باب ضيق.. وأبواب خلفية واسعة!
مقالات مختارة | بقلم : دينا عبدالكريم
٥٩:
٠٩
م +02:00 EET
الأحد ٢٨ يناير ٢٠١٨
واحد من قوانين الحياة.. قوانين الطبيعة التى يحترمها ويعمل بها 80% من سكان الكوكب.. ويقدرها حتى من لايعمل بها.. فكرة الوجع لأجل مكسب.. بذل مجهود حقيقى وتكريس وقت كبير لأجل هدف ما.. أيا كان نوعه..
فالمنطق يسوق أن: جهد فى رياضة يحصد صحة، جهد فى دراسة تحصد علما، جهد فى عمل تحصد نجاحا وتميزا... بينما ثمة ثقافة وهى ثقافة (الأبواب الخلفية) فالنموذج السلبى للسمسرة- الرجل الجالس على الناصية يدخن الشيشة منتظرا الزبون التالى- تلك التى تجعلك تظن أنه لا داعى لبذل مجهود فى أى شىء.. فقط عليك الانتظار حتى تجد الزبون المناسب، وتحصل على العمولة المناسبة.. وهكذا.. حتى تجد الزبون التالى!!! شوهنا فكرة الاجتهاد فى كل المجالات.. فالسمسار الآن يحتاج أن يكون متعلما ودارسا ولديه مجموعة من المهارات تحتاج جهدا لتطويرها.. وجهدا حقيقيا لمساعدة الناس!
المجهود والتسلسل المنطقى والكفاح ومرادفات كثيرة تشبهها.. لم تعد مغرية لكثيرين.. بل لم تعد نموذجا قابلا للتكرار.. فتجد هؤلاء المكافحين يشقون طريقهم بصعوبة بينما تتناثر حولهم الصفقات الغريبة والمشبوهة فى كل المجالات.. لا مكان للمثالية فى عالم فقد المنطق! بل والأقسى.. إن صفقات الأبواب الخلفية فى كل المجالات ضيقت الفرص على من رفضوا تلك الطريقة وتمسكوا بالمسارات الشرعية للأمور..
حدثنى عن شعور طالب الماجيستير والدكتوراه الذى اجتهد سنين لينالها فى مجال ما.. ثم يأتى شخص من آخر الصف ويشترى شهادة (مضروبة) من إحدى الجامعات يحصل بموجبها على كل الامتيازات الأدبية وأحيانا العملية! طالما دفعت العمولة!
حدثنى عن كاتب موهوب يحترم قراءه ويقتل ألف فكرة جميلة ليستبقى الأجمل احتراما لمن يقرأ سطوره.. بجواره آخر يستكتب غيره ويستأجر رأيا يضع اسمه عليه.. عار وخيانة للكلمة يقبلها هذان الطرفان برضا.. طالما دفعت العمولة!
حدثنى عن أى اجتهاد فى أى مجال.. أسوق لك ألف مثال عن كيف أفسدته السمسرة!! والتصعيد غير المنطقى المبنى على اعتبارات العمولة والسمسرة والبحث عن نصيب ومنفعة سريعة وسهلة.. إنها طريقة الجهل لخلق مجتمعات غير منتجة.. وغير قادرة على الفرز المنطقى...
وكيف هربت أبوابه الخلفية كل فرص الصعود المنطقى والنجاح المبنى على أساس وإنجاز حقيقى.. فلم يعد إلا باب ضيق جدا يمر منه الأكفاء بكثير من العناء...
مع الاحترام للسمسرة وللتجارة ولكل المهن الشريفة المحترمة.. لكن هناك قطاعات وتحديات فى الحياة.. لا مجال فيها للعمولات والسمسرة...
جملة شهيرة على لسان (سليم البدرى) فى رائعة العظيم أسامة أنور عكاشة.. حين كان ابنه على البدرى مفتخرا بنجاحاته وتضخم ثروته من التجارة فى عصر الانفتاح.. فجاوبه سليم البدرى بأداء الرائع يحيى الفخرانى قائلا.. «الصناعة ياعلى!!» إحنا رجال صناعة..!!!
وأكرر لنفسى ولزملائى ولبلدى نفس السؤال.. (الصناعة ياعلى!!!) ماذا نصنع والأهم (من) نصنع.. الكوادر التى تظهر على الساحة فى كل المجالات لتبدو وكأنها تقدم شيئا.. بينما الأمر فى النهاية كله.. ضجيج.. بلا طحن!! هى صناعتنا على مدى سنين..
لهذا أرجوكم لاتتعجبوا وأنتم تتابعون فراغ المجال العام من الكفاءات الحقيقية.. ولا تصطنعون المفاجأة!! فالمجال العام هو صناعتنا.. وصناعة ثقافتنا التى ردت إلينا...
قضينا عقودا فى تصعيد المزيفين من الأبواب الخلفية..
فلما احتجنا الحقيقيين.. لم نجهدهم!
نقلا عن المصرى اليوم