بقلم: مجدي المصري
استبشر الأقباط المقيمون خارج مصر وداخل مصر، ككل المصريين، خيرًا بثورة التحرير وسقوط كثيرين من رؤوس الفساد مع سقوط نظام الرئيس المخلوع "حسني مبارك" الذي طالما أُتهم بزرع الفتنة، وبأن النظام كان وراء كثير من الحوادث الإجرامية التي اُرتكبت ضد الأقباط، والتي دفع ثمنها الفادح الأقباط من شهداء ومصابين ومشوهين، غير ما حُرق ونُهب ودمِّر من أملاك خاصة ومن كنائس وأديرة. استبشر الجميع خيرًا وقلنا هيا بنا نبدأ صفحة جديدة، فمصر تحتاج كل ساعد وكل قلب وكل قرش، فمصر قد فقدت من أجل التغيير الكثير والكثير من أجل الثورة، ثورة الشعب كله، الشهداء مسلمون ومسيحيون، الضحايا مسلمون ومسيحيون، الثوار مسلمون ومسيحيون، ويأتي الجيش المصري بشموخ بضباطه وجنوده الشرفاء، ينزل وتلتحم أجساد شرفاء الثورة بدبابات وجنود الجيش في أرض ميدان "التحرير"، لترتفع رؤوسنا بعظمة انتمائنا لشعب صنع حضارة من أكثر من تسعة آلاف سنة، وسمونا بأحلامنا إلى السماء.
وبدأنا كأقباط نفكر كيف نساعد مصر؟ كيف نصبح سفراء لمصر؟ كيف نجعل من أحلامنا أن تعود مصر كوكب الشرق؟ وتعود عاصمة النور والحرية نمر اقتصادي قوي؟! وبدأنا بإعداد دراسة الأفكار والطرق وكيف نستثمر علاقاتنا السياسية والاقتصادية لأجل شعب مصر.
نقوم بتنظيم رحلات مخفضة أو نقوم بدفع حتى لو جزء من ثمن الرحلة، لنُرجع الشعور بالأمن للسائح ليعود. فمصاحبة القبطي المسيحي لفوج أو فوجين للسائحين يرفع درجة الأمان للسياحة، وبالتالي يعود بجزء ليس بقليل من العملة الصعبة.
نعقد ورش عمل لنصنع شراكة مع بنوك أو رجال أعمال غربين، فمجرد دخولنا في شراكة لمشروعات داخل مصر يعني اطمئنان رؤوس تلك الأموال للاستثمار في مصر.
نشجِّع شراء العقارات والأسهم والسندات لرفع قيمة البورصة وإنعاش الاقتصاد المصري، فمجرد كلام الأقباط عن أنهم يملكون عقارات أو أصول ثابتة يعني أن الأقباط بدأت تعود إلى قلوبهم الهدوء والطمأنينة.
وبدأت الأفكار تتوالى وتتبلور وتأخذ طريقها للعمل والتنفيذ، وشعرنا أننا كما قالوا لنا "أنتم مقياس أمان الاستثمار في مصر، إذا استثمرتم في مصر دولار سنتثمر مائة دولار". وبدأنا نحلم ونعمل وظهرت مشكلة مياة النيل في "أثيوبيا"، ونحن نستطيع توظيف علاقتنا لخدمة مصر وكل المصريين.
وفجأة بدأت الأحداث شيئًا فشيئًا تتهاوى بأحلامنا، وبدأت الأخبار تأتي من "مصر"- الجيش يستخدم الذخيرة الحية وقذائف أر بي جي والمصفحات لهدم سور أقيم في ظل غياب أمني.. لم نصدِّق ولكن تأتي الصور والأفلام معركة حربية جيش مسلح ضد مدنيين عزل هل هذا يحدث في مصر أم في فلسطين؟؟؟؟؟؟؟؟؟
- هدم كنيسة صول بأطفيح.
- إحراق منزل المواطن "أيمن أنور ديمتري" وقطع أذنه في "قنا".
- ذبح قبطي في "سوهاج" وإلقائه من الدور الثالث من قبل الجماعات السلفية.
- منع الأقباط من الصلاة في كنيسة بحي "إمبابة".
- "قنا" ومنع تعيين محافظ مسيحي وقطع السكك الحديدية.
- احتلال كنيسة قرية القمادير، ومنع المسيحيين من الصلاة.
- حرق منازل ومتاجر الأقباط في "أبو قرقاص".
- "المنيا" دير مواس فرض الإتاوات والاستيلاء علي أراضيهم.
- المقطم وضرب الأقباط قتلى وجرحى وإتهامات باستخدام أسلحة الجيش المصري.
- استخدام الهروات والصواعق الكهربائية ضد الأقباط في "ماسبيرو".
- أحداث "إمبابة".. حرق 3 كنائس، 14 شهيد، وأكثر من (250) مصاب.
وبدأت تنهال الأسئلة: هل أنتم مصرّون وواثقون أن "مصر" آمنة؟
كنا أمام أمرين؛ نحن نشعر بالقلق، وبدأنا نعيد حسباتنا، نقف وننتظر ونحلِّل تصرفات الجيش والحكومة التي مازلنا نحتفظ برصيد من الثقة، رغم الأحداث التي أنقصت كثير من الرصيد لدينا، ولكنه مازال موجودًا ولم يصل بعد إلى الصفر. ولكن إلى متى يظل هذا الرصيد صامدًا رغم تناقصه بسرعة؟ ماذا نقول لشركائنا في الخارج؟ هل نغامر برصيدنا الكبير جدًا من مصداقيتنا لديهم وننكر مخاوفنا وقلقنا رغم كل الأحداث المخيفة الموجودة على الأرض؟
الإجابة سنتركها لجيش "مصر" ولحكومة "مصر" ولشعب "مصر". هل ننقذ "مصر" كأقباط مصريين نقيم بالخارج؟ أم نترك "مصر" لأناس سيقودون "مصر" حتمًا إلى الهاوية، ثم نندم بعد فوات الأوان؟!! ليت الإجابة لا تتأخر على الأقباط، فالعالم في انتظار موقف ومشاعر الأقباط التي لن تنتظر إلى مالا نهاية جلسات عرفية أو تقبيل اللحي لتقول إجاباتها!