الأقباط متحدون - السلفيون: نعم للدعاية.. ولا للتصويت
  • ٠٥:٢٢
  • الثلاثاء , ٣٠ يناير ٢٠١٨
English version

السلفيون: نعم للدعاية.. ولا للتصويت

مقالات مختارة | عادل نعمان

٥٨: ١١ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٣٠ يناير ٢٠١٨

عادل نعمان
عادل نعمان

يُشهد لهم أنهم بارعون في إمساك العصا من المنتصف، يميلون مع المائلة يمينا، إذا مالت إلى اليمين، ويميلون شمالا، إذا مالت المائلة إلى الشمال، المهم ألا يتركوها تفلت من أيديهم، مالوا مع الرئيس الأسبق مبارك كل الميل، ولم نسمع لهم يوما حسا ولا خبرا، تحت دعاوى عدم جواز الخروج على الحاكم، إلا إذا كفر كفرا بواحا، ومبارك لم يكفر كفرا بواحا أو كفرا مكتوما، فكان له الحكم والسياسة، ولهم الشارع يصنعون ما شاءت لهم الوهابية أن تصنعه مع الناس، وكان لهم ما أرادوا وأكثر.

فلما ذهب مبارك، وولى عهده، مالوا عليه في يومه الأخير، تحت دعاوى حق الخروج على الحاكم الظالم، فإذا أمروه، ونهوه، فمن قتل فهو أعظم الشهداء بجوار حمزة أعظمهم، وكان لهم نصف العصا، بل يزيد، ووجدنا شوارعنا في ليلة وضحاها، وهابية فكرا ولباسا ومنهجا وأسلوب حياة، وشعرنا فجأة أننا في بلد لا نعرفه، ولم يكن لنا به عهد أو أوان، فانتشر النقاب على أدمغة النساء، وكأنك لا ترى غيره، وطغت اللحى على ذقون الرجال، فتتلفت يمينا أو يسارا فلا ترى سواهم، وكأن الأرض قد انشقت عنهم، فخرجوا علينا كالجراد، وملأوا شوارعنا، وطفح بهم الكيل والميزان.

وحتى لا نذهب بعيدا، فهم يجهزون عدة النصب من الآن، وهى نفس العدة التي استخدموها في الانتخابات الرئاسية الماضية وشعارها (نعم للدعاية ولا للتصويت)، سيعقدون المؤتمرات الشعبية لحث المواطنين على المشاركة، ويشكلون اللجان النسائية من سيدات الدعوة السلفية للمرور على السيدات في بيوتهن لتشجيع النساء على الإدلاء بأصواتهن، وتعليق اللافتات المؤيدة للسيد الرئيس بطول البلاد وعرضها، وتفيض المواقع الإلكترونية السلفية بكلمات الود والتأييد للسيد الرئيس حتى إنها تطفح على المواقع الأخرى كالسيل المنهمر، فتفيض على الناس، وتطفح، ويشيدون بالمشاعر الوطنية للسلفيين التى تعج بها مسيرات التأييد المطلق والشعارات الرنانة التى تصدح بها ألسنتهم، والابتسامات المشرقة والمفتوحة على آخرها مرورا بلحاهم الكثيفة، فتخرج ناعمة ملساء، يعقب كل هذه الأفراح والعرس الانتخابى صورٌ تذكارية للقيادات السلفية فى الصباح الباكر، وتواجدها المكثف أمام اللجان الانتخابية بابتسامتها الصافية الرائقة الجميلة الودودة للتصوير وبثها عبر المواقع والقنوات الفضائية، وبعد ذلك بدقيقة يختفى هذا الموكب العامر، وتتوارى هذه الوجوه خلف براعة فتوى المعاريض الثابتة والمندوحة والكاذبة، ولا يمنع الأمر من مرور بعضهم أثناء النهار أمام اللجان الانتخابية لزوم الشيء، وتختفى القواعد السلفية من المشهد تماما، إلا من ذهب منهم فإنه يبطل صوته عمدا.

حزب النور يهل علينا ببيانه المعاد والمكرر فى مؤتمر صحفى، ويعلن- تطبيقا لمبدأ الشورى، حيث استطلع آراء هيئات الحزب وقواعده المختلفة- أن الرئيس السيسي هو أقدر من يقوم بهذه المهام الجسيمة، وتحقيق التعاون بين جميع مؤسسات الدولة، القوات المسلحة والشرطة والبرلمان، بما يحقق الاستقرار، وهذا كذب بواح، ومعاريض بالثلث.

فلو سألت سلفيا عن هذه الأجهزة، لرد عليك دون تردد: إنها أجهزة حكم كافرة والانتخابات بدعة غربية كافرة، وإن اختيار الحاكم شورى وحق لأصحاب الحل والعقد.

ولقد حث البيان الشعب على المشاركة فى الانتخابات الرئاسية والتصويت بكثافة، ولا أجد ردا على هذا سوى أن التصويت سيكون بكثافة ينقصه حضوركم وحضور إخوانكم من الجماعة السلفية، ولنا فى هذا أيام لن نرى فيها لِحاكُم إلا قليلا.

أما ما جاء به البيان عن التحديات والمخاطر التى تواجه البلاد، والتى تدعوهم إلى إعادة انتخاب الرئيس، فقد خلت تماما من لفظ الإرهاب الذى نواجهه ويحصد أرواح المصريين، ليس إلا أن هذا الجهاد مشروع لديهم، يباركونه ويؤيدونه ويشرعنونه.

وأخيرا جددوا دعواهم ومناشدتهم الدائمة للدولة والنظام بمراجعة القوانين لتتفق مع الشريعة الإسلامية، وهذا واجب شرعي على الرئيس والأزهر، وأقول لهم: هل لديكم مثال واحد لدولة طبقت هذا، ونجحت؟! وعموما فكل الأحكام في مصر مستمدة من أحكام الشريعة، عدا

الحدود التي لم تعد تصلح لهذا الزمان، وهذا المكان، لأسباب سأوردها في مقال قادم .

أما عن تجديد الخطاب الدينى، فقد طالب حزب النور بتحديد مفهوم التجديد حتى لا يستغله المستشرقون الجدد فى هدم ثوابت الدين، وأقول لك إن للدين ربا يحميه، ولو كانت حماية الدين بيد أصحابه لهدمته من أول يوم.

هذه هى السلفية المصرية تؤتمر بأوامر الوهابية، وتمسك معها ذات العصا من منتصفها، تؤيد الرئيس، وترفع شعارات التأييد، هذا نصف الوهابية مدفوع الأجر، ويختفى، ولا يشارك فى الانتخابات، بل يبطل أصواته، وهذا نصفها الآخر أيضا مدفوع الأجر والثواب.
نقلا عن مصراوى

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع