الأقباط متحدون - محامي يعلق على إعدام قاتل القس سمعان: ارتكب جريمته وفق ديانة بن تيمية وبن عبد الوهاب والبنا
  • ١٠:٤٤
  • الاربعاء , ٢٨ فبراير ٢٠١٨
English version

محامي يعلق على إعدام قاتل القس سمعان: ارتكب جريمته وفق ديانة بن تيمية وبن عبد الوهاب والبنا

محرر الأقباط متحدون

أقباط مصر

٣٢: ٠٩ ص +02:00 EET

الاربعاء ٢٨ فبراير ٢٠١٨

 القاتل و القس سمعان
القاتل و القس سمعان
كتب – محرر الأقباط متحدون
قال حمدي عبد العزيز، المحامي، تعليقًا على حيثيات حكم الإعدام للمتهم أحمد سعيد إبراهيم السنباطي، قاتل كاهن المرج، "قرأت حيثيات الحكم بإعدام المتهم أحمد سعيد إبراهيم السنباطي لإدانته بقتل الشهيد القس سمعان شحاتة رزق الله، في تلك الواقعة التي صدمت مشاعر الغالبية العظمي من المصريين والتي تم تداول أحداثها عبر مقطع الفيديو الشهير الذي سجل أحداثها التي وقعت في أكتوبر 2017.
 
محكمة جنايات شمال القاهرة تستحق التحية ليس لحكمها بإعدام قاتل الشهيد القس سمعان شحاتة، وإنما أيضًا لصياغتها الدقيقة والجريئة لحيثيات الحكم.
وهي حيثيات أري أنها تستحق أن تنشر كاملة لأنها بالغة الشرح والتدليل علي طبيعة العقل الطائفي، وكدليل إدانة محكم لهذا العقل المحشو بسموم فكرة "الفرقة الناجية والطائفة المنصورة" التي تعد أساسًا لأيدلوجية الاستعلاء الديني الإجرامية الطابع.
 
وهي حيثيات ترتكز في غالبيتها علي تحليل ما جاء بالاعترافات التفصيلية للإرهابي القاتل الذي يبدو أنه كان يعترف كنوع من تسجيل الزهو بفعلته والدفاع عنها باعتبار أنه بطل من أبطال الفرقة الناجية التي ما عداها هم المشركون والكفرة.
 
بطل الفرقة الناجية المزعوم لم يكن همه قتل القس سمعان فقط، بل كان همه قتل أي مسيحي يقابله، علي اعتبار أن المسيحيين هم مشركون وديارهم ديار حرب، وفقاً لديانة بن تيمية وبن عبد الوهاب والبنا والمودودي وسيد قطب ومشايخ السلفية والفاشية الدينية المتأسلمة.
 
وأضاف المحامي، إن ما أثار حزني الممزوج بالدهشة والألم والحسرة والهلع والحسرة معًا وأنا أطالع حيثيات القضية هي الفقرة التالية التي تصف لحظة الجريمة ذاتها وتجسد مدي الوحشية والدناءة التي بلغها ذلك العقل الطائفي الذي قاد القاتل إلي ذلك التجرد النهائي من المشاعر الإنسانية أو حتى المشاعر الحيوانية الأولية التي كان عليها إنسان ما قبل الأنساق الأخلاقية والدينية في العصور الأولي من الحياة البشرية :
 
(فعاجله المتهم بطعنة بالسكين في بطنه، فقام القس بالصراخ وبالاستغاثة بالمارة ، ودخل أحد مخازن الحديد الموجودة في مسرح الأحداث فقام المتهم بالدخول خلفه وطعنه طعنة نافذة بجانبه، فسقط المجني عليه أرضًا، وأخذ يكيل له الطعنات والضربات حتى تيقن من إزهاق روحه ، ثم قام بنحره ،ولحقه ذلك بالتمثيل بجثمانه ووشم الصليب علي وجهه بالسكين).
 
ومما أثار إعجابي بما أصدرته المحكمة من حيثيات، ذلك هو تفوق محكمة جنايات شمال القاهرة برئاسة المستشار أحمد محمود الدقن علي غالب القنوات الفضائية ومنصات الإعلام التي كانت تعزف ليل نهار وقتها معزوفة أن القاتل شخص مختل وغير طبيعي لكي تعفي نفسها من مواجهة حقائق أفكار السلفية الدينية الوهابية التي تغلغلت في المجتمع المصري علي نحو غير مسبوق منذ سنوات عودة مشايخ الإسلام السياسي وما سمي وقتها بتيارات الصحوة الإسلامية التي حملت الشر إلي قلب مصر والمنطقة العربية منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي وحتى تاريخه.
 
وقد جاء بحيثيات حكم المحكمة (وتابعت المحكمة الحديث عن نية إزهاق روح المجني عليه والقصد الجنائي بقولها: 
 
إن استخلاص القصد متروك إلي محكمة الموضوع ، ولما كان ما تقدم ، وكان الجاني لديه ضغينة قتل للإخوة الأقباط ، وما ترتب علي ذلك من تطرف فكري واتجاه إرادته إلي قتل من يلقاه منهم، وكان المتهم قد أعد سلاحاً أبيض كبير الحجم ،وقام بسنه حتي يكون حاداً يساعده علي ذبح وطعن من يلقاه ، وقام بعد ذلك بانتظار ضحيته وما أن رأه حتي قام بالعدو خلفه وعاجله بعدة طعنات في ظهره وفي بطنه ، وبعدما فارق الحياة قام بذبحه حتي تيقن تماماً من مفارقته الحياة ، ولم يتركه إلا بعد أن تأكد أنه أصبح جثة هامدة ، ومن هنا يكون القصد الخاص واضحًا جليًا).
 
هناك لقطة طريفة ومثيرة ودالة حدثت في المحاكمة وردت في حيثيات الحكم ولم تأخذ أكثر من حجمها من المحكمة لعدم غني محتواها بالأدلة الجنائية البحتة ، وهي كالتالي :
 
(وبجلسة المحاكمة ،ولدي سؤاله عن التهمة المسندة إليه فقد قدم قصاصة من الورق دون عليها الأسماء الآتية :
 
محمد بديع ،محمد محمد أبوتريكه ،محمد البلتاجي ، هادي محمد خشبه ، عصام العريان ،صفوت حجازي ، خيرت الشاطر عبد الرحمن السيد ،وأسامه محمد مرعي )
 
وهنا لا أعرف هل قدم المتهم تلك الأسماء كحجج منزهة في الفقه الإسلامي أو كنوع من التفاخر بأنه ينتمي لهؤلاء المشهود لهم وفقاً لمنطق (الفرقة الناجية ) وكنوع من التغني بأبطال (الطائفة المنصورة ) التي تغني بها أتباع محمد بن عبدالوهاب وكافة مشايخ التسلف الإسلاموي السياسي ..
 
وبعيداً عن التناول الفقهي القانوني الذي لا أزعم الإحاطة أو العلم به فإنني أنحني إحترامًا وتقديرًا لجرأة هيئة المحكمة وشجاعتها وتنورها حينما صاغت الفقرة الذهبية الآتية في الحيثيات لوصف لحظة استشهاد القس سمعان:
 
(وهنا تمددت ساقاه وبرزت وجنتاه وجحظت عيناه ، لقد حل عليه أجل الله ، وفاضت روحه المؤمنة الطاهرة إلي بارئها ، لتسكن في سماء الخلد مع أمثالها من القديسين والشهداء والشرفاء والأبرار معلنًا في زهو وفخر أنها ثمرة كفاح غير متكافئ بين فتي أهوج هائج مجرم سفاح جائر ظالم ، ومجني عليه أعزل مسالم ، كل عمله أنه رجل يدعو إلي عبادة الله ) ..
 
لقد انتصرت محكمة شمال القاهرة في هذه الفقرة البديعة وبمجمل ماجاء في حيثياتها لقيم التسامح الديني وللإنسان وللوطن في مواجهة دعاة الظلامية والتطرف الإرهاب الديني ونفضت جانباً كل أوهام الإستعلاء الديني المتسلف من دعاوي الفرقة الناجية والطائفة المنصورة وكل هذه الأفكار التي سممت القيم الإنسانية للمجتمع المصري وأصابت ثقافتنا الوطنية في موضع يحتاج إلي جهد ونضال السنين لترميمه وتصحيحه.