بقلم: حكمت حنا
تصور البعض أن بمجرد إلقاء باراك أوباما الرئيس الأمريكي خطابه الأول للعالم الإسلامي بالقاهرة أنه إعلان صريح نابع من ميوله الإسلامية عن رغبته في توطيد علاقته بالدول العربية والإسلامية تحديدًا وسيحقق لهم ما لم يقم الرئيس السابق بتحقيقه، خاصة وأن كل من تولى رئاسة البيت الأبيض على مدار عهد أمريكا لم يكن ذو بشرة سوداء مثل المنقذ الجديد الذي يجلي القوات الأمريكية من العراق ويساعد إيران أن تحقق طموحاتها النووية في المنطقة وإقامة الدولة الفلسطينية وإقامة حدود مع الدولة الإسرائلية في علاقتها بالولايات المتحدة وغيرها من الآمال العربية.
لكن جاء الرئيس -الذي لا يهم أن نطلق عيه اسود أو ابيض البشرة المهم انه سليل السياسة الأمريكية التي تحرص على علاقتها الوثيقة بإسرائيل– بخطابه الدبلوماسي والذي بدأه (بالسلام عليكم)، والذي أخذني للوراء عندما جاء نابليون بونابرت من فرنسا واجتذب المصريين لصفه بإيهامهم أنه ما جاء إلا ليخلصهم من ظلم المماليك الذين يستنزفون ثروات مصر ويظلمون أهلها، وعبر عن ذلك في منشور موضحًا أنه يعبد الله ويحترم نبيه والقرآن، وبعده حدث ما يعلمه الكل في واقعة الأزهر وغيرها من الأحداث التي سجلها التاريخ.
وأنا لا أتهم أوباما أنه سيفعل مع الدول الإسلامية مثلما فعل بونابرت مع المصريين، لكن أريد أن أوضح أن الكلام الحريري يستطيع جذب النفوس (المتنفسنة) خاصة إذا كان الخطاب يتخلله نصوص دينية لتجعل الآخر يثق بك ويكاد ينخدع أنك تدين على نفس ما يعتقده.
فقد استطاع الرئيس الأمريكي بحنكة منه أن يكسب خصوم أمريكا ليكونوا في صفه بعرض آمال وأحلام أراد العرب تحقيقها لكن خذلتهم السياسة الأمريكية، فعندما يؤكد أن الإسلام جزء من أمريكا وليس جزء من العنف نافيًا ما كان يكرره دائمًا جورج بوش لكن يجب أن يساعد الإسلام على حل العنف وكأنه يبدأ صفحة جديدة ليكسب ود الدول الإسلامية.
وما يؤكد علاقة أمريكا الوثيقة بالدولة الإسرائيلية حتى لا تسرح بخيالك في المنقذ الجديد عندما أوضح أنه لا يمكن تدمير إسرائيل فقد عانت وتعرضت للتعذيب، مؤكدًا محرقة الهولكوست وفقدان 6 مليون يهودي على مدار التاريخ مما يعني أنه لا يوجد أحد يستطيع التعرض لإسرائيل الشقيقة، وفي نفس الوقت ليخفف من حدة إعلانه الصريح للعشق الأمريكي للدولة العبرية أكد أنه لا يقبل شرعية بناء المستوطنات الإسرائيلية وليس من الشجاعة للفلسطينيين أن يقوموا بعمليات تفجيرية، وبشّر العالم بإغلاق معتقل جوانتنامو ورحيل القوات الأمريكية بحلول عام 2012 مع تدريب القوات العراقية وطبعًا على أصول القواعد العسكرية الأمريكية.
ودون الخوض في النقاط التي تطرق لها يمكن القول أنه استطاع أن يجذب العالم الإسلامي له بخطابه الدبلوماسي الناعم ووعوده التي انخدع الكل بإمكانية تحقيقها، والحلم ا لإيراني بتحقيق طموحاتها النووية لكن في إطار معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.
ولم ينس الأقليات الدينية الموجودة سواء في مصر أو في لبنان والشروخ بين السنّة والشيعة ليظهر حقائق معاناة الأقباط والموارنة وغيرهم في إطار خطابه المعسول ضمن أحلام الدول الإسلامية والعربية.
وطمأن المتخوفين من القوة الأمريكية أنها لن تكون الإمبراطورية الإستيطانية القادمة، ومع عرض الأحلام التي هام الحضور والسامعون في العالم كله لها أكد في النهاية أن ذلك لا يمكن تحقيقه بمفرده وليس من السهل تحقيقه، وهي دي السياسة الأمريكية التي طرحها أوباما من خلال خطابه الحريري الذي ليّن العقول المتزمتة لتبدأ صفحة جديدة مع الرئيس الدبلوماسي الجديد ليتفادى ما وقع فيه سابقه.