الأقباط متحدون - شيخ سنى فى رحاب الشيعة.. يدعو
  • ١٦:٢٥
  • السبت , ٣ مارس ٢٠١٨
English version

شيخ سنى فى رحاب الشيعة.. يدعو

مقالات مختارة | عادل نعمان

٤٤: ٠٧ ص +02:00 EET

السبت ٣ مارس ٢٠١٨

عادل نعمان
عادل نعمان

ماذا لو خرج من مشايخ أهل السنة رجل يدعو إلى التقارب بين المذاهب ونسيان الثأر التاريخى بين أولاد العمومة على الخلافة والإمامة، أيكون قد كفر وعصا ربه؟ وماذا لو فتح رجل من أهل الخير باباً خلفياً بين المتخاصمين يتواصل بينهما المراسيل ويدلف منه أهل المصالحة والوساطة يصلحون بينهما، هل نعتبره قد كفر وأذنب؟ وماذا لو رفع أحد المخلصين يديه وهتف بين صفوف المتقاتلين: كفاكم خراباً ودماراً ودماءً، وذهب يدعو الناس إلى نبذ الطائفية بين أبناء العراق الواحد، أيكون قد خرج من الملة وشقّ عصا الطاعة عن وزارة الأوقاف بما يستوجب إيقافه عن الخطابة وخصم مخصصاتها؟ نعم هو كذلك.. هو الشيخ «نشأت زارع» كبير أئمة وزارة الأوقاف بمحافظة الدقهلية.

والشيخ نشأت زارع مرصود ومطلوب حين حاول أن يغرد خارج السرب ويفكر فى تجديد الخطاب الدينى بطريقته الخاصة وليس كما يراه مشايخه، وكانت زيارته للعراق القشة التى قصمت ظهر البعير. الشيخ نشأت لم يتشيع بزيارته إلى العراق، كما لم تتشيع مصر تحت الاحتلال الفاطمى لمئات السنين! ولم يوطن الأزهر الفكر الشيعى فى مصر وكان السبب الرئيسى لإنشاء الشيعة الفاطميين له؟ ولم يتشيع كل من سافر من المصريين إلى العراق لعشرات السنين بالملايين، حتى ترتجف وترتعد المؤسسة الدينية المصرية من زيارة الشيخ إلى العراق، يدعوهم إلى محاربة الطائفية المدمرة، ويحذر منها ومن مصائبها، وينذرهم من الدماء التى تسيل فى سوريا، والنار التى تحرق فى اليمن، وتبيد فى لبنان، وتأكل نارها الأخضر واليابس فى عالمنا الإسلامى.

لماذا ترفض المؤسسات الدينية هذا التقارب؟ ولماذا لا تدعو إليه؟ لماذا لا تترك الأبواب مفتوحة على المستويات الشخصية، حتى إذا طرأ جديد على العلاقات، أو فُكّ أسر مؤسساتنا من المحتل الغاشم يكون استخدامها ميسوراً ومتاحاً؟ وكنا قد قطعنا شوطاً فى خمسينات القرن الماضى حين قاد الأزهر قضية التقارب بين المذهبين، حتى وصل الأمر إلى تدريس المذهب الجعفرى فى الأزهر، واعتماد التعبد به، بل وأخذ المشرّع المصرى عنه «الوصية الواجبة» وأخذوا عنه إثبات الوفاة فى حالة «الهلاك الحتمى» دون انتظار أربع سنوات على مذهب أهل السنة، وكان فيهما مصلحة للمسلمين، وهذا ما أكده الشيخ «طنطاوى» حين قال: «لا فرق بين أهل السنة وأهل الشيعة، فكلاهما مسلمون، يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن الخلاف إن وجد فهو خلاف فى الفروع فقط». وهذا هو رأى الكثير من رجال الدين فى مصر. وأتساءل: هل يستحق هذا الخلاف كل هذا الدم؟ ولنستعرض سريعاً الخلافات العقائدية والفقهية بين المذهبين.

ونبدأ بالخلافات العقائدية: وأولها «الخلافة والإمامة»، وهى عند الشيعة ركن من أركان الإسلام لا يقوم الإسلام إلا به، والإمامة منصوص عليها من النبى إلى على بن أبى طالب، ومنه إلى الأئمة الاثنى عشر من أولاده وأحفاده، وأهل السنة منهم من يراها من قريش، ومنهم من يراها فى الأصلح من قريش أو فى غيرها. والثانية «العصمة»: ويراها الشيعة كاملة فى الأنبياء والأولياء، ويراها أهل السنة فى الأنبياء فقط، بل إن فصيلاً من أهل السنة يراها فى الأنبياء فيما يوحى إليهم فقط وغير هذا فهم بشر يصيبون ويخطئون. الثالثة «الصحابة»: الشيعة يرون الصحابة بشراً مثل غيرهم، منهم المخطئ ومنهم المصيب، والفاضل والمنافق، والبر والفاجر، وأهل السنة يرون «الصحابة» كلهم عدولاً. الرابعة «التوسل والشفاعة»: ويرى أهل الشيعة جواز التوسل وطلب الشفاعة من الأنبياء والأولياء، ويرى أهل السنة أن التوسل وطلب الشفاعة من الأنبياء فقط، ومنهم من يحرم التوسل وطلب الشفاعة من الأنبياء جميعاً. أما «الخلافات الفقهية» بينهما، فهى أولاً: «الخُمس»، وهو مأخوذ من خمس الغنائم فى الحروب وما زال معمولاً به عند الشيعة، وحل محلها الزكاة عند أهل السنة. ثانياً: «زواج المتعة»، وهو حلال ومباح عند أهل الشيعة، بحجة أن الرسول لم يحرمه، وحرمه عمر بن الخطاب وليس هذا من حقه، وأهل السنة يؤكدون أن الرسول أجازه فى فتح مكة، ثم حرمه بعدها نهائياً. ثالثاً: «السجود على التربة الحسينية» ويراها أهل السنة بدعة. رابعاً: «وضع اليدين على الصدر»، وهى عند أهل الشيعة ليست سنة عن النبى، وهى سنة عند أهل السنة، لكنها لا تُبطل الصلاة. خامساً: «الأذان»، يضيف إليه الشيعة «حى على العمل، وعلى حبيب الله» بحجة أن الأذان منتج بشرى، فلا يضر الإضافة إليه، أو الحذف منه، وأهل السنة يرونها بدعة، وخروجاً على ما وافق عليه الرسول وأقره. سادساً: «لطم الخدود والصدور»، ويسمى «التطبير»، وهى بدعة من بدع الشيعة كما يراها أهل السنة. هذه هى الخلافات التى دعت أولاد العمومة إلى الاقتتال مئات السنين. ولو أنفق الأهل من الاثنين أو المذهبين ما تيسّر من أموال التسليح والاقتتال فى تقريب وجهات النظر، وسد الثغرات ومنافذ الخلاف، لنجا المسلمون من ويلات الحرب التى ينشرها المتطرفون من المذهبين، فإذا ظهر من الدعاة من يقوم بهذا العمل كالشيخ نشأت زارع فلا يجب محاربته ومطاردته.. نحن فى مرحلة الاحتلال الوهابى، فإذا أزحناه يوماً من بلادنا وتحررنا من هذا التتار، عاد السلام والسكينة إلى بلادنا، فلم نكن يوماً جزءاً من خلاف بين أولاد بنى هاشم من ناحية وأولاد بنى شمس «بنى أمية» من ناحية أخرى، حتى ندفع كل هذا الدم. ارفعوا أيديكم عن نشأت زارع وغيره الكثير.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع