الأقباط متحدون - فتنة «الحياة الطبيعية» بين المتزوجين الأقباط تتجدد مع بدء «الصوم الكبير»
  • ١٠:٢١
  • الثلاثاء , ٢٠ مارس ٢٠١٨
English version

فتنة «الحياة الطبيعية» بين المتزوجين الأقباط تتجدد مع بدء «الصوم الكبير»

٣٧: ٠٨ م +02:00 EET

الثلاثاء ٢٠ مارس ٢٠١٨

صوره_أرشيفية
صوره_أرشيفية

 - الرافضون: تخالف قدسية العبادة.. والمؤيدون: التحريم احتقار للجسد

 
تنظر الكنيسة للعلاقة الجسدية بين الأزواج كأحد الدلائل على المحبة، وفى الإنجيل يخاطب الرسول بولس أهل «أفسس» قائلًا: «أيها الرِجال، أَحِبوا نساءكم كَما أَحب المسيح أَيْضًا الْكَنيسةَ وأسلَم نفسه لأَجلِها».
 
ورغم أن الكنيسة تعتبر تلك العلاقة «مقدسة» فى كل أحوالها، إلا أن جدلًا يثار كل سنة مع بدء فترة «الصوم الكبير»، الذى يستمر نحو ٥٠ يومًا قبل عيد القيامة، يتمثل فى «جواز» العلاقة الحميمية فى فترة الصوم من عدمه.
 
ويميل آباء القرون الأولى للمسيحية إلى الأخذ برأى تجنب ممارسة العلاقة الحميمية بين الأزواج خلال فترة الصوم، كنوع من التدريب الجسدى على ترك كل ما تشتهيه وتذهب إليه النفس، لكن هذا الرأى لا يلقى قبولًا لدى الكنيسة الإنجيلية، التى تعتبر الامتناع عن تلك العلاقة «خطية». 
 
«الأرثوذكسية»: يجوز بإذن من الكاهن.. و«الإنجيلية»: ترك زوجتك «خطية»
 
رأى الأنبا بسنتى، أسقف حلوان والمعصرة للأقباط الأرثوذكس عضو المجمع المقدس للكنيسة، أن الأصل هو امتناع المسيحيين المتزوجين عن ممارسة العلاقة الزوجية خلال أيام «الصوم الكبير»، لكنه عاد ليؤكد أن الكنيسة تهتم بـ«احتياجات البشر»، مقترحًا على من لديه الرغبة فى ممارسة العلاقة الجسدية أثناء فترة الصوم، اللجوء إلى «أب الاعتراف» وأخذ ما يسمى «الحِل»، أى السماح بممارسة العلاقة وكسر الصوم.
 
فى المقابل، اعتبر الأنبا دانيال، أسقف المعادى للأقباط الأرثوذكس، رئيس المجلس الإكليريكى «فرع القاهرة»- وهو الجهة المنوط بها البت فى قضايا الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس- أنه يمكن ممارسة العلاقة الزوجية خلال الصوم دون الرجوع للكاهن أو الحصول على إذن منه، و«لا عيب أيضًا فيمن يرجع لأب اعترافه الذى يتابع معه حالته الروحية».
 
وقال إن الفطر الذى يتعرض له ممارس العلاقة الحميمية هو فطر عن الصوم الانقطاعى فقط، أى كأنه لم يمتنع عن الطعام لمدة، مضيفًا: «لكن لا يُحسب أنه خرج عن الصوم نهائيًا مثل من يأكل اللحم أو يشرب الألبان». وعلى عكس الرأى السائد فى الكنيسة الأرثوذكسية، لم يلق الأمر قبولًا لدى نظيرتها الإنجيلية، التى تعتبر الامتناع عن ممارسة العلاقة الزوجية بدافع الصوم هو «خطية». 
 
وقال القس إكرام لمعى، المتحدث باسم الكنيسة الإنجيلية، لـ«الدستور»: إن «رفض أحد الزوجين ممارسة العلاقة لأسباب تتعلق بالصوم، يعتبر خطية لأنه بذلك يجعل الطرف الآخر يفكر فى علاقات خارج الزواج».
 
من جهته، قال هانى عزت، مؤسس «رابطة منكوبى الأحوال الشخصية»، إن بولس الرسول قال فى رسالته إلى أهل «كورنثوس»: «لا يسلب أحدكم الآخر إلا على اتفاق حتى تتفرغوا للصلاة والصوم». وأضاف: «إذن العلاقة الزوجية هى بين طرفى الزيجة وبرغبتهما باتفاق، وطالما أن الزواج سر مقدس إذن المضجع غير دنس، لكن يفضل طبعا الامتناع عن العلاقة أثناء فترة الصوم الانقطاعى».
 
وتابع: «أما ما يدعيه بعض الأساقفة من ضرورة الرجوع إلى الأب الكاهن لأخذ الإذن قبل الشروع فى ممارسة العلاقة فهو تسلط لا مبرر له»، معتبرًا أنه ليس فى سلطانهم إعطاء الحِل بذلك من عدمه، إلا فى حالة السماح لأطراف بعدم الصوم بسبب سفر أو مرض، لكن غير ذلك فلا يليق أن يتحدثوا فيه.
 
مراجع تاريخية: التلذذ بالجنس يناقض «عفة الصوم».. واتفاق الزوجين «ضرورة»
 
قال الأنبا ساويرس، أسقف الأشمونين، إن الصوم فى المفهوم المسيحى هو تدريب لضبط الجسد عن كافة الشهوات، والرغبات الحسية «النظر واللمس والسمع والشم»، ولذا تدعو الكنيسة إلى عدم التعطر وارتداء الملابس المعثرة والجواهر عند الذهاب إلى بيت الرب.
 
وأضاف، فى مرجع كنسى تاريخى: «تمنع ممارسة العلاقات الزوجية خلال الأصوام المقدسة وأيام القداسات، ولا يجوز التلذذ بالجنس فى تلك الأوقات المباركة»، لأن «العفة المصاحبة للصوم لازمة تمامًا كالامتناع عن الأطعمة اللذيذة». وأشار إلى ما جاء فى الكتاب المقدس: «قدسوا صوما، نادوا باعتكاف ليخرج العريس من مخدعه والعروس من حجلتها» (يؤ ٢: ١٥ – ١٦)، مستدركًا: «لكـــن ينبغى أن يتم ذلك باتفاق الزوجين معًا قبل الصوم، لئلا ينحرف الضعيف أمام إغراء الشهوة، فيسبب خطية لنفسه أو لشريك حياته».
 
واستدل على ذلك بما قاله القديس بولس الرسول: «لكى تتفرغوا للصوم والصلاة، ثم تجتمعوا معًا. لكى لا يجربكم الشيطان بسبب عدم نزاهتكم» (١كو ٧: ١ - ٧)، مضيفًا: «إذا مورست العلاقة الزوجية، يعتبر ذلك اليوم فطرًا لكليهما». وحددت الكنيسة فترات للامتناع عن فراش الزوجية بقصد التفرغ للعبادة، وفق القديس إيرونيموس، الذى يقول: «فليتحرروا أولا فترات قصيرة من قيد الزواج ويتفرغوا للصلاة. وعندما يذوقون حلاوة العفة، سيطلبون دوام تلك المتعة الوقتية (متعة البُعد عن المعاشرة)».
 
وفى ذلك، يقول القديس باسيليوس الكبير، فى قانونه الثلاثين: «شىء خارج عن الزيجة أن يلتصق أحد بفراشه فى الأربعين يوما كلها من أولها إلى آخرها والويل لمن يفعل هذه الخطية فى البصخة المقدسة».
 
وورد عن ذلك فى «المجموع الصفوى» لـ«ابن العسال»: «الأيام المقدسة التى للصوم لا تدنسها، وأيام حيضها ونفاسها لا تقربها، لئلا تصير زيجتك بما لا يجب». وتُمنع المعاشرة الزوجية كذلك فى أيام التقدم للأسرار المقدسة، ومما يؤيد هذا قانون رقم ١٣ للقديس تيموثاوس الكبير، بطريرك الإسكندرية، الذى وجه إليه سؤال فى الامتناع عن المعاشرة الزوجية، فأجاب بأنه ذلك يكون فى «الأيام التى تقدم فيها الذبيحة المقدسة، وأى يوم يتقدم فيه أحد الزوجين إلى السرائر المقدسة»، ويتضمن ذلك أيام الصوم.
الكلمات المتعلقة