رِفقًا بذوي الاحتياجات الخاصّة
زهير دعيم
الاثنين ١٩ مارس ٢٠١٨
بقلم : زهير دعيم
تذمّر أحد الشّباب وهو يجلس على مقعد في حديقة جميلة عامّة قائلًا :
" لماذا أنا بالذات وُلدتُ في عائلة فقيرة ؟ لماذا أنا بالذات أسير حافيًا أو أكاد ، فحذائي أكل الدّهر عليه وشرب وهو يكاد يظهر من قدميَّ أكثر ممّا يستر ، في حين غيري يسير متبخترًا بأجمل وأغلى الاحذية ومن أروع الماركات العالميّة ؟.... لماذا قل أكاد أنفلق !!.
وما كادأن يتمّ جملته حتى رأى أمامه شابًا بمثل عمره يركب ظهر كرسيّ آليٍّ متحرك وهو بلا رجلين والبسمة تلوّن مُحيّاه ، وعيناه تجولان بفرح في الطبيعة الفائرة بالحياة.
فاستدرك صاحبنا بعد هذا المشهد المؤثّر قائلًا : أعذرني يا ربّ .. أعذرني أرجوك فقد تسرّعت بالحكم والشّكوى.
كثيرون هم في مجتمعنا من ذوي الاحتياجات الخاصّة ، الذين يُحبّون الحياة ويرونها زاهيّة ترفل بالحياة، وأن لا دخل لهم بهذا النقص فقد وُلدوا هكذا ..
نعم يرون الحياة زاهية ، وكان ألأجدر بنا أن نراها نحن كذلك وأكثر، فنرسمها قصيدة جميلة نُردّدها على نوافذ الفجر .
والاجمل والاحلى أن نلتفت من خلال هذا الامل الى هؤلاء البشر الذين حرمهم القدر الكثير من نعمه دون إثم ارتكبوه.
"وَفِيمَا هُوَ مُجْتَازٌ( يسوع ) رَأَى إِنْسَانًا أَعْمَى مُنْذُ وِلاَدَتِهِ،
فَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، مَنْ أَخْطَأَ: هذَا أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟».
أَجَابَ يَسُوعُ: «لاَ هذَا أَخْطَأَ وَلاَ أَبَوَاهُ، لكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللهِ فِيهِ.".
فهناك من فقد البصر او وُلِدَ أعمى وهناك من لا يسمع ، وهناك من جاء الى الحياة متوّحدًّا وضعيف العقل، وهناك من جاء مُقعدًا ، محدودبًا ، عاثرًا والقائمة تطول.
مثل هؤلاء حريّ بنا أن نمدّ لهم يد العون ، ونلتفت بين حين وآخَر الى جمعياتهم وعوائلهم فلا نبخل بمدّ يد العون الماديّ ، فهذة الجمعيّات والقائمون عليها من قُماش آخَر مختلف ، مُضحٍّ ؛ يُضحّون من أوقاتهم في سبيل رسم البسمة على افواه المحرومين ، فيُعوّضون النقص بالحنان والمعاملة الحسنة والفعاليات الجميلة واللّمة الأجمل والرحلات البديعة.
لا انكر ان مجتمعنا ما زال جميلًا يعيش الدفء الأسريّ والشعور مع الغير ، ورغم ذلك أجد حاجة أن أحثّ أصحاب الاموال والمصالح والسلطات المحليّة أن تلتفت بل أن تشارك وتبادر الى تكريم هنا ،ومساعدات هناك، واحتفالات هنالك ،حتى ندخل البهجة والسرور الى هذه القلوب الكسيرة والعيون الدامعة.
فالتبرّع لبيوت الله أمر جميل وواجب ولكنه ليس بأفضل من التبرّع لمثل هذه الجمعيّات وهؤلاء البشر فهم هم " المساكين بالرّوح" الذين نحبّهم وتحبّهم السّماء.
ويبقى الامر المعنويّ ضروريًا ، فالدعم الماديّ جيّد ومثمر ، أمّا النَّظر الى هؤلاء " بمستوى العينيْن" ، فيبقى له الأثر الجميل الذي يطبع نفس هذا الانسان بالامل والرّجاء والتفاؤل وحُبّ الحياة، بعكس النظرة الاستعلائيّة التي قد تُحطم النفس شرّ تحطيم.