الصفحات المحذوفة من مذكرات حسن البنا
مقالات مختارة | حسين القاضى
الاربعاء ٢١ فبراير ٢٠١٨
الطبعات الموجودة الآن بين أيدى الناس من مذكرات حسن البنا مؤسس الإخوان المعروفة بـ: (مذكرات الدعوة والداعية) حدث فيه حذف يمثل تزويراً فادحاً يتنافى مع الأمانة، فالطبعات الحالية محذوف منها 5 صفحات من 251 إلى 255.
صدرت طبعات لا حصر لها من مذكرات البنا، أما الطبعة الكاملة فهى طبعة دار الكتاب العربى الصادرة عام 1953م، أما باقى الطبعات بما فيها طبعة المكتب الإسلامى ببيروت التى صدرت 1974م فلا توجد بها هذه الصفحات.
والسؤال: عم تتحدث هذه الصفحات؟ ولماذا تم حذفها؟ الإجابة ببساطة أن هذه الصفحات تتحدث عن ولاء جماعة الإخوان للملك فاروق، ولأن الجماعة تريد أن تظهر دائماً بأنها تعارض السلطان، وتقف فى وجهه، وأن مادحى السلاطين والحكام هم علماء السلطان الذين باعوا دينهم نفاقاً ومجاملة للسلطان، فإن هذه الصفحات تكشف أن حسن البنا مدح السلطان مدحاً لم يسبقه إليه أحد.
تبدأ الصفحات المحذوفة بعنوان يقول: «الاحتفال بحضور جلالة الملك»، ثم عنوان آخر يقول: «حشد لم يسبق له مثيل فى تاريخ مصر الحديثة»، وتحت هذا العنوان يقول البنا: (20 ألفاً أو يزيدون -بطل العالم يحمل اللواء- بين دار الإخوان وقصر عابدين، صيحات الحق تتجاوب فى أرجاء السماء.. الله أكبر ولله الحمد، القرآن دستور الدنيا، الإسلام منقذ الإنسانية، لم يكد يعلنُ المركزُ العام للإخوان المسلمين بالقاهرة الشُّعَبَ التابعة له بالأقاليم عزمه على هذا الحشد، ويصدر الأوامر إلى فرقه العسكرية بالزحف للقاهرة حتى انهمر سيل الإخوان إلى دار الضيافة، ولم ينقطع سيل الوفود من صبيحة يوم الثلاثاء إلى منتصف يوم الخميس، وسارت جموع الإخوان يلبسون ثياباً أخضر اللون، وانتظم الإخوان على باب القصر رافعين أعلامهم يبايعون الملك المعظم، ولأول مرة فى تاريخ مصر الحديث ترى هذه الجموع المنظمة.. إلخ)، هذه نماذج من الصفحات المحذوفة، ولضيق مساحة المقال فإنى وضعت جزءاً منها على صفحتى على موقع «الفيس بوك»، لمن يريد الاطلاع عليها.
الغريب أن جماعة الإخوان فاضت بمدح الذات الملكية ورفعها إلى عنان السماء، وتغنت جريدة الإخوان بمكارم الملك فى مواضع متعددة، لكن ربما كان يصعب حذفها، لأنها انتشرت فى صحف ودوريات فاستحال حذفها، فعلى صفحات مجلة الإخوان نرى عناوين عريضة فى مدح الذات الملكية، مثل أن فاروق «أسوة حسنة»، (وهو لفظ أطلقه القرآن على رسول الله) و«فخر الشباب»، و«حامى المصحف»، و«أمير المؤمنين» و«حامى حمى الدين»، وكتب البنا مقالاً عنوانه: «حامى المصحف»، قال فيه: إن الملك فاروق يسلك بالناس ومصر أقرب المسالك للدنيا والآخرة»،!! ونشرت مجلة الإخوان مانشيت عن الملك فاروق بعنوان: «حامى العروبة».
لن أحدثك عن مآسٍ أخرى، مثل أن مجلة الإخوان نشرت على غلافها فى 2 فبراير 1947 صورة للنقراشى باشا، ثم لما اختلفت معه سفكت دمه،!! كما أن الإخوان قد يكونون وجدوا فى هذا الحشد فرصة للتقرب من «على ماهر» رئيس الوزراء مع أنهم اغتالوه فيما بعد!! ويذكر الأستاذ حلمى النمنم فى كتابه: «حسن البنا الذى لا يعرفه أحد»، عدة أسباب لحذف هذه الصفحات، من ذلك أن الإخوان ساهموا فى إقصاء فاروق من العرش، فتناقض هذا مع الثناء الشديد عليه؟ وأن التلمسانى كان حاضراً للحشد وكان يجرى تقديمه باعتباره ضحية الظلم، فكان طبيعياً حذف صفحة هتافه للملك، والشاهد هنا أننا أمام جماعة تحاول الحفاظ على صورتها حتى وإن وصل الأمر لحذف صفحات كاملة من مذكرات البنا وخيانة الأمانة العلمية.
نقلا عن الوطن