الأقباط متحدون - الشهادة في المسيحية
  • ٠٦:٣٦
  • السبت , ٢٤ فبراير ٢٠١٨
English version

الشهادة في المسيحية

مدحت بشاي

بشائيات

٢٦: ٠١ م +02:00 EET

السبت ٢٤ فبراير ٢٠١٨

صوره_أرشيفية
صوره_أرشيفية

مدحت بشاي 

في غمار أحداث التفجيرات الأخيرة في كنائسنا المصرية ، أسعدني كمواطن مسيحي خروج الكنيسة عن كل المفاهيم التقليدية السابقة ، والإصرار على إلقاء الضوء على ثقافة الحياة وحب الأخر وحب الحياة الآمنة على لسان الأنبا روفائيل سكرتير عام المجمع المقدس وهو يصلي صلاة الجنازة على عدد هائل من الشهداء في حدث سابق عندما حدد خطابه في 3 رسائل :

• رسالة إلى السماء :  نحن نؤمن بعدالة السماء وحكمة الخالق العظيم.
 
• رسالة إلى مصرنا : ليس بسفك الدماء تنمو البلاد و لن نترك بلادنا .
 
• رسالة إلى الأقباط : لن نترك إيماننا المسيحي ، و أيضاً لن نتخلى عن قيمنا وأخلاقياتنا في حب الآخر والعمل المشترك من أجل وطن واحد للجميع..
 
وعن الشهادة ومفهومها وقيمها ومعناها في المسيحية ، يقول لنا الآباء في الكنيسة المصرية أن الاستشهاد في اللغة العربية بمعنى قُتل في سبيل الله ، هذا هو المعنى الاصطلاحي لكن المعنى الاشتقاقي لكلمة الاستشهاد منشق من الشهادة ، فاستشهد بمعنى سئل للشهادة ، أو طُلب للشهادة ، والشهادة هي للإيمان الذي يدين به الإنسان ويزود عنه ، هناك بعض الناس يقرؤها إِستشهد لكنها أُستشهد ، أُستشهد فلان أي طُلب للشهادة ، فشهد للإيمان الذي يؤمن به ..
 
وشهداؤنا سئلوا عن إيمانهم فجهروا به ، وأعلنوه في قوة وفي جرأة ، وكانت شهادتهم بمثابة كرازة للجميع. 
 
معنى الشهادة إذن أن يشهد المسيحي للحق الذي يؤمن به ويدعو الآخرين إلى أن يؤمنون ، وعليه كان الصليب على اليد ، وهي معروفة عند الأقباط الدق بالإبرة وبنوع من الخضرة ليبقى في اليد ولا يُمحى ، لكن كان أساسه في عصور الاستشهاد من حب المسيحيين للاستشهاد ، ولخوف الآباء والأمهات على أطفالهم الصغار غير القادرين على الكلام ، فلو قُتل الأب والأم من أجل المسيح ، تكون علامة الصليب على يد الطفل تنطق بأنه مسيحي لكي يضمنوا لهم الأبدية ..
 
والاستشهاد أيضاً معناه وفاء بالمعروف لأن إنكار المسيح خيانة ـ والاعتراف به وفاء بحبه وتقدير لحبه وتكريم لدينه ، وتذكيراً لمقولة السيد المسيح " من اعترف بي أمام الناس اعترف به أيضاً أمام ملائكة الله ...
 
وقد يقول قائل ساخراً في موقع لا يًقبل فيه الهزل بالطبع ، أنه إذا كانت الشهادة على هذا النحو سبيلاً لدخول الشهيد ملكوت السموات ، وفي المقابل يرى قاتله أن في قتله السبيل إلى الجنة ، فقد ضمنا نهاية أبدية ما أسعدها ممهورة بخاتم سماوي من خلال وجهتي نظرهما ، فماذا نحن فاعلون لوقف سفك الدماء والسير في اتجاه دعم الإيمان المشترك بقيم أخرى تنادي بها الأديان  للوصول إلى عتبات الملكوت وأبواب الجنة بغير حلول القتل والاستشهاد ؟!! 
 
 لابد من البحث عن علاج جذري للخلل الحادث منذ أكثر من نصف قرن، في العلاقة بين أقباط ومسلمي الوطن الواحد، وبين الأقباط ودولتهم؟.. فالعلاج المخلص والعلمي لمستحيلاتنا الوطنية أمر غير متوقع طالما نكرر نفس ردود الأفعال برتابة غريبة  تعتمد على إخماد مظاهرها الصاخبة أو الظاهرة بمنهج إطفاء الحرائق، والتوقف عند هذا الحد، دون البحث في كيفية منع تكرارها، ولو بعد بضع أيام أو أسابيع.. فالحلول الجذرية تتطلب جهوداً وعزيمة، فهل بحق لدينا رغبة على دفع تكلفتها.. هكذا نجد مسلسلات مشاكلنا تكرر نفسها بنفسها، لنعيد نحن المهمومين بمصير وطننا تكرار تحذيراتنا وتحليلاتنا، كمن "يؤذن في مالطة"، وهو الأمر الذي لا نملك سواه، بقدر ما لا نملك الصمت وانتظار المصير، حتى لو صدق علينا بحق قول القائل: "لقد أسمعت لو ناديت حياً  *  ولكن لا حياة لمن تنادي"!!
 
لا نقول أن الحلول الجذرية سهلة وميسورة، ولا تقتضي كما يتصور البعض إلا إصدار بضع قرارات وزارية أو جمهورية إذا لزم الأمر للمتابعة الميدانية وإخراج الملف القبطي إلى عناية ومسئولية كل الجهات المعنية كل في اختصاصة دونما تمييز ، لكي يستقيم الأمر ونشهد وطناً واحداً مستقراً لجميع أبناءه.. 
 
نعم هناك علاج عاجل وموضعي لمشكلة " المواطنة "  في مصر يمكن ويلزم الإقدام عليه فوراً، وأغلبه متضمن في تقرير لجنة مجلس الشعب برئاسة د. جمال العطيفي عام 1972، والذي قدمه بعد ما سمي بالفتنة الطائفية  ، والذي دخل الأدراج ولم يعد من يومها، لكن العلاج الشامل للقضية مرتبط بقضية الإصلاح ( التغيير) لأحوال الوطن ككل، إذ يحتاج لأن تتحول مصر شعباً ودولة إلى كيان حديث ، و نودع قوانين و نظم وآليات العصورالوسطى، لنتماهى مع شعوب دول عالم الألفية الثالثة بقيمها ومفاهيمها