الأقباط متحدون - المسيحية بين الباثوس الدينى والأباثيا اللاهوتية
  • ١٤:١٢
  • الخميس , ١ فبراير ٢٠١٨
English version

المسيحية بين الباثوس الدينى والأباثيا اللاهوتية

البروتوبرسفيتيروس أثناسيوس حنين

مساحة رأي

٥٨: ٠٩ ص +02:00 EET

الخميس ١ فبراير ٢٠١٨

¨Ο Χριστιανισμός μεταξύ τού θρησκευτικού πάθους καί της θεολογικής απαθείας
بقلم: الأب أثناسيوس حنين
خذى رأيى وحسبك ذاك منى ...على ما فى من عوج وأمت
وماذا يبتغى الجلساء عندى ...أرادوا منطقى وأردت صمتى
ويوجد بيننا أمد قصى .....فأموا سمتهم وأممت سمتى
أبو العلاء
كلمتان ونهجان وطريقان وسبيلان ’ نجحا فى تشكيل تاريخ البشرية ومنهجة وقولبة وشرعنة حياة الانسان ’ صار تاريخ البشرية هو تاريخ الحوار الديالكتيكى الدائم بين الباثوس الدينى (التطرف ) والأباثيا اللاهوتية (الموضوعية ). لكنهما ليستا كلمتان يتيمتان ’ بل يحملن تراث وتاريخ وهموم بنى أدم . فمنذ أن رفض أدم أن يقبل الخليقة ’ من يد الله ’ بشكر (أفخارستيى ) وفرح وحب ’ لا باثوس (وجع وعيب ونقص وغضن ) فيها ’ ويظللها الأباثية واللاهوى الأتى من وجه الأب ’ تحول من شخص شاخص فى وجه الحبيب والخالق والخليقة الجميلة جدا (تك 1 ’ 18 ’ 25 ’ 31 ) ’ تحول ’ بارادته ’ الى فرد منكفئ على ذاته وخائف وهارب ’ ليس من رؤية وجه الحبيب فقط ’ بل خاف وأختبأ’ بمجرد ’ أن سمع خطوات أقدام الرب وهو يتمشى فى الفردوس يبحث عنه ’حسب رواية كتاب بدايات الخليقة (تك 1 ’8 ). وهنا تحول الحب واللاهوى واللا وجع الأتى من الحضور اللاهوتى (الاباثيا) الى باثوس (وجع وهروب وخوف وتمزق ) . ظهر هذا كله فى القاء مسئولية دخول الهوى والوجع الى جنس البشر ’ على الأناء الضعيف (المرأة !) . صار للوجع والباثوس وجه قبيح وهو الكسل العقلى والأكتأب و الهروب من المسؤلية والقاء اللوم على الأخر بكل ما يحمل زمان الأخر الردئ . لم يتوقف الباثوس الأدمى ’ وبالتالى الانسانى ’ عند حد القاء اللوم على الأخر ! بل القى اللوم على الله نفسه (المرأة التى أعطيتنى ! ) . الله لم يلعن أحد ولا يلعن أحد ولن يلعن أحد ’ الباثوس الأدمى ’ وكل أوجاع أدم وكل بنى أدم ’ جلبت وتجلب وستجلب اللعنة على الارض ’ هى نوع من البروجيشكن النفسانى ’ الاسقاطات ! العطب ’ حصروها أخلاقيا ’ بعد ذلك ’ فى كلمة الخطيئة (راجع كوستى بندلى ’ الله والشر والمصير ’ منشورات النور 1993 )! ولكن المأساة ’ مأساة الانسان ’ أكبر من الحجم الاخلاقى لذى انحشر فيه هذا التعبير !
 
الا أذا قررنا أن نتخلص من الوجع اللغوى وسوء التفسير وتغريب الكلمات عن أصولها ’ وقبلنا أن أصل معنى الهامارتيا هو (فقدان البوصلة والهدف ) أى الخروج من طريق الرؤية والأباثيا والدخول فى أنفاق الباثوس وجحور الخطية والضياع .. أدى الوجع الى الانفصال عن الله ’ والأنفصال عن الأخرين ’ وتحولت حواء من لحم من لحمه وعظيم من عظمه الى لعنة ! ’ والانفصال عن عن التواصل والشركة ’ وعن الثيا كينونيا ’ دخل أدم ’ بملء حريته ’ فى جحيم الانفصال ’ وصار الأخر له هو الجحيم .دخل أدم ’ وأدخل معه البشرية ’ فى وجع أن يخلص نفسه (ينفذ بجلده ! ) على حساب الأخرين . وهنا وحسب القديس سمعان اللاهوتى الجديد ’ تمردت الطبيعة برمتها ضد أدم وأمرأته ’ توحشت الكائنات الحية وغضبت الطبيعة وذبل الجمال وطغى الهوى وتنطع الانسان ’ والتى سبق وأعطاها هويتها . صار الهوى والأهواء هى النشيد القومى الجديد للبشرية ’ حتى أن القديس اسحق السورى خصص بابا من (نسكياته ) للحديث عن ( الأهواء ) منشورات النور 1983 ص 197 . وبدأ تاريخ البشرية الطويل يكتب تاريخ العدواة بين الانسان والكون والانسان والكائنات والانسان والتاريخ والانسان والله ’ والأهم ’ صار تاريخ البشر هو تاريخ عداوة الانسان لنفسه وصراعه بين شوق الى حياة بلا وجع بلا هوى ’ ممهورة بتوقيع الله ’ فقدها بتهوره ’ وواقع موجوع ! ووبدأ رحلة تمزق بين اشواق الفردوس الاول االفقود (حسب ميليتون ) وحياة اللا ووجع وبين واقع كله أوجاع فى أرض الأوجاع ووادى الدموع . كيف لا وجيل بأكمله قد تم الحبل به بالوجع (بالوجع تلدين أولادا ) تك 3 ’15 ! كان لابد من سبيل ومن ’ شكمان ’ بلغة الميكانيكية ’ يطلق الانسان فيه طاقات وغبار ودخان الصراع ! ويفضض عن نفسه ’ والا لأحترقت مركبة الا رض بأكملها ! وبمن عليها ! لابد من قانون وشريعة تنظم العلاقة بين الباثوس الواقع والاباثيا المرجوة ! لابد من فرعون ’ نهرب به من وجه الرب ’ نعبده ونسكب تحت أقدامه الدموع ونندب أمام أبوابه حظنا فى ترانيم جنائزية لا تشفى من وجع دينى ولا تغنى من عوز فكرى ولا تشبع من جوع كيانى ! لأن أشواق الانسان هى فوق كل الأديان ! أشواق الانسان لا يشبعها الا خالق الانسان نفسه بلا وسيط دينى ولا سليط فكرى ولا لقيط ثقافى ’ الدين أذا أخلص والفكر أذا سجد والثقافة اذا تأنست ’ صارت كلها أدوية مرة حينا وحلوة حينا ’ مؤدية الى الخلاص وتستحق أن تعد ’ فى داخل كل انسان ’ طريق الرب مع يوحنا السابق .وهنا ظهرت الأديان فى مصر القديمة واليونان وفينيقية وبلاد فارس وجزيرة العرب (راجع أوليفييه روا ’ الجهل المقدس ’ زمن دين بلا ثقافة ’ ترجمة صالح الأشقر ’دار الساقى –بيروت 2012 )’ كمخارج يطلق فيها الانسان العنان لطاقاته ’ والا لعاش فى الجحيم الابدى ! ولتحولت مقولة اليكسى كارليل من (الانسان ذلك المجهول) الى (الانسان ذلك الجحيم) ! ’ وصارت الأديان وسائط تقنين وتشريع لجريمة قايبن فى قتل أخيه أى قتل ربع البشرية كما يقولون فى مدارس الاحد للاطفال ! صارت الأديان صرخة مكررة ومملة للصرخة القديمة ! (أحارس أنا لأخى )تك 4 ’ 9 . وان ’ فتح الله علي الانسان ’ وأهتم بأخيه الانسان فلابد من أن (ينصره سواء أكان ظالما أو مظلوما) فى أسواء طائفية وأنعزالية وبداوة عرفها التاريخ . لقد عبر بولس ’ العابر’ من أوجاع الشريعة الى نور النعمة ’ أحسن تعبير عن هذه الحالة حينما صرخ (ويحى أنا الانسان الشقى من ينقذنى من جسد هذا الموت )رومية 7 ’ 24 ! كلما أريد أن أصنع الخير (أعيش بلا وجع ) لست أجد (الوجع –الشر -الخطيئة) الذى فى يسبينى الى ناموس الهوى والاوجاع والخطية ! رومية 7 ’15 ’ 25 . اذا حدث و كنت عميدا لكلية الفلسفة والصحة نفسية وعلم النفس ’ لقررت تدريس الاصحاح السابع من الرسالة الى أهل روما على جميع الصفوف ! .
 
لقد نجح بولس فى تحويل الباثوس الدينى بكل توابعه الى أباثيا لاهوتية ! أن النجاح فى تحويل أوجاع الديانة اليهودية العتيقة الى رؤية لاهوتية جديدة بلا أوجاع نفسية أو اسقاطات فكرية ’ لهو انجاز مسيحى كبير ولاهوتى عظيم ! كان لابد من سبيل يطلق الانسان فيه طاقات الصراع ! ويفضض عن نفسه !!! وبالرغم من فرادة الديانة العبرانية فى تدبير تاريخ الخلاص ومسيرة الايكونوميا ’ الا أنها فشلت فى حل الصراع وشفاء الانفصام ’ هى نجحت فى شئ واحد ’ حسب بولس ’ نجحت فى أن تشخص الكارثة وتظهرها (لم أعرف الخطيئة الا بالشريعة ) رومية 7 ’ 7 . ويظهر هذا من صرخة شاؤول اليهودى فى رسالته الى سكان العاصمة الامبراطورية الارستقراطيين دينا ودنيا ! صار دور الشريعة الدينية هو أن تشير الى مكان الوجع ’ ولا تعالج المرض ! ولعل ألعن أنواع العلاج هو اللاعلاج ! تخيل أن يدخل عليك طبيب مشهور ومرموق ليقول لك (عندك سرطان فتاك وما عندناش علاج ! بس ربنا معاك ) ! وتحولت طقوسها وشعائرها وممارساتها ’ من وسيلة للشفاء من الاوجاع ’ الى ينبوع أوجاع فى ذاتها ’ الى(أثقال عسرة الحمل ) ’ لا يمسها من يتشدقون بها من تجار الدين من القادة العميان من رؤساء الكهنة و الكتبة والفريسيين وتلاميذهم ’ عبر التاريخ ’ وأبائهم الغير الروحيون والمشحونون أهواء ورياء وكذب واختطاف ودعارة وهم أبناء قتلة الأنبياء والمفكرين واللاهوتيين والمصلحون ’ بس ها يروحوا فين من جهنم الحمرا ! يأكلون أموال الأرامل (هذه ظاهرة امتدت فى التاريخ وترعرت الى يومنا هذا !) ’ قادة الدين أو رجال الدين (ما أقبح هذا التعبير ! حسب قول للمطران جورج خضر ) الذين صاروا أخصائيون فى قتل الصديقين والخدام والعلماء والبسطاء ’ ليس فى حارة نصارى ولا فى زاوية اسلامية ! بل وبلا خجل أو حياء خططوا لجرائمهم الشنعاء (بين الهيكل والمذبح !!!) (متى 23 ’14 ’ 25 ’ 27 ’ 29 ’ 35 يجب قرأة كل الاصحاح ) ! ولهذا خرج علينا ’ حديثا ’ مفكر موجوع ومفقوع من أوجاع وأهواء الديانات ورجال الدين ’ ونادى ’ فى صرخة مدوية ’ أحدثت صداعا لرجال الدين وللمتدينيين والمتدنيين معهم ’ بأن الدين (أفيون الشعوب ! ).الشعوب ليست قاتلة لله ولا ناكرة لوجوده . أنها ضحية ايمانها بألاله القاتل وضحية توحيدها بين عزتها وعزته ’ وبين كرامتها وكرامته ’ وذلك لأن التافهون من قادتهم ولدوا لهم تاريخا انطفأ الروح فيه وغابت عنه الرؤية . الرؤية هى أن نحب حتى نقلب التاريخ ’ لأننا لا نرتهن لقباحات الزمان ! .(المطران خضر ’ الرجاء فى زمن الحرب ’ دار النهار للنشر ’1987
لهذا فشلت أديان العالم القديم ووصايا الشريعة ’ فى شفاء الانسان ’هذا اذا قبلنا أن الخلاص فى المسحية هو عملية شفاء شاملة فى مصحة الأب السماوى على يد الجراح والطبيب العالمى الوحيد والفريد يسوع المسيح وفى روح الحب والشركة والعلم والنور والمهنية ’ الطبيب الوحيد الذى علم ويعلم ما كان ويكون وسوف يكون فى الانسان من أوجاع وأهواء وأشواق (يوحنا 2 ’ 25 )! لم ينجح أى تدخل خارجى ’ كما لن ينجح أبدا ’ فى حل مأساة الانسان الداخلية ! وأنقاذه من هذا الانفصام المأساوى بين الأشواق والواقع ’ بين الصورة والمثال ’ بين الهوى واللاهوى ’ بين الوجع والشفاء ’ بين العجل المسن فى بيت الأب (اللاهوت وعز اللاهوت ) ووشهوة الأكل من خرنوب الخنازيرفى كورة التدين البعيدة ) (لوقا 15 ’ 16 ) . كان لابد ’ ولو بعد صبر طويل ’ من أدم جديد ’ اللوغوس ’ أبن الله ’ يسوع المتجسد والذى أصلح بين الوجع واللا وجع فى شخصه .وهنا تكمن كل سرائرية شخصية المسيح ’ هنا ربما يمكن أن يكون اللاهوتيون المدرسيون فى العصور الوسطى ومن سار على نهجهم ’ يكونوا صادقون حينما علموا بحتمية الفداء !!! لحل مأساة الانسان الوجودية ! (بضرورة ظهور أدم الجديد ). كان لابد أن نلبس الله المائت فى جسده بجسدنا لكى ما نحيا فى الروح حسب تعبير القديس أغريغورويس الثيؤلوغوس.تأنس أبن الله الوحيد هو الذى صنع المصالحة وشفى فى جسده الخاص أوجاع أدم الأول ’ ووهبه حياة اللاهوى اللاهوت والقدرة على التلهوت ’ حياة اللاوجع ’ حياة الشركة فى حياة الله من خلال ذبيحة الابن الوحيد فى الروح والحق .جاء أدم الجديد ليقدم نفسه كعلاج شاف لأنانية أدم ’ لم يبرر ’ أدم الجديد ’ نفسه أو يرضى نفسه أو يصنع مشيئة نفسه (ديانة جديدة ولو حتى صارت أفضل الديانات ! ) بل جاء ليصنع مشيئة الذى أرسله ويتمم عمله (يوحنا 4 ’34 ) لقد عاش السيد الباثوس الدينى وعانى من نتائجه فى جسده أى جسدنا على الخشبة ’ لا يفل الوجع الا الوجع ! يسوع ’ أدم الثانى ’ شارك أدم الأول ’ فى كل شئ ما خلا أنانيته وتدينه المزيف وأنكفائه على نفسه وتبريره لها وعراه وصتعه أقمصة دينية من جلد ليغطى عريه الحضارى والثقافى واللاهوتى والانسانى ’ يعنى ما خلا الخطية !’ بكى معه وضحك معه وأكل وشرب معه وصلى معه وعانى من ظلم رجال الدين معه ’ أكتئب معه ’ خاف من الموت معه (عبرانيين2 ’ 15 -17 و 5 ’ 7 )’ وترجى رحمة الله الأب فى ناسوته من أجل كل انسان وفى نفس الوقت كان فيه ملئ اللاهوت جسديا (كولوسى 2 ’ 9 )’ بلا انفصام نسطورى فى شخصيته ولا خلط ومزج للادوار أوطاخى ! صار المسيح الواحد ’ فى ناسوته الموجوع لاجلنا وفى لاهوته الذى بلا أوجاع من أجلنا أيضا ’ مطرح المصالحة وتحقيق انسانية الانسان وأعادة الوئام والجمال الى الخليقة الجديدة ’ لتعود الخليقة كلها الى جمالها الاول .صارت أوجاع الديانات وأثارها المدمرة هى وسائط خلاص فى يد طبيب نفوسنا وأجسادنا الماهر .لهذا كله لا يمكن أن ترصف المسيحية كدين من بين أديان الأرض ’ الدين الذى لا يقدم علاجا شافيا لاوجاع البشرية ’ بل يقدم وصفات لاعمال ميته وذبائح لم ينتفع بها الذين عبدوها وقدموها وتاجروا بها وأكلوا (بقلاوة ) وركبوا أشباح وخنازير من وارئها ’ رجال الدين ’ البعيدون كل البعد عن أن يكونوا ذو سيرة حسنة ’الأخصائيون فى تعليم الناس تعاليم متنوعة وغريبة والتى هى أطعمة لم ينتفع بها الذين تعاطوها (عبرانيين 13 ’ 7 -17 )!!! هذا هو ما يسميه الأباء المتألهى العقول والذين أقتنوا بالروح نعمة حياة اللاهوى ’ أى الموضوعية بلغة اليوم ’ بالعبارة الأثناسيوسية الشهيرة (صار الله أنسانا (تحت الاوجاع مثلنا )لكى ما يتأله الانسان(أى ليدخل الى حياة القداسة والتأله واللاوجع ) ! وبمعنى أخر لكى ما يصير انسانا صحيحا وكاملا .أى أن يأتى الله الأب والأبن بنعمة الروح القدس ويصنعوا لهم منزلا فى داخل كل مؤمن بالحياة الجديدة .(يوحنا 14 ’ 23 ).صار لنا نحن المؤمنون وللكنيسة جسد الكلمة ’ بكل غناها العقائدى و الروحى والسرائرى واللاهوتى والتاريخى والكرازى ’ ومن خلالها صار لكل الخليقة ولكل التاريخ ’ مركزا ومرجعية ’ وخميرة جديدة ومسكنا ودخولا الى النعمة التى نحن فيها ’ من الأن وهنا ’ مقيمون حسب اللاهوتى بولس ’ صرنا يحق لنا أن نكون مسيحيون مستقيموا الرأى وثابتوا الهمة وعاقدوا العزم ’ويحق لنا أن نفتخر لا ببشر ولا برموز يتفشخرون و يموتون ولا بصيت ردئ او صيت حسن ’ بل نفتخر على رجاء مجد (ذوكسا) الله . (رومية 5 ’ 1 -2 ) . لأن النبوات الدينية ستبطل والألسنة الطويلة سيتم قصها وستنتهى (1كورنثوس 13 ’ 1 -10)’ هذا كله معناه أن المسيحية هى شخص المسيح الذى يجمع فيه كل شئ (الاناكيفاليوسيس ) حسب الأباء . مسيحية المسيح !
لا ترفض أحد ولا تزدرى بتاريخ أحد ولا تقزم تراث أحد ولا تعادى ثقافة أحد ولا تحرم كل جميل ونافع وخلاق وبلا أوجاع أيا كانت ركائبه .
مسيحية المسيح
لم تأتى لتنقض ثقافة أو تحطم حضارة ’ أو تلغى شريعة ’ بل جأت لتبحث عن بصمات الاسابرماتيكوس لوغوس النائمة تحت ركام فى سفينة الحضارت والتاريخ والثقافات والمختفية تحت ركام الأديان ’ وهنا تأخذ الحوارات مع الأخرين كل ثقلها اللاهوتى وغناها الحضارى وعمقها الثقافى ومش كله عند العرب مسيحية وحوارات وصابون وأديان ومسكونيات مزيفة ومضللة (راجع المطران خضر ’ الحوار بين الأديان ’ ’حديث الاحد ’الدين والاديان منشورات النور 1985 ص 301 -303 .هنا يتحقق الكمال بالمعنى اللاهوتى والانسانى الشامل والكامل للكمال كله’ هذا الكمال لا ننتظره بل لقد صار واقعا فى حياة ذاك الذى قال يوما (قد أكمل ونكس رأسه وأسلم الروح ) يوحنا 19 ’ 30 ’ أكمل عمل الاب بالروح لكى ما يعيد أدم وذريته الى كمالهم ورتبتهم الاولى ’ ونكس رأسه لكى ما يرفع رأس كل انسان ’ حتى يحق لنا أن نكرر الصرخة التى قيلت يوما وبشكلها المناسب للسياق (أرفع رأسك يا أخى فقد مات المسيح عنك وأقامك معه ) ’ وأسلم الروح لكى ما يعيد الينا روح الحياة ’ روح حياته فينا .
مسيحية المسيح ’
ونشدد على التعبير ’ مسيحية المسيح ’ ليست النصوص همها بل الانسان ولذلك فهى تتأنى وترفق ’ تقدس كل شئ ’ وتعيد قرأة كل شئ ’ وتصبر على كل شئ ’ وتفرح بكل شئ ’ لا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا اتظن السوء ’ مسيحية المسيح لا تسقط أبدا (1كورنثوس 13 ’ 3 – 13 ) مسيحية المسيح قادرة بالنعمة على أن تسكن جماح الأهواء بالتوبة النصوحة وتصير بشركة جسد المسيح ودمه ينبوع خيرات ونورا وحياة وأخمادا للأهواء .(كتاب الصلوات اليومية الارثوذكسية ص 82 و93 )! نعم كل شئ ’ يصير فيها وبها ’ طاهرا للطاهرين ’ على أن نفحص كل شئ ’ فيه ’ أى فى موضعية اللوغوس ’ بلا أوجاع التطرف وتطرف الاوجاع ’ ونتمسك بالحسن ’ الذى هو جمال وجه الحبيب ’ وجه يسوعنا ’ الذى يجمل كل شئ باطلالاته الجميلة دوما . لأنه فى المسيح الجميل ’ والأروع جمالا من كل بنى البشر ’ يصير الجمال ’ كل جمال ’ هو خلاص للعالم الجميل جدا . وقتها سيتحول سفر النشيد الى التأئبون والمتألهون العقول ’ منا ’ نعم منا ’ من كتاب يتعثر فيه الجسديون وسليلوا الأهواء وتلاميذ الأوجاع ’ الى أنغام حب وهمسات حب بين النفس العريس والمسيح يسوع العريس ’ ستقوم فى ليل التدين الدامس ومن على فراش الراحة العقلية لكى ما تبحث عن من تحبه ’ عن الحقيقة التى صارت لها فيها خبرة ودمعة وقولة (المطران خضر ’ لو حكيت مسرى الطفولة ’ دار النهار للنشر ’ 1979 ’ ص 10 ) ’! ستتجول وتطوف المدينة المدعوة لكى ما تصير بالنعمة والكلمة والدمعة ’ المدينة الفاضلة ’ ستتجول فى أسواق الخرنوب ودكاكين الفتاوى ’ وحانات الفكر اللاهوتى الديليفرى و المضروب صناعة الصين الشعبية تحت السلالم وفى الحوارى على يد الواد بلية الميكانيكى المزيف وشلته من الحشاشين وأرباب السوابق ! ستطلب ’ فقط ’ من تحبه نفسها ! ستسأل’ على مضض ’ الحراس اللى هم حاميها حراميها ! أرأيتم من تحبه نفسى !!! ما عبروهاش ! مش فاضيين ! عندهم شغل أهم من حماية العشاق لله وأصحاب الاقلام والباحثين الشرفاء ! ولكن وبعد صراع وتساؤلات وبحث وتعب واصرار ! وجدت من تحبه نفسها ! وهنا صار البرهان يتطلب قرار ! قررت أن تمسكه ولا ترخيه ’ وما قعدتش معاه فى الشارع ولا فى صالة مكيفة ’ بل أدخلته الى الكنيسة ’ بيت أمها وحجرة المعمودية التى حبلت بهم وولدتهم فى الحياة الجديدة فى كنيسة الله عمود الحق وقاعدته (نشيد الانشاد 3 ’ 1-4 و1تيموثأوس 3 ’ 15 ).
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع