كيف تعتمرون وبينكم جائعون؟!
مقالات مختارة | حمدي رزق
الاثنين ٢٦ فبراير ٢٠١٨
تلقيت فتوى فى رسالة معتبرة من فضيلة الدكتور محمد شوقى علام، مفتى الديار المصرية، يثمّن دعوتى لتوجيه نفقات حج النافلة والعمرة الثانية إلى ما ينفع الفقراء فى هذا البلد الطيب.
وكنت قد طلبت من فضيلته أن يفتى فى الأمر، فلم يخيب ظناً، بل سبق بفتوى أرسلها للنشر ليعلم الكافة حكم الشرع فيما ذهبنا إليه من حكم الاستطاعة المجتمعية فى ظل أزمة اقتصادية خانقة أو كما يقولون فى السنوات العجاف التى يرزح تحت أعبائها ملايين المصريين.
وهنا رسالة فضيلة المفتى التى تحمل فتواه الطيبة، لعل وعسى تصل إلى القلوب وتنفتح عليها العقول ويقف منها الموسرون موقفاً كريماً يكفون فيه الفقراء ذل السؤال.
يقول فضيلة المفتى: دعنى أعبر لكم عن سعادتى لقراءة مقالكم فى «المصرى اليوم»: «نفسى أزورك يا نبى وأقول مدد». ولقد كُنتم فيه من البراعة كما تعودنا منكم، ومشاعركم تجاه القضايا المجتمعية كانت بارزة فى هذا المقال القيم، وأفيدكم بأن دار الإفتاء قد أصدرت فتوى فيما تتجهون إليه، حرصاً منها على إبراز العلاقة الوطيدة بين فهم النص الشرعى ومعالجة قضايا المجتمع، وهذا هو رابط الفتوى ليطلع عليه عموم المسلمين.
http://www.dar-alifta.gov.eg/ar/ViewFatwa.aspx?sec=fatwa&ID=13246
الفتوى رداً على سؤال: هل مساعدة الفقراء أَولى من نافلة الحج؟ وما هو الأفضل بالنسبة للأغنياء: هل هو حج التطوع وعمرة التطوع، أو كفاية الفقراء والمساكين والمحتاجين وعلاج المرضى وسد ديون الغارمين وغير ذلك من وجوه تفريج كرب الناس وتخفيف آلامهم وسد حاجاتهم، وذلك فى ظل ما يعيشه المسلمون من ظروف اقتصادية صعبة؟
والإجابة من فضيلته نصاً:
فى هذا العصر الذى كثرت فيه الفاقات واشتدت الحاجات وضعف فيها اقتصاد كثير من البلاد الإسلامية نفتى بأن كفاية الفقراء والمحتاجين وعلاج المرضى وسد ديون الغارمين وغيرها من وجوه تفريج كرب الناس وسد حاجاتهم مقدَّمة على نافلة الحج والعمرة بلا خلاف، وأكثر ثوابًا منها، وأقرب قبولًا عند الله تعالى.
وهذا هو الذى دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، واتفق عليه علماء الأمة ومذاهبها المتبوعة، وأنه يجب على أغنياء المسلمين القيام بفرض كفاية دفع الفاقات عن أصحاب الحاجات، والاشتغال بذلك مقدَّم قطعًا على الاشتغال بنافلة الحج والعمرة، والقائم بفرض الكفاية أكثر ثوابًا من القائم بفرض العين، لأنه ساعٍ فى رفع الإثم عن جميع الأمة.
بل نص جماعة من الفقهاء على أنه إذا تعينت المواساةُ فى حالة المجاعة وازدياد الحاجة على مريد حج الفريضة فإنه يجب عليه تقديمها على الحج، للاتفاق على وجوب المواساة حينئذٍ على الفور، بخلاف الحج الذى اختلف فى كونه واجبًا على الفور أو التراخى.
ولا يجوز للواجدين إهمالُ المعوزين تحت مبرر الإكثار من النوافل والطاعات، فإنه لا يجوز ترك الواجبات لتحصيل المستحبات، ولا يسوغ التشاغل بالعبادات القاصرة ذات النفع الخاص، وبذل الأوقات والأموال فيها، على حساب القيام بالعبادات المتعدية ذات المصلحة العامة، وعلى مريد التطوع بالحج والعمرة السعى فى بذل ماله فى كفاية الفقراء، وسد حاجات المساكين، وقضاء ديون الغارمين، قبل بذله فى تطوع العبادات، كما أن تقديم سد حاجات المحتاجين وإعطاء المعوزين على التطوع بالحج أو العمرة ينيل فاعلها ثواب الأمرين معًا.
نقلا عن المصري اليوم