السلفيون اليوم فى نكد عظيم!
مقالات مختارة | بقلم حمدي رزق
الجمعة ٩ مارس ٢٠١٨
واختتم الأمير محمد بن سلمان كلمته قائلا: «نحب نؤكد تعاوننا الدائم معكم، نظرًا لمكانتكم التاريخية». لافت زيارة ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان التاريخية لمقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ولقائه مع قداسة البابا تواضروس الثانى.
ولى العهد السعودى وبشجاعة يستحث الخطى نحو إقامة علاقة طبيعية مع المسيحيين عامة، ومسيحيى مصر خاصة، ولى العهد يفكك عقدة تاريخية استحكمت وبُنيت عليها جبال من فقه الكراهية، ونسج منها السلفيون رداء يخفون فيه أباطيلهم المنسوبة زوراً وبهتاناً إلى الإسلام، والإسلام منها براء.
قطع ولى العهد زعم كل خطيب، وسجل فى الكاتدرائية المرقسية قولته التاريخية: «إن الأقباط غاليين على كل مسلمى العالم»، مشيداً بالدور الوطنى للكنيسة المصرية: «المسلمون يجب أن يعرفوا ذلك الدور الوطنى الذى تحملته الكنيسة من أذى، نعزيكم فى شهدائكم الغاليين علينا وعلى مصر والعرب والعالم».
غبّر ولى العهد قدميه بتراب الكنيسة المرقسية، وأزاح عن كاهل المملكة أثقال عقود حمّلت المملكة وعلماءها وزر فقه كراهية المسيحيين التى نُسبت مرجعياً إلى المذهب الوهابى، واستند هؤلاء المرجفون إلى فتاوى صدرت فى بلاد الحرمين فى أزمنة غابرة تحض على كراهية المسيحيين وترسمهم كفاراً، وتقطع صلة الرحم بين المسلمين والمسيحيين.
لنا فيهم ذمة ورحم، ذكّرهم الأمير بسماحة نبى الإسلام محمد، عليه الصلاة والسلام: فاستوصوا بالقبط خيرا، وتزوج من السيدة مارية القبطية المصرية، والفاروق عمر بن الخطاب صلى بجانب الكنيسة حتى لا تتحول إلى مسجد، وكل هذه شواهد تاريخية للتعايش والتراحم والتآزر، هكذا طفق يذكر ولى العهد من نسى أو تناسى أو استكره.
ولا عزاء للسلفيين، السلفيون اليوم فى نكد عظيم، الرئيس السيسى ألقى بفقههم الكريه خلف ظهره وسعى إلى الكاتدرائية فى عيد الميلاد، مهنئاً مباركاً موصياً بالمحبة، وها هو ولى العهد يجتاز بحر الكراهية وصولاً إلى الكاتدرائية فى مشوار محبة، وليت البابا تواضروس يتذكر دعوة ولى العهد إلى قداس عيد الميلاد المقبل علينا بكل الخير، ستكون زيارة منيرة مفعمة بالحب والإخاء، يا لها من صورة زاهية ورئيس كل المصريين يصطحب ولى عهد بلاد الحرمين الشريفين فى قداس الافتتاح الرسمى للكاتدرائية الكبيرة فى العاصمة الجديدة، سيكون حديث العالم، يرسمان وثالثهما البابا تواضروس صورة لعناق الأديان على أرض الأديان جميعاً.
الأمير محمد قادم لتغيير وجه بلاد الحرمين، جبّت زيارته للكاتدرائية والأزهر الشريف ما دونها من إحن ومحن تخلفت عن السنوات السبع العجاف التى أعقبت زلزال ثورات الربيع العربى الذى استحله الإخوان والسلفيون ليتولوا مقود قيادة العالم العربى ولىّ عنق التاريخ والجغرافيا لصالح مشروع الخلافة الإخوانية الذى وضع خطته الوالى العثمانلى قردوجان من إستنبول، تخيل يا مؤمن عودة الخط الهمايونى ليحكم المسيحيين فى المشرق العربى!.
صورة ولى العهد فى الكاتدرائية جالساً إلى قداسة البابا تواضروس تظللهما صورة العذراء الحانية، وقبلها صورة استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولى العهد لبطريرك الموارنة اللبنانيين «مار بشارة بطرس الراعى» فى الرياض، تؤشر على نقلة تاريخية فى سياق المملكة السعودية لا تخطئها عين مراقب.
نقلا عن المصري اليوم