الأقباط متحدون - فى ذكرى مصلح عظيم
  • ٠٥:١٦
  • الجمعة , ٩ مارس ٢٠١٨
English version

فى ذكرى مصلح عظيم

مقالات مختارة | بقلم نيوتن

٥٥: ٠١ م +02:00 EET

الجمعة ٩ مارس ٢٠١٨

نيوتن
نيوتن

(عزيزى نيوتن...

يحتفل المصريون فى 9 مارس بذكرى مرور 47 عاماً على رحيل مصلح عظيم. هو البابا كيرلس السادس البطريرك 116. عاش حياته مقتنعاً ومجسداً لقيمة نسكيةـ فلسفية مفادها: (أيهما أفضل حياة البر والقداسة والسعادة الحقة، أم حياة الشقاء والكد والتعب فيما لا ينفع. وماذا يفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه، أو ماذا يعطى فداء نفسه؟). فى صباح 27 يوليو سنة 1927 توجه للرهبنة فى دير البراموس بوادى النطرون، وفى يوم 25 فبراير سنة 1928 تمت رهبنته بالدير ودعوا اسمه «مينا البراموسى» إذ إن ذلك اليوم كان يوافق شهادة «مينا الراهب» فى القرن السابع الميلادى. ومنذ ذلك الوقت وضع لنفسه قانوناً التزم به طوال حياته: (أن يحب الكل، وهو بعيد عن الكل).

وتمر الأيام ويشاء الله أن يختار الراهب المتوحد مينا البراموسى ليجلس على الكرسى المرقسى فى 10 مايو 1959 فكان يوما ذا رنين خاص. بدأ عمله البابوى بإعادة إحياء مدينة القديس مينا الأثرية بمريوط. والتى يعود تاريخها إلى القرن الرابع الميلادى، وكانت- حتى القرن التاسع الميلادى- محجاً مسيحياً عالمياً، فكشف بذلك عن صفحة مجيدة فى تاريخ كنيسة الإسكندرية. وعندما أيقن أن كنائس أفريقيا ستتلفت نحو كنيسة الإسكندرية بدأ بإنشاء كاتدرائية كبرى تتفق ومركز مصر المرموق فى العصر الحديث، وحضر حفل وضع حجر أساسها الرئيس جمال عبدالناصر فى يوم السبت 24 يوليو 1965، ثم فى يوم الثلاثاء 25 يونيو 1968 قام الرئيس جمال عبدالناصر بافتتاحها فى حضور جميع ممثلى العالم، فى مشهد رائع يليق بمكانة مصر ومكانة كنيسة الإسكندرية بين بقية كنائس العالم.

كان كل ما يهم البابا كيرلس السادس هو تحصين شعبه بالصلاة بعيداً عن الفلسفات الهدامة، وأن يوطد العلاقة بين أبناء الشعب الواحد، فكم كانت هناك علاقات متميزة بينه وبين جميع رجال الدين الإسلامى وبرؤساء الطوائف المسيحية الأخرى، دون الدخول فى مناقشات عقائدية وفلسفية تؤدى إلى الخصومات. كان يؤمن أنه لو أقمنا مصنعاً بمائتى جنيه وألحقنا به عشرة عمال يتمتعون بالضمير الحى الطاهر، مخلصين لله والوطن، فإن إنتاج هذا المصنع سيفوق بكثير إنتاج مصنع آخر تكلف الكثير والكثير. فكان يحرص على تعليم أبنائه فى الكنيسة معرفة الله وحب الوطن ومعنى الأخوة الحقة.

عاش حياته مسنوداً بنعمة الله. فى 9 مارس 1971 رحل البابا العظيم، وكان الوداع أسطورياً من الأقباط والمسلمين والمسؤولين. وتشهد جريدة «الأهرام» أنه يومياً كانت الجريدة تفتح صفحات تعازى فى البابا استمرت أربعين يوماً متواصلاً حتى إن كثيرا من مدارس القطر قدمت تعازيها. إنه بالحقيقة صفحة مشرقة من تاريخ الوطن والكنيسة أيضاً. فهو علم مهم من معالم الحياة المصرية وجزء لا يتجزأ من تاريخها الطويل المُشّرف. وهكذا كمُلت أيام رحلة غربته على الأرض التى امتدت من 2 أغسطس 1902 حتى يوم الثلاثاء 9 مارس 1971. إن سجله الرائع نقدمه لأبناء مصر، وفاءً لصاحب الذكرى وتكريماً لصفحة ناصعة من تاريخ مصر.

د. مينا بديع عبدالملك- أستاذ رياضيات متفرغ بهندسة الإسكندرية).

نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع