الأقباط متحدون - جماعة المؤمنين فى البرلمان!
  • ٢٢:٢٥
  • الأحد , ٢٨ يناير ٢٠١٨
English version

جماعة المؤمنين فى البرلمان!

مقالات مختارة | بقلم : حمدي رزق

٣٥: ٠٢ م +02:00 EET

الأحد ٢٨ يناير ٢٠١٨

حمدي رزق
حمدي رزق

 أخونا النائب عمر حمروش من موقعه كأمين سر اللجنة الدينية فى البرلمان أخذ على عاتقه مهمة تطبيق الشريعة الإسلامية على المصريين، كل أسبوع بمشروع قانون من عندياته مصبوغ دينياً باعتباره المتحدث باسم جماعة المؤمنين فى البرلمان.

 
آخرها مشروع قانون لمعاقبة الملحدين بمثل مادة ازدراء الأديان الشهيرة التى سجنت نفراً من المفكرين والمبدعين وأشاعت اضطراباً عظيماً، ويبشرنا بقرب صدوره بعد أن جمع له ما يكفى من التوقيعات فى البرلمان، تهديد ووعيد لكل من تسول له نفسه إلحاداً، لن يتركهم فى ضلالاتهم يعمهون.
 
لم أطلع على مسودة مشروع قانون أخونا حمروش، ولكنى اطلعت على كل التفاسير المعتبرة للآية (29) من سورة الكهف، وهى كفيلة إذا تدبرها حمروش وجماعته لسحب مشروع قانونه فوراً، واكتفى بالوعيد السماوى للملحدين، وترك الأمر لله، فلو شاء ربك لكلف رسوله الكريم، صلى الله عليه وسلم، بملاحقتهم فى الأرض، ولكنه سبحانه وتعالى تكفل بهم وقال فيهم:
 
«وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ * فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ * إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا * وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِى الْوُجُوهَ * بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا». (29 - الكهف).
 
من تفسير الجلالين نقتطف قبساً: «وَقُلْ» لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ هَذَا الْقُرْآن «الْحَقّ مِنْ رَبّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ» تَهْدِيد لَهُمْ «إنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ» أَىْ الْكَافِرِينَ «نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقهَا» مَا أَحَاطَ بِهَا «وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ» كَعَكَرِ الزَّيْت «يَشْوِى الْوُجُوه» مِنْ حَرّه إذَا قُرِّبَ إلَيْهَا «بِئْسَ الشَّرَاب» هُوَ «وَسَاءَتْ» أَىْ النَّار «مُرْتَفَقًا» تَمْيِيز مَنْقُول عَنْ الْفَاعِل أَىْ قَبُحَ مُرْتَفَقهَا وَهُوَ مُقَابِل لِقَوْلِهِ الْآتِى فِى الْجَنَّة «وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا» وَإِلَّا فَأَىّ ارْتِفَاق فِى النَّار فى خطاب المولى عز وجل إلى رسوله الكريم قال: «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» سورة الكهف: 29.
 
ما بال حمروش لا يرعوى لقول المولى عز وجل، فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ، لماذا الافتئات على الحق الإلهى فى معاقبة الظالمين لأنفسهم؟، لماذا الزج بالبرلمان ومن بعده المحاكم فى قضايا الإلحاد والكفر؟، وكيف تحكم على الملحد بإلحاده، هلا شققت عن قلبه، وكيف تعطى لنفسك وللآخرين حق حساب كافر على كفره، وقد اختص المولى سبحانه وتعالى نفسه بحق العقاب، ولم يطلبه من نبيه الكريم، صلى الله عليه وسلم؟!.
 
هلا راجعت قانونك على هذه الآية الكريمة ورجعت إلى العلماء الثقات لتقيسه بمقياس الشرع، هذا ليس دفاعاً عن الإلحاد ولا تشجيعاً للملحدين، بئس ما يذهبون كفراً وإنكاراً للحق منزلاً من السماء، ولكن فى المسائل الشرعية يجب العودة إلى العلماء وهم يعذرون إلا الجهر بالكفر، الحماسة فى الدين قد توقعكم فى الزلل، فتضلون سواء السبيل.
 
لن أذهب إلى تضخيم ظاهرة الإلحاد فى البلاد، ولا أغض البصر عنها، ولكن كله بالقانون إلا الإيمان، ومن شاء، فإذا تكاسلت المؤسسات الدينية عن تبصير العباد بالحق، وتحصين الشباب بصحيح الدين، واجتذبوهم إلى الطريق القويم هذا أجدى من شلحهم بالقانون، ومطاردتهم بالبلاغات، وتهديدهم بالعقوبات، هذا لن يعيدهم إلى حظيرة الإيمان.
 
بحث أسباب الظاهرة أولى بوقت نواب الشؤون الدينية والمجامع الدينية، للوقوف على حجمها، والإحاطة بها، والبحث فى علاجاتها، وتوفير المضادات الحيوية للمصابين بفيروس الإلحاد، مترفقين بالشباب، والأخذ بيديهم إلى الهدى، «وَمَا أَنتَ بِهَادِى الْعُمْى عَن ضَلَالَتِهِمْ * إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ». صدق الله العظيم.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع