حديث آخر الشهر

كعادتنا الشهرية، ننفض عن السياسة ونتحدث عن أي شيء بعيد عنها، لذا أحدثكم عن السينما، وليس لأن هناك لجنة لتقييم الأعمال السينمائية، ولكن لأن هذا أمر ضروري ومسلي لأبعد الحدود،اليوم سأحكي لكم على فيلم سياسي كوميدي خياليفي نفس ذات الوقت،اتفرجت عليه من فترة، الفيلم اسمه wag the dog انتاج سنة 1997،بطولة روبرت دي نيرو وداستنهوفمان،وبتدور أحداثه حول بنت اتهمت رئيس أمريكا أنه إتحرش بيها لما كانت في زيارة للبيت
الأبيض، طبعا الدنيا قامت وماقعدتش، المصيبة أن الانتخابات الرئاسية كان فاضل عليها أسبوعين، والأسبوعين دول كان لازم يتعمل مسح دماغ للشعب كله بحيث ينسوا اللي حصلوينتخبوا الرئيس ده لفترة جديدةبالنسبةلحضرتكالموضوعمستحيل،لكن في ليلة إعلان خبر التحرش استعان البيت الأبيض بمسؤول

علاقات عامة روبرت دي نيرو عشان يحاول يلاقي حل سريع للمشكلة، وفي ساعتها اتصل بمنتج من هوليوود داستنهوفمان، وهنا تظهر العقلية الإنتاجية
العالمية، أول حاجة إتعمل مؤتمر صحفيواحد بيسأل المتحدث باسم البيت الأبيض عن أخبار الفضيحة، واحد تانيبيسأل ياترى غياب الرئيس بسبب موضوع القنبلة الليإتوجدت على الحدود، من غير ما تحس الموضوع اتقلب على حكاية القنبلة اللي هيمحصلتشأصلاً،وفي خلال يوم ما كنش البلد فيها كلام غير على موضوع القنبلة،وياترى مين السبب فيها؟وعشان كل ما كانت الكدبة كبيرة تصديقها كان أسهل، قالو ده السبب هو إرهابيين من ألبانيا،إشمعنىألبانيا؟ وطبعا
استكمالا للكدبةيتعمل تحقيق وهمي والإعلام ينشر، والصحافة تكتب، والناس تحلل وتسأل، وتلاقي الناس بتكلم نفسها في الشارع عن الإرهابيين الألبانيين
الليعايزين يضربواأمريكا،وياترى رد الرئيس هيكون أيه؟يطلع الريس ويعلن الحرب على ألبانيا، والمسئولين في ألبانيا هيتجننوا،إحنا عملناإيه؟لكن طبعا الريس الأمريكاني لازم يبان بطل، ويقرر يحارب عشان ينقذ الناس الألبان الأبرياء من الإرهابيين الألبانيين، وتبدأ المهارات الهوليودية، إذ يصورون مشهد

قنبلة بتنفجر، وبنت بتهرب من الأنقاض على أساس أن ده حصل فيالبانيا، ومين الحمار الليهيصدق كل ده؟ الشعب الأمريكي الغلبان الليهيطلع يشتم في البانيا وحكومتها،ويلبسوا تيشيرتات عليها fuck albania ويتحركون في الاتجاه الليداستنهوفمان يحركهم فيه، وتزيد الكراهية لألبانيا الليمعملتشحاجة، وكل ده
وفات أسبوع وتنتصر أمريكا في حربها السريعة الوهمية على البانيا،والناس تفرح،طب هل الناس هتسكت بعد كده؟لاطبعاً محتاجين قصة تانية تخلي الناس تنسى خالص قضية التحرشإياها، فيقوم يطلعوا لك بقصة جميلة أن في ظابطأمريكاني محبوس في ألبانيا متساب لوحده،ولازم نرجعه تانيللوطن،وتقوم الصحافة تكتبوالإعلام يتكلم، والناس تتناقش عن مصير الراجل المسكين إلليبعت رسالة لأمه عن طريق شفرة مورس بيقول لها فيها courage mom،

يعنياتشجعي يا ماما،طبعاً كلدهوالناس بتصدق أي حاجة،وعشان يحبكون القصة،جابو واحد مسجون يعمل دور العسكري المخطوف، ويجيبوه على أساس أنهم أنقذوه،والناس قاعدة مستنية رجوع البطل الليإتكتب عنه،شعار وإتعمل عنه أغاني،تخلي المشاعر تشعلل، والحماس يزيد،ولكي تزيد المصيبة ألماً كانوا
مخططين إن البطلهيفضل في مستشفى يتعالج من آثارصدمة الحبس والتعذيب، ولكن مات،وأتعمل له جنازة عسكرية، الناس كلها عيطت عليه، وكل ما المعارضة تطلع بتكذيب يطلع تبرير، وكل استنكار ولهحل،والناس الليبتأيد الريس كترت، والمعارضة سكتت.وينتهي الفيلم بأن داستنهوفمان كان عايز يقول للشعب إنه عيشهم في فيلم من إنتاجه لكن طبعاً روبرت دي نيرو ما سمحشبهذا، وماتداستنبسببنوبة قلبيةمفاجئة،ماتومعهسرالطبخ.