الأقباط متحدون - تجريم الإلحاد مخالف للدستور
  • ١٠:٤٢
  • الاربعاء , ٣١ يناير ٢٠١٨
English version

تجريم الإلحاد مخالف للدستور

هاني صبري لبيب

مساحة رأي

٠٤: ١٢ م +02:00 EET

الاربعاء ٣١ يناير ٢٠١٨

مجلس النواب
مجلس النواب

 هاني صبري لبيب - المحامي 

 
يناقش مجلس النواب داخل اللجنة الدينية مشروع قانون يجرم "الإلحاد" ؛ ويزعمون لتبرير ذلك أن الإلحاد انتشر بشكل ملحوظ وعلي الدولة أن تكثف جهودها لمواجهة تفشي هذا الأمر بضرورة معاملة ظاهرة الإلحاد كجريمة ازدراء الأديان علي حد قولهم . 
 
وفِي نفس السياق إيضاً أكد وكيل الأزهر الشريف الدكتور عباس شومان انتشار ظاهرة الإلحاد وأن الأزهر يؤيد بشدة خروج مثل هذا القانون، 
وحيث أن سعي بعض اعضاء مجلس النواب لتجريم "الإلحاد" لجعله جريمة يعاقب عليها القانون ، هو فِي تقديري أمر مخالف للدستور المصري ، كذا مخالف لكافة المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية لما في ذلك من تقييد للحقوق والحريات ، وتعتبر الحرية الدينية من أحد أهم حقوق الإنسان الأساسية. 
 
ونري أن من أسباب انتشار ظاهرة الإلحاد تنامي الخطاب الديني المتشدد الذي تصدره بعض التيارات الدينية المتطرفة ، لذلك يجب تجديد الخطاب الديني كما دعا إليه رئيس الجمهورية ، وأن تقوم المؤسسات الدينية بدورها لتعليم صحيح الدين لمواجهة الإلحاد، والحد من انتشاره داخل المجتمع ، ويجب أن يبحث مجلس النواب عن آليات فعالة لمواجهة تلك الظاهرة وتفعيل الدور الرقابي للبرلمان علي تلك المؤسسات للقيام بالدور المنوط بها والتي تنفق المليارات من ميزانية الدولة ، وليس إصدار تشريع مخالف للدستور . 
 
فلقد نص الدستور المصري في المادة ٦٤ منه علي أن حرية الاعتقاد مطلقة .... " وقد نصت كافة الدساتير المصرية المتعاقبة علي مبدأ حرية العقيدة ، فلكل إنسان أن يُؤْمِن بما يشاء من الأديان والعقائد التي تطمئن إليها ضميره وتسكن إليها نفسه ولا سبيل لأي سلطة عليه فيما يدين به في قرارة نفسه وأعماق وجدانه ، بالتالي يجب علي الدولة أن تحمي وتكفل لمواطنيها الحرية المطلقة في حرية العقيدة والدين وفقاً للدستور ، وأن الدولة لا تقيم نفسها حكماً علي صحة العقيدة أو فسادها ولكنها تنظر إليها في إطار مدي اتفاقها أو اختلافها مع النظام العام والآداب والاخلاق . 
 
ونظراً لأهمية حرية العقيدة تدخل قانون العقوبات ليضفي حمايته علي هذا الحق وذلك من خلال نص المادتين ١٦٠ ، ١٦١ عقوبات والتي جرمت الأفعال الماسة بالعقيدة وممارستها. 
 
كما تنص المادة ٩٣ من الدستور المصري علي أن " تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر وتصبح لها قوة القانون ...." 
 
والحق في حرية العقيدة حق مطلق وهي من المبادئ المستقرة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكافة المواثيق الدولية وتعطي الإنسان الحق في أن يعتنق ما يشاء لا قيد عليه نهائياً لكونه أمراً معنوياً ينحصر عنه سلطان الدولة ولا يمكن للدولة تقييدها بأي قيد .، وبإعتبار أن مصر وقعت علي هذه الاتفاقيات والمعاهدات فهي جزء من القانون المصري عملاً بإحكام الدستور ، واتفاقيات فيينا لقانون المعاهدات لعام ١٩٦٩. 
 
وحيث تنص الفقرة الثانية من المادة ١٨من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية " لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره " . 
 
والذي يؤكد ذلك إيضاً نص الفقرة الثانية من المادة الأولي من إعلان القضاء علي جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين علي الدين أو المعتقد لسنة ١٩٨١ وتنص علي " لا يجور تعريض أحد لقسر يُحد من حريته في أن يكون له دين أو معتقد من اختياره " 
 
لذلك نطالب مجلس النواب الموقر رفض مناقشة مشروع قانون الإلحاد . وإذا صدر مثل هذا المشروع فهو مشوب بعدم الدستورية بما يجعله والعدم سواء باعتبار أن الدستور القانون الاسمي والاعلي صاحب الصدارة في التدرج التشريعي. ونثق أن مجلس النواب اكثر حرصاً من الجميع علي احترام الدستور. 
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع