بقلم: مايكل مجدي
كنت قد تناول مقال بنفس العنوان قبل الثورة، ولا تستغرب من أتساع الفجة بين مقالي هذا والجزء الأول له، فأنا لم أكن أنتوى كتابة جزء ثاني له لفهمي الخاطئ عن أن ربما يتعظ الإنسان ويتعلم من أخطاء غيره، ولكن هذا ما لم يحدث.

كتبت سابقاً مقال وتم نشره على موقعنا الرائع الأقباط متحدون بنفس العنوان بتاريخ السبت 15 يناير 2011 أي قبل ثورة 25 يناير بعشرة أيام، ويمكن الرجوع للمقال السابق في أرشيف الموقع أو على الرابط الموجود بالأسفل، وكان محور حديثي في المقال المذكور هو مفهوم مسيحيي اليوم الخاطئ عن الله بأنه إله السلام والحب فقط متجاهلين عدله وقصاصه برغم أنه لا يدعونا للانتقام لأنفسنا، ولكنه فنفس الوقت لا يترك العالم يدور لحاله يأكل فيه القوى الضعيف ويقف سبحانه بلا فصل أو تدخل، وأريد أن أنبه وبشده على أن ذلك ليس دعوة للثأر أو الانتقام ولا كتابنا المقدس يقول ذلك ، ولكن لندرك أنه فوق العالي عالي والأعلى فوقهما يراقب، وأريد الاستشهاد بآيتين من الكتاب المقدس لتأكيد قولي " الرب مجري العدل والقضاء لجميع المظلومين. " مزمور 103: 6 ، " الشر يميت الشرير ومبغضو الصدّيق يعاقبون" مزمور 34: 21 ، وكما نرى الآيات واضحة كالشمس ولا تحتاج تفسير ولا تحتمل تأويل.


وقد أشرت لبعض لمحات التاريخ التي تصور اضطهاد المسيحيين في عصور متنوعة مع بداية المسيحية مثل اضطهاد "نيرون" للمسيحيين بالتعذيب والقتل حتى أيامنا المعاصرة، وقد تطرقت بالحديث إلى حادث "الكشح" و"نجع حمادي" حتى وصلت إلى حادث كنيسة القديسين بـ"الإسكندرية"، ولا أبالغ إن قلت أن من بين الفرضيات التي توقعتها عن الجناة أنهم من المتهمين الآن في هذه القضية، ولكن شدة الصدمة جعلتني أفكر في كل الاتجاهات.

ولكن سبب إعادة كتابتي في نفس الموضوع، هو أن العقلية الحجرية العقيمة التي لم تتعلم من التاريخ، تكرر نفس الأخطاء وتمد يدها على شعب الله، وأشعر بفخر وأنا أكتب تعبير شعب الله ومشاعري تفوق الكلمات التي تستخدم لمغازلة مسامع باقي الأمم التي تقول أنها تتبع نفس الإله، ولن أناقش عقيدة الآخر، ولكنى أحذر كل من يتجاسر على مقاومة الله العلىّ سبحانه له القدرة والقوة والسلطان على كل المخلوقات، وأهمس في أذن القارئ باطمئناني لأننا كمسيحيين عندما نتحدث عن حماية الرب لنا ويده القديرة، لا نحصر عمل الله سبحانه فالتحركات البشرية الأرضية تحت مسمى التكليفات الإلهية ولكن بالفعل نترك يده القدير ولا نتدخل وذلك في رأيي هو الإيمان، فما أسهل أن أقول هكذا يقول الله ثم أرتكب أي جريمة وينتهي الموضوع على ذلك، ولكن ما أصعب أن يصلى المسيحيين صلاة فتتحرك قوى السماوات !!!

والآن نحن أمام عدوان صريح في كل أرجاء المحروسة، عنصرية في "قنا" وهدم كنيسة "اطفيح" وتهجير الشعب المسيحي من البلد، وعدوان على بيوت مسيحيين في "أبو قرقاص"، واعتداء مسلح على كنيسة مارمينا بإمبابة ثم اقتحام لبيوت المسيحيين المجاورة للكنيسة، وانتهاك حرمتها وراح ضحيته الحدث قتلى وجرحى ومشردين وفى خلال دقائق، تنتقل النيران لكنيسة العذراء في نفس الحي وتقتحم بغوغائيه متوحشة ترهب عجوز وتذبح آخر لعدم قوله للشهادتين !!! وعندما قال المسيحيين الآه من شده الألم لاقوهم بقنابل الملوتوف والرصاص الحي في ماسبيرو !!! وللتنبه أن وقفة ماسبيرو الاحتجاجية هذه تصور الموقف المسيحي الصريح، حيث نرى شجاعة المسيح في التعبير عن الحق وعدم مجاملة الظلم وتزييف الحقائق مسيحنا ليس ضعيف، ولم يعلمنا الخوف وكان رد فعل المسيحيين مسالم ولم يردوا الهجوم بهجوم على أي مسلم أو مسجد وحتى عندما اعتدوا عليهم في ماسبيرو، رفع المسيحيين شعار رفض التدخل الأجنبي في القضية المسيحية في مصر!!! أليس هذه فرصة سانحة لتدويل القضية ؟!؟ لكن هذا هو الإيمان المسيحي بأن لا نعتمد على القوة الأرضية ولا ننتقم لكن لنا إله يجازى المعتدى فعل وسيفعل ، ولنا إله يحامى عننا وهو بنفسه قالها لنا ونحن نطيع وهو لم يرجع عن وعده بالحماية أبداً بل يحمى ويعوض بالأضعاف عن كل خسارة، وعن المعتديين يقول البعض فلول النظام السابق ويقول البعض الآخر جماعات متطرفة، ويقول البعض أيادي خارجية من دول مجاورة أو بعيدة، وأنا بحق لا أريد أن اُجزم عن هوية المعتدين ولكن صلاتي القلبية أن لا تتسع دائرة الاعتداء من أفراد إلى شعب، فكلى يقين أن وجود الشعب المسيحي في مصر هو سبب بركة لها.

وربما نرى في الأيام القادم بطش يد العدل الحديدية على كل من اعتدى على مسيحي مسالم في بيته أو كنيسته، وكل بنت تُحرش بها أو اُختطفت واُغتصبت وشُهر بها فقط لكونها مسيحية، وكل فتاة تم التغرير بها لتغير دينها ، أقول هذا وقلبي يعتصر ألم لكن يقطر من العصر محبه للآخر، لأنه هكذا علمنا سيدنا وإلهنا وهكذا فعل السيد المسيح أمام عيوننا نحن من تبعناه، من هنا أطلق صيحة تحذير لكل من يخطط أو ينفذ بأي اعتداء على كل من دعي عليهم اسم المسيح بأن يخشى الله ويحترس لنفسه ولبيته وأولاده، لأن الرب يقول في الكتاب المقدس "من يمسكم يمس حدقة عينه" وعينه عائده على عين المعتدى، بكل جوارحي أصلى لبركة وسلام بلدنا بكل شخص فيها مهما كان معتقده أو دينه، لننعم بالأمن والسلام فالله الذي أعرفه هو إله السلام ومن يدعوا للعنف هو شخص آخر غيره.

لقراءة المقال السابق أنـــقـــر هنــــا