الأقباط متحدون - تكتل أو حزب ليبرالى.. المهم أن نبدأ
  • ١٢:٥٩
  • الخميس , ٢٢ فبراير ٢٠١٨
English version

تكتل أو حزب ليبرالى.. المهم أن نبدأ

مقالات مختارة | بقلم عادل نعمان

٤٤: ٠٩ م +02:00 EET

الخميس ٢٢ فبراير ٢٠١٨

عادل نعمان
عادل نعمان

أحدث مقال «دعوة لإنشاء حزب ليبرالى تنويرى» فى صحيفة «الوطن» الجمعة الماضى، صدى واسعاً عند جموع المثقفين والتنويريين فى قطاع عريض، لم أكن أتوقعه، الكل يبارك ويؤيد ويدعو لإنشاء تيار مدنى ليبرالى تنويرى، لم يتلوث تاريخه، يقف فى وجه الإرهاب، ويدعم الدولة المدنية، يسندها ويساندها فى حربها ضد الرجعية والتخلف، من حيث إن الدولة إلى الآن تنجح إلى حد كبير فى محاربة الإرهابيين، لكنها لم تبدأ بعد فى محاربة الإرهاب فكراً ومذهباً وعقيدة، وإن الإرهاب وأفكاره وأدواته لم تنتشر وتمد بساطها على الأرض الخصبة، وتزرع زراعتها، وترويها، وتجنى ثمارها، إلا بتغييب وعزل المثقفين والتنويريين، وإبعادهم عن حلبة الصراع والمنافسة، بل تمت مطاردتهم من هذا التيار تحت دعاوى الحسبة وازدراء الأديان، فخلت الساحة لهم، وانتشروا فى مدارسنا ومعاهدنا وغرف نومنا يحتلون أرضاً وعقلاً وفكراً، حتى غطت الوهابية رؤوس النساء وعقول الرجال، وزحفت وتسللت من حيث لا ندرى قسوة القلب وخشونة الفكر، وشراسة وفظاظة التعامل، واقتلعت عنوة من طبيعتنا المتسامحة، دماثة الخلق وخفة الروح، والرأفة والرحمة بيننا من ناحية، وبيننا وبين أى آخر من ناحية أخرى، وطردت العملة الرديئة العملة الجيدة من السوق. فنحن إحدى أدوات الحرب على الإرهاب، بقيمنا النبيلة السامية، التى ورثناها من وثيقة ماعت الفرعونية، وكانت هادياً ومرشداً ودليلاً للشخصية المصرية، إلى أن جاءنا هذا الغزو الوهابى، بل وقبله منذ زمن بعيد، حتى أعادونا إلى العصر الهمجى، الذى يسبق إقامة الدولة واستقرارها، وكنا قد سبقنا العالم فى بناء دولة مركزية مستقرة على ضفاف النيل، إذ بنا فجأة نعود إلى زمن التوحش والهمجية والغزو والفوضى، ومن تغافل عن حقيقة أننا الأجدر والأحق فى مواجهة هذا الفكر الظلامى والهمجى، فقد ظلمنا وظلم نفسه وظلم المجتمع. نحن الذين نكشف عنهم المستور، ونفضح المكشوف ونعريه، ونرفع عنه غطاءه، فيراهم الشعب على حقيقتهم، ويكشف تدليس وبهتان تاريخهم، فيعرف الجميع أى منقلب ينقلبون.

لم يخذلنا أحد، واستجاب الجميع للفكرة وباركوها، إلا أن البعض يتخوف ويخشى من اختراق التيار الدينى لهذا الكيان الجديد، وحذروا، فهم بارعون هم وغيرهم ممن يجيدون الاختراق، من أن يتحول هذا الكيان إلى صراعات فكرية أو عقائدية أو سياسية، فينهار كما انهار غيره، حتى لو ظل البناء قائماً ككل الأبنية السياسية القائمة الفارغة. والبعض الآخر تخوف من عدم اكتمال الفكرة لأسباب كثيرة، منها حالة الإحجام العام عن المشاركة، وحالة التردد الخاص عن البدء والمبادرة، التى أصابت قطاعاً عريضاً من شعبنا، فما إن يتحمس الكثيرون، حتى تطاردهم حالة من اليأس، فيرتدوا على أعقابهم، ويعودوا إلى دائرة الحصار والحيرة، وقد استقبلت سؤالاً من شخصية مرموقة (كيف؟ وأين السبيل إلى ذلك والأحزاب أصبحت حكراً على أصحاب المليارات والمصالح، القادرين على فتح مقرات؟ كيف تقنع الشارع بالحزب والتمويل والتجمع حول مبادئ محددة، إذا كان الحوار بين اثنين ينقلب فى منتصفه إلى معركة؟) ولأن صديقى طبيب، فكان ردى عليه من جنس عمله، ماذا لو فشل الطب فى علاج مرض؟ هل يقف عنده عاجزاً دون محاولة لإيجاد علاج لهذا المرض؟ كل النجاحات التى تراها كانت فى بداياتها أحلاماً، ثم إخفاقات وفشلاً، ثم نجاحات.. تاريخ المحاولات لا يهدأ ولا يستكين.. نبدأ وليكمل طبيب آخر العلاج، ويستكمل مهندس آخر البناء. كنت سعيداً بسؤاله، وسعدت أكثر باستجابته حين قال أنا معك. هو الدكتور أيمن أبوالحسن.

فى حوارى مع الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة السابق، وأحد رموز التنوير المصرية على خطى طه حسين، وعلى عبدالرازق، فقد بارك أولاً هذه الخطوة ووافق على مشاركتنا المسير، أو قل وافق على أن نشاركه مسيرته، وهو انتصار جد لو تعلمون عظيم، إلا أنه يفضل أن (تكون البداية فى شكل جمعية حتى تنضج الفكرة، وينتشر صداها، وتتحول إلى مؤسسات، حتى تصل بنا وبها إلى حزب، وحتى نبدأ نحتاج إلى نقاش موسع حتى يخرج الفعل والعمل مبرأ من عوامل الفشل)، وما أثلج صدرى هو قبول هذه القامة المحترمة أن ينضم إلينا، أو ننضم إليه فى مسيرة التنوير، وهو شوط طويل قطعناه دون جهد، ينضم أيضاً إلى هذا الرأى الكاتبة المتألقة سحر الجعارة، فى مكالمة تليفونية بيننا كان رأيها كذلك، وتساند وتؤيد رأى الدكتور جابر نصار، لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها، وهى أدرى كثيراً بالعمل السياسى وبداياته وعوائقه وعواقبه ومحاولات هدمه واستقطابه، أما عن الدكتور خالد منتصر، فلقد تلقيت رسالة منه لوجوده فى أمريكا تفيد لقاءنا للدراسة حين وصوله. السادة الأفاضل على صفحتى، وعلى صفحات كثيرة، وعلى موقع الجريدة، الكل موافق وداعم لحزب أو كيان يحافظ على البقية الباقية من قانون ماعت، نرممه ونقويه وندعمه، ونقيمه مرة أخرى خالداً عبر الزمن، يحفظ الوطن والمواطن والفكر والعقل والعلم والعالم والأديان، قريباً سنجتمع، لنتخذ قراراً بحزب أو تجمع أو تكتل تفرضه الأغلبية، المهم أن نبدأ.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع