حرب الشوارع وكنيسة عين شمس 19 مايو 2011م
بقلم: د. ماجد عزت إسرائيل
حي "عين شمس" يشكِّل جزءًا من مدينة "هليوبوليس" القديمة (أون)، كما جاء ذكرها في الكتاب المقدس، واسمها المدنى "بير– رع" أي معبد أو بيت أو مدينة الشمس، واسمها القبطى"فري" بمعنى مدينة الشمس، وهو الأصل في تسميتها باليونانية "هليوبوليس"، وهو يتبع مدينة القاهرة (عاصمة مصر منذ عهد الفاطمين)، ويوجد به العديد من الآثار التي تعود إلى العصور الفرعونية القديمة. ولمكانتها التاريخية أُطلق اسم "عين شمس" على ثالث أقدم جامعة مصرية وهي جامعة "عين شمس"، وهذا ما دفع البارون البلجيكى "إدوارد إمبان" ليقيم مشروعاته الاستثمارية بها في ديسمبر 1894م.
وينقسم حي "عين شمس" إلى قسمـين، هما "عين شمس الشرقية"، و"عين شمس الغربية"، ويفصل بينهما خط سكك حديد "القاهرة – السويس" وخط مترو الأنفاق (المرج - حلوان)، وتقع منطقة "عين شمس" في شرق "القاهرة"، وتطل على "مصر الجديدة" و"المطرية" و"مدينة السلام"، وتتبع "عين شمس الغربية" حي "المطرية".
وحي "عين شمس" الشرقية، أكثر تخطيطًا وتنظيمًا، حيث يتميَّز بالشوارع الواسعة التي يصل عرضها ما بين (10-12م)، بل أن بعضها يصل إلى ما بين (30- 40م)، ومن أهمها: "عين شمس الشرقية": الشهيد أحمد عصمت، شارع حسن سرور، شارع أدم، وشارع السد العالي، وأحمد إسماعيل، وإبراهيم عبد الرازق، وشارع عين شمس، وشارع صعب صالح، وشارع أحمد عرابي، ومنشية التحرير، وميدان ألف مسكن، كما تتميز المنطقة بتعدد القصور والفيلات والحدائق، ويسكنها طبقات اجتماعية ذات مستوى معيشي مرتفع.
أما "عين شمس الغربية"، فهي منطقة عشوائية، حيث مبانيها غير منظمة، وشوارعها ضيقة، تشبه ما يُعرف باسم (الدرب) أو الشوارع الضيقة، والخدمات الاجتماعية متدنية، ويسكنها بعض الطبقات الاجتماعية ذات مستوى معيشي منخفض، ومعظم سكانها من الحرفيين المهاجرين من شتى محافظات "مصر" (الهجرة من الريف إلى المدن)، وتنتشر بينهم الأمية.
على أية حال، شهدت "عين شمس الغربية"- وبالتحديد شارع "الأربعين" بمنطقة "التوفيقية"- أشهر حرب شوارع في تاريخ "مصر" المعاصر، دارت راحها ما بين بعض المسلمين والأقباط القاطنين المنطقة، وترجع أسبابها إلى أن الحكومة المصرية تعهدت لمعتصمي ميدان "ماسبيرو" بتلبية بعض متطلباتهم المتاحة في الوقت الحالي، والتي كان من ضمنها افتتاح (16) كنيسة من جملة (52) كنيسة كان قد تم إغلاقها منذ النظام السابق (1981-2011م)، وكنيسة السيدة العذراء والأنبا إبرام بذات المنطقة كانت ضمن أول ثلاث كنائس يتم افتتحاحها كشرط لفض الاعتصام.
وهذه الكنيسة يرجع تاريخ إنشائها إلى عام 2005م، وكانت في الأصل مصنعًا، تم شرائه وبنائها خمسة أدوار في سرية تامة؛ لصعوبة الحصول على تصاريح لبناء الكنائس في "مصر" بصفة عامة إلا بقرار من رئيس الجمهورية، وقامت أول صلاة قداس بها في 23 نوفمبر 2008م، وبعد انتشار خبر افتتاحها، قامت مظاهرة كبرى من جانب بعض المسلمين القاطنين بالمنطقة لرفضهم وجودها، وبالفعل صدر قرار من الأمن (وزارة الداخلية) في ذات التاريخ بإغلاقها، وتم إنشاء جامع قريب منها بذات المكان في وقت قصير.
اليوم الموافق 19 مايو 2011م، وبمجرد ما نقلت وسائل الإعلام نبأ إعادة افتتاح كنيسة السيدة العذراء والأنبا آبرام بمنطقة "الأربعين" بـ"عين شمس الغربية"، إلا وذهب بعض الأقباط من الشيوخ والنساء والشباب القاطنين بالمنطقة إلى الكنيسة فرحين متهللين بهذا الخبر السار، وفى ذات اللحظة تجمع بعض المسلمين رافضين افتتاحها، وهنا حدث احتكاك بين بعض الشباب المسلمين والأقباط في حرب عُرفت في التاريخ باسم حرب "الشوارع"، كان سلاحها الأول هو الطوب.
وعلى وجه السرعة، تدخَّلت قواتنا المسلحة لإعادة الهدوء والسكينة والأمن للمنطقة، فقامت بفض الاشتباك في الشوارع المجاورة حول الكنيسة، وخاصة بعد القبض على مثيري الشغب وتقديمهم للمحاكمة العسكرية العاجلة.
خلاصة القول: ندعو الجميع إلى تحكيم العقل والمنطق والتحلي بالوطنية، والدعوة للمحبة والسلام، ومساندة قواتنا المسلحة ورجال الداخلية؛ لحفظ الأمن لمصرنا العزيزة، وخاصة في هذه الأيام الفارقة في تاريخنا المعاصر.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :