الأقباط متحدون | مستقبل الأقباط في مصر
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٢:٠٠ | السبت ١٤ مايو ٢٠١١ | ٦ بشنس ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٩٣ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

مستقبل الأقباط في مصر

السبت ١٤ مايو ٢٠١١ - ١٧: ٠٢ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم منير بشاي – لوس أنجلوس

لا أحتاج إلى دليل أن أقباط مصر يواجهون الآن مسلسلاً رهيبًا من العنف كنتيجة لهويتهم الدينية، تكاثرت الاعتداءات التي طالت أشخاصهم وكنائسهم وبيوتهم وأرزاقهم حتى أنها أصبحت تكاد تتكرر يوميًا، والثورة التي كأن يظن أنها ستحل مشاكلهم ضاعفت من هذه المشاكل، ونتيجة لذلك ظهر سؤال ليفرض نفسه: ما هو مستقبل الوجود القبطي في مصر؟.

بديهي أنه لا يستطيع أنسأن أن يعيش في هذا المناخ الذي لا يؤمن فيه على حياته وحياة أبنائه، ولذلك لابد من إيجاد حل لهذا الوضع المأسوي حتى يقف نزيف الدماء، ويجف نهر الدموع ويتوقف ترميل النساء، وتيتيم الأطفال وترويع المواطنين الأبرياء.
ولكي نصل إلى حل عملي لأي مشكلة لابد أن نتعرف على جذورها. والمشكلة التي نحن بصددها لها جذورها الدينية وفي هذا تكمن أسباب المشكلة ووسائل علاجها، وأريد بداية أؤكد أن المشكلة التي نحن بصددها ليست مشكلة جميع الأقباط مع جميع المسلمين، فقد عاش الأقباط مع المسلمين قرونًا طويلة وكانت هناك مشاعر الود والصداقة والجيرة بين الغالبية من الطرفين، واعتقد أن المشاكل تتعلق بموقف الجماعة طغت عليها مشاعر التعصب والتطرف نتيجة أفكار غريبة على المجتمع المصري، وازعم أن هذه الأفكار واردة على مصر عبر الصحراء الشرقية، وقد آتى بها بعض من ذهبوا للعمل في "السعودية" ورجعوا بما يسمى فكر الوهابية السلفي الذي يفرز الكراهية الدينية والتعصب ليس فقط تجاه المختلفين في الدين كالمسيحيين، ولكن أيضًا تجاه المختلفين معهم في العقيدة من المسلمين.


وهؤلاء طائفة صغيرة أجزم أنها أقلية لا تمثل الغالبية من مسلمي مصر، ولكنها جماعة عنيفة دموية تستطيع أن تخرب وتدمر وتقتل وتروع الكثيرين، ومع ذلك فالأمر المشجع أنه رغم الانفلات الأمني في مصر بعد حل جهاز الشرطة، فأننا لم نسمع عن اعتداءات ضد الأقباط غير التي قام بها هؤلاء، وهذا معناه أن غالبية الشعب المصري مسالمون ويمكنهم التعايش مع بعضهم البعض رغم اختلافهم في الدين وحتى مع غياب جهاز الشرطة.

والمؤسف حقًا أن النظام السابق لم يعير هذه المشكلة أي اهتمام ولم يحاول وأد ظاهرة التطرف الديني من جذورها، بل التجأ إلى عملية العلاج التجميلي والتهوين من المشاكل، وكأن الهدف هو تأجيل التعامل مع المشكلة عسى أن يكون الزمن كفيلاً بحلها، ولكنه كأن تصرف قصير النظر والنتيجة أن الثعبان الذي رفضوا التصدي له اخذ يكبر وينمو إلى أن تمكن من لدغهم في النهاية، وها هم يعانون الآن من خطأهم وهم مطروحون في السجون.

ذهب النظام القديم واستلمت السلطة من بعده القيادة العليا للقوات المسلحة. ويبدو أن من لدغه الثعبان يخشى الحبل، وبدلاً من مواجهة التيار السلفي فقد رأيناهم يتعاملون معه برخاوة لا تليق بهيبة الحاكم، وبدلاً من تنفيذ الشرعية ضد من يرهبون المواطنين وجدنا السلطة الحاكمة تسعى إلى التودد لهم، مستخدمين مشايخهم للتوسط لديهم، وأمام عجز الدولة الواضح عن تنفيذ القانون وجدنا هؤلاء يستمرون في غيهم ظنًا منهم أنهم سيفلتوا من العقاب.


والحل يقع أساسًا على كتف الدولة وهى التي تتحمل نتائج ما يحدث. والمطلوب منها أن تكون صارمة في تنفيذ القانون لردع كل من تسول له نفسه أن يكسره، حتى يكون عبرة فيدرك الجميع أن الدولة جادة في ملاحقة المجرمين وأنهم لن يفلتوا من العقاب.

ونأتي هنا إلى أفكار ترددت عن ما إذا كأن هناك شيء في يد أقباط الداخل يمنعوا به الخطر الواقع عليهم، وارى أن الأقباط الذين كانوا في الماضي يتقبلون اللطمات من هنا وهناك في صمت، سيأتي وقت يتعبوا فيه من هذا ويضطروا إلى الدفاع عن أنفسهم بكل ما هو متاح لهم، وهذا عمل مشروع لا يستطيع أحد أن يلومهم عليه، وأتمنى أن لا يحدث هذا وأن يكون هناك من قوات الأمن التابعة للدولة من يقوم بهذا نيابة عنهم، بل نيابة عن كل المصريين، فالجميع مستهدفون من البلطجية وكاسري القانون.

أما ما يطرح من مشروعات لتقسيم "مصر" وقيام دولة قبطية في جزء منها فواضح أنه كلام نظري لا يمكن تطبيقه عمليًا، وهو يفتقر إلى مراعاة مبدأين يجب أن يقوم عليهما أي علاج للمشكلة القبطية وهو توفير الحياة الآمنة لهم وعدم التفريط في شبر من أرض "مصر"، فمصر كلها عزيزة على الأقباط وأديرتهم وكنائسهم وآثار جدودهم منتشرة في كل البلاد، ثم أن الأقباط أنفسهم منتشرون في كل مصر ولا توجد منطقة في مصر تحظ بغالبية قبطية، وتتمتع بحدود طبيعية آمنة وبها الموارد الطبيعية اللازمة والبنية التحتية وغيرها من مقومات الدولة التي تجعلها مؤهلة لتكون الموقع لهذه الدولة القبطية المزعومة.

بالمثل فأن طلب التدخل العسكري الدولي لحماية الأقباط لا يمكن تحقيقه لأن الأقباط منتشرون في كل مكان على أرض مصر، ولا يمكن التعامل معهم على أساس أنهم أقلية معزولة مميزة في الملامح والتواجد الجغرافي وبالتالي تكون حمايتهم بواسطة قوات خارجية ليس عمليًا، ولكن هذا لا يمنع حق الأقباط المشروع في الشكوى للعالم الخارجي طلبًا في التدخل لإجبار الحكومة المصرية على توفير الحماية لهم.

أنه حق من حقوق المواطنة أن تضطلع الدولة بمسئوليتها لحماية الأقباط وذلك بأن تجند كل إمكانيتها لتحقيق هذا الهدف، فأولاً لابد من سن قوانين تطبق على الجميع لتجريم كل من يعبث بالوحدة الوطنية أو ينشر الكراهية بين الناس أو يميز في التعامل بين المواطنين، ولأن معظم المشاكل بين المواطنين ناتجة عن شائعات التحول الديني فيجب تقنين موضوع الحرية الدينية للمواطنين حتى يستطيع المواطن أن يختار الدين الذي يريده مع إعادة جلسات النصح والإرشاد، وأيضًا لأن كثير من المشاكل ناتجة عن بناء الكنائس فيجب إصدار قانون بناء دور العبادة الموحد، وقد علمت أن هناك وعودًا من الحكومة بعمل هذا أنتيجة لاعتصامات الأقباط أمام ماسبيرو، فأرجو أن يتم تنفيذها ولا تكون مجرد وعود جوفاء، هذا على المدى القصير، وعلى المدى الطويل يجب عمل دراسة لأسباب الفتنة الطائفية وتبنى خطة للقضاء عليها من جذورها.


أما عن مستقبل الأقباط في "مصر"؛ فهو مؤكد بالوعد الإلهي أن مذبح الرب سيستمر في وسط أرض مصر، وأقباط مصر لن يفرطوا يومًا في بلدهم أو في جزء منها، أن مصر والأقباط شيء واحد. بدون مصر لا يكون هناك أقباط، وبدون الأقباط لا تكون هناك مصر.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :