دائماً، وأنت كنت أحد ضحاياها. وتذكّر، لو كنت نسيت، السهرة التى أخرجتها لأسامة أنور عكاشة ومنعتها الرقابة وثرت وقتها ثورة عارمة رغم أن الرقابة كتبت نفس المبررات التى ذكرتها حضرتك فى مقالك. الدراما المعقّمة المبسترة التى تتمناها، أستاذ فاضل، هى صحيحة من وجهة نظرك فقط، ومن الوارد جداً أن يختلف معها مبدع آخر تجاوز تلك النظرة وذهب إلى مساحات إبداع مختلفة أحدث وأعمق وأكثر تأثيراً، والمثلية الجنسية فى الدراما ليست وظيفتك مراقبتها، ولكنها وظيفة جهاز معروف وقديم اسمه الرقابة على المصنفات الفنية فلا داعى للمزايدة وتداخل الاختصاصات، والمسلسلات الهاتفة التى تسمى حركياً «هادفة» والتى ناديت بها ونصحت المبدعين بتناولها وكأنهم فى كتّاب سيدنا وحضرتك معك فلكة الفن الهادف وبوصلة الإبداع المحافظ على الهوية، نصحتهم بمسلسل عن محمد صلاح وآخر عن حفر قناة السويس!! عظيم جداً وهى موضوعات مدعاة للفخر والاعتزاز، لكن حضرتك سيد العارفين هناك فرق بين هوية الدراما وهيئة الاستعلامات!! والفنان حر فى تقييمه للقضايا وأهميتها، من الممكن أن يرى أن قضية ساكن القبور أهم من حياة محمد صلاح من الناحية الفنية، هو حر. والسؤال: ما لكم كلجنة دراما وإيش أخشش حضراتكم؟! نحن لسنا فى حاجة إلى كتالوج محمد فاضل، ولا إلى باترون لجنة الدراما الشرعية الحلال، نحن فى حاجة إلى المزيد من حرية الفن لا إلى قمعه وللأسف قمعه بيد أبنائه تقرباً للسلطة وغزلاً فيما تتصور أنه سيرضيها ويقربهم منها، أما عن فرمانات محمد فاضل بمنع مطاردات الشوارع من الدراما فهى أشبه بفرمانات منع الملوخية والجرجير فى زمن الحاكم بأمر الله؟! مسطرة محمد فاضل الدرامية التى تباع فى الفجالة لم تعد تصلح لمقاسات دراما زمن «السمارت فون» الذى يأتى من «آبل»!! وكتاب أبلة نظيرة فى الطبخة الدرامية صار الآن فى مخازن متحف الشيف شربينى وبات منتهى الصلاحية، والدراما الجهاز الذى يستقبلها ويقيّمها هو جهاز العقل والوجدان وليس جهاز حماية المستهلك!!
نقلا عن الوطن