الأقباط متحدون - سيرة رجل أمه البحر لا الأرض
  • ١٦:٤٤
  • الاثنين , ٢٦ فبراير ٢٠١٨
English version

سيرة رجل أمه البحر لا الأرض

مقالات مختارة | بقلم : خالد منتصر

٣٢: ٠٩ م +02:00 EET

الاثنين ٢٦ فبراير ٢٠١٨

خالد منتصر
خالد منتصر

 أعشق قراءة السير الذاتية للمبدعين، وأعتبرها أقوى وأجمل إبداعاتهم، خاصة عندما تكون معجونة بالصدق الإنسانى الكامل والنادر، مشطوبة منها كل الخطوط الحمراء، عندما يتعرون على الورق ويفتحون نوافذ البوح فتنطلق عصافير الحكى الشفاف الساحر من صدورهم، وليس أجمل ولا أروع من أن تقرأ سيرة «كازنتزاكس» المبدع اليونانى العبقرى الساحر، ابن كريت صاحب زوربا، وواحد من أعظم الروائيين فى التاريخ، تقرير إلى غريكو، سيرته الذاتية كتبها على هيئة تقرير، جرد حياة يقدمه إلى جده الفنان «غريكو»، يتحدث فيه عن محطات حياته الملتهبة المزدحمة، عن مدن لمست قلبه، عن شخصيات شكّلته، عن المسيح وبوذا ولينين ونيتشه، عن محاربى كريت ونسائها، عن رحلة بحثه عن الله والحب، عن الارتقاء والصعود، عن صراع اللحم والعقل، النار والنور، عن الأم البحر لا الأرض، عن الرقص والصلاة، رحلة ثرية وكتاب من أروع ما قرأت، أنت بعد قراءة الكتاب حتماً لست نفس الشخص، لقد مستك شرارة سحر هذا الفنان وكهرباء إبداعه ومغناطيس جاذبيته فسكنت قارة كازنتزاكس الاستوائية الملونة بكل ما فيها من طيور ملونة وكواسر وجوارح متوحشة، أقتبس لكم بعض ما خططت تحته من عبارات تسمح بها تلك المساحة من «تقرير إلى غريكو»:

 
• النار والتراب كيف أوفق بين هذين السلفين المتناقضين فى داخلى، أحسست أن هذا واجبى أن أصالح بين المتعاديين، أن أسحب ظلمة السلف من جانبى وأحولها بأقصى ما يمكننى إلى ضوء.
 
• الكلمة لكى تمسنى يجب أن تصبح لحماً حاراً، وعندها فقط أفهم عندما أستطيع أن أشمها وأراها وألمسها.
 
• كان الله يأتى دائماً طالما بقيت طفلاً ولم يخذلنى أبداً كان يأتى دائماً طفلاً مثلى تماماً يودع ألعابه فى كفى الشمس والقمر والريح، وكان يقول إنها هدايا العب بها عندى الكثير غيرها، وكنت أفتح عينى ويغيب الله ولكن ألعابه تظل فى كفى.
 
• طالما أننا لا نستطيع أن نغير الواقع فلنغير العيون التى ترى الواقع.
 
• ما من شىء يشبه عينَى الله إلا عينا الطفل، إنهما تريان العالم لأول مرة وتخلقانه.
 
• إن عالم الطفل ليس مصنوعاً من الطين لكى يبقى بل من الغيوم.
 
• الجنون هو ذرة الملح التى تحفظ الوعى من التعفن.
 
• فى الشباب استيقظ فى داخلى وحشان هائلان؛ ذلك النمر الذى اسمه اللحم، وذلك النسر النهم الذى يلتهم أحشاء الإنسان وكلما أكل ازداد جوعه: العقل.
 
• البحر أمى وليس الأرض، أقف أمامه بالساعات أحس أنه الوحيد الذى يمكنه أن يفهم قلقى لأنه يشاركنى القلق ذاته، هو الآخر عاجز عن النوم يضرب البحر صدره ويصدم الشواطئ فيصدم بالمقابل وفى بحثه عن الحرية يجاهد لتقويض الحواجز التى أمامه بغية تجاوزه.
 
• حوار بين كازانتزاكس والدرويش:
 
- لولا أن الإنسان يستطيع الرقص لما استطاع الصلاة، الملائكة لها أفواه ولكن تنقصها القدرة على الكلام ولذا فإنها تحدث الله رقصاً.
 
- أى اسم تطلقه على الله يا بنى؟
 
- ليس لله اسم، إنه أكبر من أن تحتويه الأسماء، الاسم سجن، الله حر.
 
- ولكن إذا شئت تناديه آه، هكذا أناديه ليس الله بل آه.
 
• الفقر ألا تملك شيئاً وألا تثقل نفسك بشىء، وأن تسير إلى الله عبر ممر مزهر الضحك والرقص والغبطة هى ملائكة الهداية التى تأخذ بأيدينا وتقود خطانا.
 
• هو لم يصر جثة لا تقل رحل، بل قل أسلم أغنيته إلى الله.
 
• ليست السعادة طائراً نادراً علينا أن نطارده فى لحظة محددة فى السماء، وفى اللحظة التالية فى عقولنا، السعادة طائر أليف موجود فى باحة دارنا.
 
• لولا وجود قلب المرأة العطوف لكان الله قد ترك الإنسان فى القبر إلى الأبد، خلاصنا معلق بخيط، بصرخة حب.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع