الأقباط متحدون - رسالة الى المصريين من فوق منبر كل الأقباط المصريون متحدون
  • ١٩:٥٩
  • السبت , ١٧ فبراير ٢٠١٨
English version

رسالة الى المصريين من فوق منبر كل الأقباط "المصريون متحدون"

البروتوبرسفيتيروس أثناسيوس حنين

مساحة رأي

٤٢: ١١ ص +02:00 EET

السبت ١٧ فبراير ٢٠١٨

صوره_أرشيفية
صوره_أرشيفية

  أعداد الأب الدكتور أثناسيوس حنين
شعب تمادى عليه الدهر مرتجلا ..... والدهر مهزلة أربابها القدر صلب ’ جليد ’ له فى صبره نعم .....قد علم الكون أن الصخر ينتصر لا أظن أنه يوجد مصرى ’ اليوم ’ على ظهر البسيطة ’ لا يفكر فى مصر ’ ولا يهجس فى مستقبلها ’ ولا يتـأمل حاضرها ’ ولا يفكر فى ماضيها . وحدث وبينما ’ أهجس فى المحروسة ’ وبوادر الأكتائب ’ اكتئاب من أنعمت عليه الحياة بنعمة التفكير ’ ومن لا يحمل بين ضلوعه ’ وفى جيوبه ’ الا قلمه ! ’ تحوم حول أم رأسى ’وتمسك بتلابيب نفسى ’ وتكاد أن تفجر رأسى ’ ووأنا أفكر فى شعبها الطيب الأعراق ’ وأتجول بين أصدقائى ’ الباقون أبدا أصدقاء ’ أى بين كتبى وأوراقى وقرطاسى ومقلمتى ’ سرعان أن وقعت على ’ أو أوقعته الأيام والعبرات والنظرات على ! كتاب "النظرات " للاستاذ مصطفى لطفى المنفلوطى (ولد عام 1876 فى اسيوط وتوفاه الله فى 1942 )’ وأسرتنى وهزتنى كلمات له ’ هادئة ’ عن العاصفة ’ الأتية ’! ورأيت فيها نفسى ونفس كل مصرى ’ صادق ’ صدوق !

ولما كنت قد أليت على نفسى ’ألا أقدر أن أقرأ وحدى ’ فقد رأيت أن أهديها الى الموقع المتميز ’ موقع كل المصريين ’ ومنبر كل الصادقين ’ وصوت من لا صوت لهم ! منبر (الأقباط المتحدون ) ’ وبشكل خاص الى الصديق المهندس عزت بولس ’مهندس الموقع ’ والذى ’ أرى فيه ’ أمتدادا لأصوات كثيرة ’ دوت ’ فى برية مصر ’ وقد قال لنا كتابنا ’ يوما قولا خالدا ’ بأن كلمة الحق لا تعود أبدا ’ الى من أرسلها ’ فارغة ’ جوفاء ’ بل تنجح فيما أرسلت أليه ’ وفيمن أرسلت أليهم ’ وفى من أرسلت بواسطتهم . .القضية المصرية (من مايو 1921 الى مارس 1922 ) أن قلبى يرتعد خوفا وفرقا ’ أسمع قعقعة فى جوف السماء فهل هى نذير العاصفة التى يريد الله أن يرسلها علينا ؟ أرى الوجوه شاحبة والعيون حائرة والحياة عابسة فهل شعر الناس بويل مقبل انقبضت له صدورهم وأقشعرت له جلودهم ؟ ما هذا المنظر المخيف ؟ ما هذه الضوضاء المرتفعة بالمجادلات والمناقشات فى المجتمعات العامة والخاصة ؟ ومن هم هؤلاء الذين يتصارعون ويتجاذبون ويبغى بعضهم على بعض ؟

إن كانوا مصريين فويل لمصر وأهلها ومستقبل الحياة فيما بعد اليوم ’ كذلك كان شأن الأمم فى أدوار سقوطها واضمحلالها وفى ساعة وقوفها على حافة الهوة العميقة . لقد ظننت فى ساعة من ساعات حياتى أننى قد أمنت على مصر أبد الدهر وكان قلبى يستطير فرحا وسرورا كلما سمعت تلك (الجوقة) الموسيقية الجميلة تتغنى فى أرجائها بنغمة واحدة وتوقع واحد، وكنت أصغى اليها بسرور واغتباط العاشق الولهان الى تغريد الحمائم المترنمة فوق أفنانها ’ ثم ما لبثت أن شعرت أن النغمة قد أختلفت ’ والتوقيع قد اضطرب ’ فذعرت ورفعت رأسى فاذا أنا فى " بيزنطية " واذ الناس جميعا فى كنيسة أيا صوفيا يتناقشون ويتجادلون جدالا شديدا فى مسألة الطبيعة والطبيعتين وأبواب المدنة تقعقع تحت ضربات معاول العدو فلا يسمعون لها صوتا. كنا جميعا وكان الشمل منتظما ’ وكان كل ما يعيزينا عن بؤسنا وشقائنا منظر تلك الوحدة الجميلة التى كنا نشرف على روضتها الزاهرة الغناء من نوافذ سجننا فتهون علينا همومنا وألامنا ’ ولم يكن منظر فى العالم أجمل ولا أبدع من منظر تلك الدموع الرقراقة التى كانت تتلألأ فى عيوننا جميعا لأنها كانت فى الحقيقة دموع السرور والاغتباط باتحادنا واتفاق ووحدة كلمتنا وقوة جامعتنا.

لا تزال العاصفة تدوى وتعصف ’ ولا يزال البناء يضطرب ويهتز ’ فليت شعرى هل يعود الى سكونه واستقراره ؟ أم قدر له السقوط كما قدر لأمثاله من البنى فى عهود التاريخ الغابرة ؟ هذا هو "سعد.... ! وقتها." يمسك البناء بيده أن يتداعى وينهدم ولكنه قد تعب جدا ونال منه الجهد والنصب لأن الحمل ثقيل ولأن الهادمين من خصومه المصريين معتزون بالقوة الخارجية وقوتهم لا تفنى ’ فهل تستطيع الأمة أن تمد يدها اليه وتعينه على عمله الشاق ؟ هناك قوتان هائلتان جدا ’ قوة العدو الخارج مستترة ’ وقوة العدو الداخل ظاهرة ’ وهما تعملان معا بنظام واحد وفكرة واحدة لغرض واحد ’ وهو أن تسلمنا أخراهما لأولاهما ’ فلنتقدم نحوهما بقوة أعظم من قوتهما شأنا وأكبر خطرا وهى قوة العقيدة الراسخة والايمان الثابت والثقة بالنفس والأمل الواسع والثبات على المبدأ نظفربهما ونقض عليهما فلا يبقى لهما عين ولا أثر .

أن الساسة (الانجليز وقتها !) يريدون أن يمزقوا شمل وحدتنا الوطنية التى بذلنا فى سبيلها الئ الكثير من ذات أنفسنا وذات أيدينا ليستثمروا شقائنا وألامنا فهل نسمح لهم بذلك ! لا ’ فقد اصبحت الأمة غير الأمة ’ والعقول غير العقول ’ والأفهام غير الأفهام ’ وليست هذه النهضة التة نهضناها اليوم ترديدا لأصوات القائلين ’ أو تقليدا لحركات الناهضين ’ أو فصلا تمثيليا ’ أو لعبة بهلوانية ’ وانما هى عقيدة راسخة فى النفس رسوخ الايمان فى نفوس المؤمنين ’ فليطلبوا لهم مرتزقا غير هذا المرتزق ’ فى سوق غير هذه السوق ’ فما نتحن بسلع تباع وتشترى ’ ولا بمأدبة عامة يهوى اليها الغادون والرائحون .

أن لم نجاهد يوم جاهدنا من أجلهم ’ بل من أجل وطننا ’ ولم نغنم فى معاركنا التى أدرناها هذه الوحدة الرشبفة لنضعها يوم نظفر بها فى أيديهم يمزقون شملها ويشوهون صورتها ويلعبون بها لعب الصوالج بالأكر . محال أن نسمح لهم بها طائعين مختارين ’ فهى حياتنا وروحنا وأثمن ما تملك أيدينا وخير ما أتسفدنا من جهادنا ’ بل كل ما استفدناه منه ’ وسنذود عنها ذود الأم الرؤؤوم عند واحدها ’ والعذراء الغفيفة عن عرضها ’ وسنبذل فى سبيل استبقائها فى أيدينا فوق ما بذلنا فى سبيل الحصول عليها .

ليس من السهل علينا ولا مما تحتمله أطواقنا أن يتحدث الناس عنا – وقد بدأوا يتحدثون – ان تلك النهضة التى نهضناها انما كانت رواية تمثيلية ’ خلبنا بها عقول المتفرجين ساعة من الزمان ’ حتى اذا نزل الستار عليها ذا الوجوه والصور الصور ’ واذا الداء القديم والمرض العضال . ان الشرق لم يشق بالجهل ولا بالضعف كما يقولون ’ فلطالما عاش الضعفاء أحرحا والجهلاء احرارا مستقلين بفضل اتحادهم وقوة جامعتهم ’ بل لأنه فى كل شعب من شعوبه أقوام أمثال هؤلاء الأقوام الذين أبتلينا بهم فى مصر خبثاء الأغراض والمقاصد موتى العواطف والنمشاعر ’ لا يتألمون الا لأنفسهم ’ ولا يبكون الا على نقص أموالهم وثمراتهم . والشعب المصرى أول شعب شرقى نهض نهضة سياسية فى هذا العصر ثم مشت الشعوب الشرقية بعد ذلك على أثره ’ فيجب أن يكون أول شعب يعرف كيف يمحق الدسيسة الكامنة بين أحشائه لتتعلم منه الشعوب ’ الأخرى كيف تمحق الدسائس الكامنة بين أحشائها فيعود بالفخرين ’ ويلبس التاجين .

أنا لا نريد أن نحارب المنشقين والخارجين ’ فالقوة التى لا قبل لنا بهم من ورائهم تحميهم ’ ولا أن نجادلهم ’ فأن لهم تحت جلدة وجوههم من السماجة والصفاقة كافية لانكار أن الأرض أرض والسماء سماء وأن هنهاك فرقا بين لون الليل ولون النهار ’ بل نريد أن نقى أنفسنا شر دساسئهم ومكائدهم ولا سيبيل الى ذلك الا اذا أعرضنا عنهم وصنا أنظارنا عن رؤية وجوههم ’ وأسماعنا عن سماع أصواتهم ’ كما يتعوذ المتعوذ من الشيطان الرجيم ’ فان فعلنا ذلك فقد انتصرنا انتصارا عظيما لم نوفق الى مثله فى جميع أدوار تاريخنا من عهد "سيزستريس " حتى اليوم ’ والا فما خلق الله فى العالم خلقا أهون على الله وعلى الناس منا .

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع